الأوضاع في السودان على طريق التأزم لا الحل
يبدو أن الأوضاع في السودان آخذة في التردي، فلا تقف الأمور فقط عند الاشتباكات المسلحة والأزمات الإنسانية الكبيرة التي خلفتها، بل من الواضح أن الوضع يتجه إلى مزيد التعقيد.
الموقف في السودان يتجه نحو الحرب الأهلية، ولما لا!، خاصة بعد انتشار مقطع الفيديو الذي يظهر فيه زعماء قبائل عربية في ولاية دارفور (غرب السودان) وهم يدعون أتباعهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو وترك الجيش بزعامة الفريق أول عبدالفتاح البرهان.
هذا الأمر الذي قد يغير من موازين القوى في الحرب الدائرة في البلاد لأشهر عدة، لكن الفرضيات متنوعة والسيناريوهات متناقضة، إلى حد الآن.
هذا التطور الكبير في السودان، قد يدفع البلاد إلى حرب أهلية حقيقية، في حال استجاب أتباع زعماء القبائل، لأنه وفي المقابل سيكون هناك رد فعل مماثل من قبل الجيش وأتباعه أيضا.
ولكن السؤال الأهم هو : هل من شأن القبائل العربية في دارفور أن تغير موازين الحرب الدائرة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع؟.
فقد دعا زعماء أكبر سبع قبائل عربية في المنطقة جميع أفراد قبائلهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع مطالبين خصوصا المنخرطين في صفوف الجيش بتركه للانتقال إلى المعسكر الآخر.
ومن شأن هذه الدعوة أن “تؤدي إلى تقسيم جنوب دارفور إلى عرب وغير عرب كما حدث في الجنينة”، وفقا لعبد المنعم كاديبو وهو صحافي مستقل من دارفور.
كثير من ضباط الجيش ينتمون لنفس قبيلة دقلو
لم يعلن حتى الآن عن أي تمرد لعناصر من الجيش السواني، لكن في جنوب دارفور يشير الجميع إلى أن المسؤول الثاني في عمليات الجيش في نيالا هو جنرال ينتمي إلى قبيلة المسيرية العربية وكذلك الرجل الثاني في عمليات الجيش في ولاية شرق دارفور المجاورة.
كذلك، ينتمي الكثير من ضباط الجيش إلى قبيلة الرزيقات وهي قبيلة دقلو.
على الرغم من هذه المعطيات، يرى آدم مهدي، المحلل السياسي المتخصص في شؤون دارفور، أن القبائل العربية “هي التي تسيطر على جنوب دارفور لأن غالبية السكان ينتمون إليها”.
ويقول إن الجيش قد يجد نفسه في مواجهة جبهة واسعة ومتحدة “يمكنها أن تطرده من جنوب دارفور حيث سقطت بالفعل معظم قواعده”.
ويتابع أن رد الفعل ربما يكون في هذه الحالة “تسليح القبائل الأخرى (المناوئة) لتخوض حربا بالوكالة”.
سيناريو مبالغ فيه؟
لكن مصدرا في الجيش رفض الكشف عن هويته يرى أن هذا السيناريو مبالغ فيه، معتبرا أن قوات الدعم السريع التي سارعت بالترحيب بفيديو زعماء القبائل “تبحث عن فرقعة إعلامية”.
في جنوب دارفور وشرق دارفور حيث تشكل القبائل العربية الغالبية، انضم مقاتلون قبليون بالفعل إلى قوات الدعم السريع، بحسب الكثير من سكان هاتين الولايتين.
وقبل الحرب، كان الطرفان يحاولان استمالة أهالي دارفور، وكان جهاز المخابرات التابع للجيش ينشط لجذب أعضاء من دارفور، وجاء الفيديو الأخير لزعماء القبائل “من أجل قطع الطريق على الجيش وإعلان الولاء بشكل واضح”، وفق مهدي.
ومن شأن انضمام هؤلاء المتطوعين تدعيم قوات الدعم السريع التي لا تعلن عن خسائر ولكنها تتعرض لقصف جوي متواصل من قبل الجيش.
دار قبيلة الـ”فور”
في دارفور التي تعني دار قبيلة الـ”فور”، وهي إثنية غير عربية، ينشر المقاتلون المنتمون للقبائل العربية الرعب منذ زمن طويل. إذ إنهم هاجموا الأقليات غير العربية في العام 2003 بناء على أوامر من الرئيس السوداني السابق عمر البشير.
بعد عشرين سنة على تلك الحرب، يزداد الشرخ توسعا بين الإثنيات العربية وغير العربية.
فيتحدث الكثير من سكان غرب دارفور عن قيام ميليشيا من القبائل العربية بـ “إعدام” مدنيين لمجرد أنهم ينتمون إلى قبيلة المساليت غير العربية.
ويندد الناشطون بحملة اغتيالات تطال أشخاصا من قبيلة المساليت في معقلهم وهو مدينة الجنينة.
انتقلت المعارك الآن إلى جنوب دارفور وخصوصا في العاصمة نيالا، ثانية أكبر مدن السودان.