القوات الصومالية تحرر مدينة “عيل بور” من قبضة جماعة الشباب
أعلن الجيش الصومالي مؤخراً سيطرته على مدينة “عيل بور” الاستراتيجية، معقل جماعة الشباب الرئيسي في الأقاليم الوسطى، الأمر الذي من شأنه شل نشاط الشباب وسط البلاد والسماح بالتركيز على العملية العسكرية بالجنوب.
وبعد أسابيع من القتال وحرب استنزاف شاركت فيها طائرات مسيرة أمريكية، يمكن اعتبار السيطرة على “عيل بور” أحد أكبر الانتصارات في الهجوم الذي أطلقته الحكومة والقوات المتحالفة معها قبل عام.
At the request of the Federal Government of Somalia, U.S. Africa Command conducted a collective self-defense airstrike against al Shabaab terrorists on Aug. 26.https://t.co/f7UzO2h4Xj
— U.S. Africa Command (AFRICOM) (@USAfricaCommand) August 28, 2023
وفق بيان صادر من وزارة الدفاع فإن القوات الصومالية مستمرة في تنفيذ عمليات تمشيط واسعة داخل الأحياء المدينة لتعزيز الأمن والإستقرار وملاحقة الإرهابيين.
ولفت البيان إلى أن “الجيش يواصل زحفه نحو القرى والمناطق القليلة المتبقية من إقليم غلغدود وسط البلاد”.
وقال قائد الجيش الصومالي إبراهيم شيخ محيي الدين “النصر للصوماليين. منطقة عيل بور، المعقل الرئيسي للشباب، سقطت في أيدي القوات الصومالية والقوات أصبحت داخل البلدة الآن”.
وأضاف “السيطرة على عيل بور ستوقف تماما التعاسة التي تسببت فيها جماعة الشباب. سيعم السلام والرخاء”.
وقال مسؤول عسكري تحدث لوسائل الإعلام المحلية إن القوات الحكومية ومليشيات عشائرية متعاونة معها دخلت المدينة بعد فرار مقاتلي الجماعة.
وفي الـ13 من آب الماضي، أعلن الجيش الصومالي قتله 18 عنصراً من جماعة الشباب، خلال عملية عسكرية جنوبي البلاد.
وفي أواخر يوليو/تموز الماضي، أعلن نائب وزير الإعلام في الصومال، عبد الرحمن يوسف العدالة، أنّ الجيش قتل 100 عنصر من جماعة الشباب الإرهابية، في عملية عسكرية في منطقة تقع بين محافظتي شبيلى الوسطى وغلغدود، وسط البلاد.
عن مدينة عيل بور وأهميتها
تقع عيل بور على بعد حوالي 400 كيلومتر شمالي العاصمة مقديشو، وكانت تحكمها جماعة الشباب لأكثر من 15 عاماً وتتخذ منها منطلقاً لشن هجماتها في جميع أنحاء البلاد
ويصل عدد السكان المحليين نحو 100 ألف نسمة وفق آخر التقديرات الرسمية قبل ست سنوات .
وتشتهر المدينة بالتجارة والصناعة المحلية للفخار، وتتمتع بتنوع النسيج الاجتماعي القبلي فيها.
تعتبر المدينة بمثابة إمارة قائمة بذاتها لجماعة الشباب، فهي بعيدة عن معاقلها في الجنوب، خاصة بعد تحرير الجيش لإقليم هيرشبيلي، ما أدى إلى قطع طرق الدعم والإمداد، أو على الأقل إضعافها.
تعتبر عيل بور مركزا للتخطيط وانطلاق العمليات الإرهابية الدامية في مختلف مدن وبلدات وسط البلاد، بالنظر إلى موقعها الاستراتيجي وشبكة الطرقات والسبل المؤدية إلى مدن وبلدات وسط البلاد المختلفة.
وتشتهر المنطقة بمراعيها لانتشار البرك المائية خاصة في موسم الأمطار، كما تحدثت بعض المواقع المحلية عن توفر النفط وبعض المعادن في المنطقة، ما يعطيها أهمية اقتصادية مستقبلا.
وبفقدانها مدينة استراتيجية مثل عيل بور، تكون الشباب خسرت موردا ماليا لتمويل عملياتها والذي يأتي من ولايتي غلمودوغ وهيرشبيلي.
خسارة المدينة قد يجبر قيادات وعناصر الشباب على الفرار إلى معاقلهم في الجنوب، ما سيسهل على الجيش الصومالي تطهير ولاية غلمدغ بالكامل، خاصة المناطق الريفية التي من المرجح أن يختبئ فيها عناصر التنظيم.
كما يسهم تحرير المدينة بحسب مراقبين في رفع الروح المعنوية للجيش الذي يواصل نجاحات غير مسبوقة في المعارك ضد الشباب الإرهابية.
حرب شاملة
في أغسطس 2022، أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود” حربًا شاملة ” ضد جماعة الشباب، في المرحلة الأولى، ركزت القوات الصومالية على المناطق الوسطى في هيرشبيلي وغلمدغ، ودعمت العشائر المحلية التي كانت تتمرد ضد جماعة الشباب.
