تداعيات الحرائق متواصلة على الفلاحين في تونس في ظل غياب الدعم
تسببت الحرائق التي نشبت في مناطق مختلفة من تونس وأهمها الشمال الغربي في خسائر كبيرة للفلاحين الذين يعتمدون على هذا المجال من أجل توفير لقمة العيش، ورغم الجهود المبذولة في إخماد الحرائق إلا أن بعضها مازال مشتعلاً في طبرقة وقد كانت مراسلة أخبار الآن شاهدة عيان على تصاعد الأدخنة جراء الحرائق في الغابات كما التقت بفلاح تونسي كرس كل حياته من أجل مشروع فلاحي أمن به منذ سنوات.
هذا الفلاح هو برار سالمي، صاحب أول مشروع فلاحي لغراسة المنجا في تونس إلا أن خسارته كانت كبيرة في المجال الذي أحبه وعلق عليه الآمال إذ قضت الحرائق منذ فترة على كل أشجاره.
وصرح الشاب لأخبار الآن: “أنا أول منتج ثمرة المنجا على مستوى تونس والخسائر التي لحقت بي قدرت بـ100 بالمائة إذ احترقت كامل الصابة والخسائر جراء الحريق أعادتني إلى نقطة الصفر، لقد بنيت حياتي كاملة على مشروع المنجا الذي خسرته”.
وأضاف:”رؤية حلمي يحترق أمام عيني مؤلم جداً ولا أستطيع حتى وصفه بالكلمات”.
واستدرك بالقول: “لكني سأحاول في المستقبل إعادة زرع الحقل وإعادته أفضل مما كان عليه”.
كما كشف أن فكرة زرع ثمرة المنجا كانت كتجربة نموذجية مقترحة من وزارة الفلاحة منذ سنة 2009 و بعد إجراء البحث على الانترنت وجد الشاب أن تلك الثمرة تتماشى مع خصائص التربة في منطقته فانطلق في زراعتها.
وقال إن سنة 2016 شهدت اتساعاً في أزمة المناخ الحادة بسقوط الثلوج التي ساهمت في موت عدد من الأشجار لكنه نجح بصعوبة في الحفاظ على عدد 35 شجرة من ثمرة “المنجا”.
وتابع أن أزمة المناخ المتمثلة في تصاعد درجات الحرارة وقوة الريح ساهمت في اندلاع الحريق وانتشاره بشكل لم تتمكن معه لا قوات الجيش الوطني ولا الحماية المدنية ولا المواطنين من إخمادها.
كما أشار إلى أنه هنا على مستوى معتمدية نفزة “هناك حوالي 30 هكتار من الأشجار قد احترقت” مضيفاً: “لم أتلق أي دعم أو تعويض من الدولة التونسية و أطلب من السلطة تسهيل إستيرادي للثمار بقصد إعادة إنتاجها”.
كما رافقت مراسلة أخبار الآن أبرار لمشروعه الفلاحي الثاني الذي احترق هو الآخر والذي كان عبارة عن إقامة فلاحية تستقبل السياح من أجل عيش تجربة السياحة البيئية.
وتمثل الغابات نحو 34 في المائة من مساحة تونس المقدّرة بـ163.610 كيلومترات مربّعة، وتمتدّ أساساً في جهات الشمال الغربي والوسط الغربي، فيما يسكن فيها نحو مليون شخص أمّا قيمتها الاقتصادية فتُقدَّر بنحو 932 مليون دينار تونسي (نحو 310 ملايين دولار أمريكي).
وفي ذات الإطار التقت أخبار الآن فلاحاً وناشطاً بيئياً بالصندوق العالمي للطبيعة، علي فرحاتي الذي تحدث عن أسباب الحرائق قائلاً: “أسباب الحرائق المتتالية مؤخراً يعود إلى الارتفاع الحاصل في درجات الحرارة من 34 إلى 37 وأزمة المناخ إذ تحول موسم القيظ الذي كان يمتد من أربعة إلى سبعة أشهر مع ارتفاع درجات الحرارة بما يقارب العشرة وعدم قدرة إدارة الغابات على إحداث ممرات آمنة للنجاة أثناء الحرائق وضعف إمكانيات فرق الإطفاء التابعة للحماية المدنية”.
كما تحدث الفلاح عن أزمة المياه وأشار لنهر كان يشق القرية: “كان يسقي كل مزروعاتنا ويصل إلى البحيرة حيث السد لكن الآن لم يعد الأمر كذلك وذلك نظراً لندرة التساقطات (الأمطار في الموسم الفارط حوالي 300 مم في السنة مقابل المعدل المعتاد وهو 1500 مم في السنة) وعلينا إذن بترشيد استهلاك المياه ووضع استراتيجية لمضاعفة كميات المياه الموجودة بسدود الشمال الغربي لأننا في طريقنا إلى أزمة كبيرة في شح المياه”.
أما عن الحلول فاقترح الخبير جملة من الحلول للتصدي للحرائق بشكل أفضل: “تنطلق الحلول بالتوعية بأهمية الغابة وتجنب التسيب والإهمال عند انتشار النيران وتهيئة الغابات للحفاظ على الغطاء النباتي وتدعيم الإمكانيات”.
وأردف: “تدعيم أسطول الغابات بجملة من الشاحنات المخصصة للطرق الوعرة وتكوين الإطارات للتعامل مع الحرائق بصفة سريعة”.
لكنه أكد في ذات الوقت أن “الدول المتقدمة هي المسؤولة عن أزمة المناخ ونحن الفقراء ندفع فاتورة الانبعاثات الكربونية ولهذا فالحل يكمن عندهم وفق تعبيره”.
للمزيد عن أزمة الفلاحة في تونس: