قيس سعيد انهى مهام رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن رمضان.. وعيّن أحمد الحشاني خلفًا لها
أنهى الرئيس التونسي قيس سعيّد الثلاثاء مهام رئيسة الحكومة التونسية نجلاء بودن، وعيّن أحمد الحشاني خلفا لها دون أن يعطي أي تبرير. فما هي الأسباب والمخاطر على دولة مثقلة بالديون تسعى للحصول على مساعدات أجنبية؟.
ما هي أسباب اعفاء بودن؟
لم يكن الرئيس قيس سعيد راضيا بحسب تقارير إعلامية، عن إدارتها لنقص الدقيق وبالتالي الخبز في المخابز المدعومة من الدولة.
يقول الكاتب حاتم النفطي لفرانس برس أن “هذه الحكومة بأكملها عبارة عن صمامات، المهم بالنسبة للرئيس هو أن لا يتحمل مسؤولية أي خطأ على الاطلاق” منتقدًا “نظامًا يضمن استمراريته من خلال ايجاد كبش فداء: من قضاة وسجناء رأي ومهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى”.
وفقا لخبراء اقتصاد يعود النقص في الخبز الفرنسي (باغيت) المدعوم إلى عدم توفر إمدادات الحبوب لأن الموردين يريدون تلقي مستحقاتهم مسبقا من تونس المثقلة بالديون بنسبة 80% من اجمالي الناتج الداخلي.
منذ سبعينات القرن الماضي، ركزت الدولة على اقتناء العديد من المنتجات الأساسية (الدقيق والزيت والسكر والحليب والمحروقات) لإعادة بيعها بأسعار معقولة في السوق.
وبحسب النفطي، تراجعت شعبية بودن التي تم تعيينها في منصبها في تشرين الاول/أكتوبر 2021 “في أوساط الرئيس” وحتى في صفوف المعارضة لأنها تعتبر “واجهة تساهم في طمأنة الغربيين”.
يرى المحلل السياسي يوسف شريف من مراكز كولومبيا العالمية انه بسبب أزمة الخبز وتدهور الاقتصاد “تدفع الحكومة والمعارضة بالطبع ثمن الغضب الشعبي في حين أن النظام رئاسي بامتياز”.
ويضيف أن تعيين رئيس وزراء جديد قد يساهم في “اثبات أن الرئيس يصغي للمطالب الشعبية”.
سعيّد الذي انتخب ديموقراطيًا في تشرين الاول/اكتوبر 2019 يحتكر كامل السلطات منذ 25 تموز/يوليو 2021 ويتفرّد بحكم البلاد من خلال مراسيم.
ومنذ ذلك الحين أقال ستة وزراء.
ما هي نوايا قيس سعيّد؟
توقع بعض الخبراء تعيين شخصية سياسية لمساعدة الرئيس على التحضير للانتخابات الرئاسية في خريف 2024.
ويضيف النفطي ان رئيس الوزراء الجديد أحمد الحشاني المسؤول السابق في المصرف المركزي التونسي “ليس شخصية سياسية إطلاقا. وهو صديق سابق للرئيس من كلية الحقوق”.
ويوضح أن “لا أهمية” لاسمه أو مسيرته المهنية، فقد تم تعيينه “فقط لتطبيق رغبات الرئيس”.
من جهته يقول المحلل السياسي صلاح الدين جورشي إن “قيس سعيد لا يؤمن باستقلالية الحكومة أو الوزراء”.
وبحسب شريف، من المرجح “عدم تأثر الوزارات السيادية و(أن) يقتصر التغيير على الوزراء الذين واجهوا مشاكل في الأشهر الأخيرة”.
قد يجد وزير الاقتصاد سمير سعيد نفسه في وضع محرج وهو في الخطوط الأمامية في المحادثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بقيمة ملياري دولار.
يضيف النفطي “مع قيس سعيد هما على خطين موازيين لا يلتقيان، سيكون ذلك منطقيا”.
ما العواقب على الصعيد الدولي؟
من الصعب تخيل استمرار المحادثات مع صندوق النقد الدولي الذي يعارض سعيد الاستعانة به باقتراح “إطار مالي عالمي جديد”.
يؤكد قيس سعيد رفضه “لإملاءات” الصندوق التي تتمثل في نظره في رفع الدعم عن المنتجات الأساسية وإعادة هيكلة مئات الشركات العامة المثقلة بالديون، وهما إجراءان اقترحتهما حكومة بودن مقابل الحصول على قرض.
يشير سعيد إلى انه يبحث عن تمويل من مصادر اخرى. وبحسب شريف “يندرج ذلك في خطابه الشعبوي ويساهم في ترسيخ شعبيته”.
فهل ينجح في مسعاه بمساعدة الاوروبيين وبعض الدول العربية مثل السعودية التي أعلنت مؤخرا تقديم قرض وهبة بقيمة 500 مليون دولار.
في منتصف تموز/يوليو أبرم الاتحاد الأوروبي “شراكة استراتيجية” مع تونس تنص على دفع 255 مليون يورو هذا العام منها 150 مليونا كمساهمة مباشرة في الموازنة.
وقد تقدم بروكسل أيضا “مساعدة مالية كلية” بقيمة 900 مليون يورو في المستقبل، من المفترض أن تكون مشروطة بالإصلاحات السياسية واحترام حقوق الإنسان التي تراجعت في البلاد، وفقا لمنظمات غير حكومية.
يقول النفطي “الاهم بالنسبة لأوروبا هو ان يحافظ قيس سعيد على مراقبة حدوده ويضبط المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الكبرى”.
هذه المساعدات بالإضافة إلى الايرادات السياحية وتحويلات المغتربين “ستمنح المالية العامة متنفسا حتى الشتاء” بحسب شريف لكن “هناك حاجة إلى أموال أخرى في المستقبل” وخطر “التخلف عن السداد سيبقى ماثلًا”.