وتمكن الجيش الصومالي خلال هذه المرحلة من تحرير نحو 70 مدينة وبلدة في ولايتي هيرشبيلي وغلمدغ، وسط البلاد.
وبعد تحرير “عويل بور” ظهر محمود حاملا مكبرات الصوت ويخطب أمام طابور طويل من كتيبة علي بن أبي الطالب للجيش الوطني، والمقاومة الشعبية، في مدينة ” محاس” التابعة لمحافظة هيران بولاية هيرشبيلي الإقليمية، ويحثهم على مواصلة القتال ضد الشباب وفلولها.
Madaxweynaha JFS, @HassanSMohamud oo kormeer ku tagay xerada ciidamada Guutada Cali binu Abiidaalib ee degmada Maxaas ayaa ku bogaadiyey guullaha waaweyn ee ay ka soo hoyeen dagaalka Khawaarijta, isaga oo kula dardaarmay wadajir in ay ku wajahaan cadowga. pic.twitter.com/UWnofb1ckA
— Villa Somalia (@TheVillaSomalia) September 5, 2023
وشهدت الجماعة الإرهابية تدهور الدعم الشعبي في تلك المناطق بعد أن رفعت الضرائب على السكان للتعويض عن الخسائر التي تكبدتها بسبب الانكماش الاقتصادي والكوارث الطبيعية، متجاهلة آثار السياسة على سبل عيش الناس.
وكانت المرحلة الأولى هي الهجوم الأكثر فعالية منذ عام 2016، حيث تم طرد جماعة الشباب من المناطق التي سيطرت عليها لأكثر من عقد من الزمن.
المرحلة الثانية بدأت فعلياً
وفي مارس 2023 أطلقت الحكومة المرحلة الثانية لمهاجمة جماعة الشباب في الجنوب.
ويمكن القول إن العمليات العسكرية في إقليمي جوبا لاند والجنوب الغربي، بدأت فعلا، حيث قضت القوات الأمريكية على 13 عنصرا من الحركة في ضربة جوية نفذتها في 26 أغسطس، بعد يوم من تحرير “عيل بور”.
كما قضت القوات الخاصة الصومالية (دنب)، على 47 عنصرا من “الشباب” بضواحي مدينة كسمايو، مركز ولاية جوبا السفلى، بإقليم جوبا لاند، الحدودي مع كينيا.
وهذه مؤشرات على البداية الفعلية والتدريجية للمرحلة الثانية للعملية في جوبالاند و”الجنوب الغربي”، حتى في غياب دعم من دول الجوار التي تواجه تحديات أمنية مستجدة.
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف بشأن قدرة الصومال على الاحتفاظ بالمناطق التي طهرتها والسيطرة على المزيد من الأراضي في ضوء الانسحاب المخطط للقوات الأجنبية وحقيقة أن العشائر الجنوبية لم تظهر نفس الميل للانقلاب على جماعة الشباب.
الهجمات متواصلة
وعلى الرغم من أن الهجوم الحكومي قد أضعف قبضة جماعة الشباب على الأراضي، إلا أنه لم يوقف هجمات الجماعة.
وفي عام 2022، كانت هناك زيادة بنسبة 41 بالمائة في عنف جماعة الشباب الذي يستهدف المدنيين.
كما واصلت جماعة الشباب هجماتها ضد القوات العسكرية الأجنبية؛ وفي عامي 2022 و2023، نفذت العديد من الغارات على المناطق الحدودية في كينيا وإثيوبيا،
وفي يونيو/حزيران 2023 قتلت 54 من قوات حفظ السلام الأوغندية في هجوم على قاعدة للاتحاد الأفريقي.
ووقعت أيضًا عمليات اختطاف مشتبه بها من قبل جماعة الشباب في المناطق التي استعادتها الحكومة.
وبحسب ما ورد، بدأ بعض مقاتلي جماعة الشباب، الفارين من القوات الحكومية، في التحرك شمالًا، حيث يسود عدم الاستقرار السياسي في بونتلاند وأرض الصومال حيث يمكن ان يمكن أن يوفر هذا فرصة لجماعة الشباب لتوسيع وجودها.
وضع إنساني كارثي
وفي مواجهة التهديدات الإرهابية، وتغير المناخ، والركود الاقتصادي، لا يزال الشعب الصومالي يتحمل أعلى التكاليف.
وفي عامي 2022 و2023، مع احتدام القتال، واجهت الصومال أسوأ موجة جفاف منذ أربعين عامًا، مما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف.
وتحذر الأمم المتحدة من أن 400 ألف من أصل 6.6 مليون صومالي يحتاجون إلى المساعدة يواجهون ظروفاً شبيهة بالمجاعة، وأن 1.8 مليون طفل معرضون لخطر سوء التغذية الحاد في عام 2023.
ومما زاد الأمور سوءاً، اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض مساعداته بشكل كبير . الخدمات في البلاد مع جفاف التمويل.