إعصار دانيال يكشف الأسباب خلف انهيار سدي وادي درنة
عواقب وتداعيت كارثية أحدثها إعصار دانيال في ليبيا، وتحديدًا مدينة درنة شمالي البلاد، حيث أثار انهيار السدّين المحيطين بالمدينة، أسئلة عدة عن الأسباب التي أسفرت عن الكارثة غير المسبوقة في البلاد.
ومن ناحيته، أشار المتحدث باسم جهاز الإسعاف الليبي أسامة علي، إلى أنّ “عدم صيانة السدّين في درنة كان له تأثير واضح في حدوث الفيضانات”.
وبحسب تقارير، لقي ما لا يقل عن 5 آلاف شخص مصرعهم في درنة وفُقد نحو 10 آلاف شخص، جراء الفيضانات.
ويقع السدّين وهما سدّ أبو منصور وسدّ البلاد جنوبي مدينة درنة، مع قرب الثاني من مداخل المدينة.
وكان ارتفاع السدّين يبلغ حوالي 40 متراً فقط قبل أن يتحولا إلى ركام.
أسباب بناء السدين
تاريخيًا، كانت مدينة درنة الليبية قد تعرضت لفيضانات عديدة، وتحديدًا في أعوام 1941، و1959، و1968.
واستنادًا لدراسات، توجب بناء السدود لحماية درنة من تلك الظواهر الطبيعية، قبل أن تبني شركة يوغسلافية السدين في السبعينيات، وسُمي السد العلوي بـ “سد البلاد”، بسعة تخزين تبلغ 1.5 مليون متر مكعب من المياه.
أما السد السفلي، وهو أبو منصور، كان بسعة تخزينية تصل لـ 22.5 مليون متر مكعب.
وقد شيد السدّان بقلب من الطين المضغوط مع درع مُحيط من الحجر والصخور.
وفي عام 1986، عانت المدينة الليبية بالفعل من الفيضانات، لكن السدود تمكنت من إدارة المياه، لتُجنب درنة إلحاق أضرارًا جسيمة بها.
انهيار السدّين
وعن أسباب انهيار السدود في مدينة درنة، أشارت إدارة السدود لدى وزارة الموارد المائية لحكومة الوحدة المؤقتة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، إلى أن تدفق كمية المياه المخزونة في سدي وادي درنة، عملت على إضعاف سعة السدود قبل انهيارها.
وفي هذا الإطار، قدرت الكمية التي تحدثت عنها الوزارة بنحو 23.5 مليون متر مكعب.
وقد أدى عجز السدّ الأول عن كبح الطوفان إلى التدفق السريع للمياه نحو السدّ الثاني مما أدى إلى إنفجاره أيضاً.
كذلك قالت تقارير إن نسبة الأمطار بلغت أكثر من 200 ملم، ما يتخطى القدرة التصميمية للهياكل، كما لفتت التقارير إلى أهمية دراسة إمكانية أن يُعزى مجموع الأمطار هذا إلى أزمة المناخ.
انعدام الصيانة
ولوقتٍ طويل لم يتم إجراء الصيانة المطلوبة للسدّين، ما جعل الهياكل مُتهالكة على نحوٍ كبير.
وأيضًا، انعدام أنظمة صرف فعّالة وبنى تحتية وقائية أخرى، جعل المناطق المُحيطة أكثر عرضة للفيضانات.
وفي ورقة بحثية نشرت العام الماضي، قال عالم الهيدرولوجيا عبد الونيس أ. ر. عاشور من جامعة عمر المختار الليبية – نقلًا عن بي بي سي -، إن “الفيضانات المتكررة في الوادي، تشكل تهديداً لدرنة”.
وتابع: “خمس فيضانات وقعت منذ عام 1942″، داعيًا إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان الصيانة الدورية للسدود.
وأرجع عاشور المشاكل التي تهدد حوض وادي درنة إلى أسباب عدة، منها “حدوث بعض الأضرار في المنشآت الهيدروليكية القائمة والمتمثلة في سدي وادي درنة وذلك بعد فيضان عام 1986”.
كما أن تآكل التربة في الحوض بسبب مياه السيول مصدر قلق كبير يؤثر سلباً على الغطاء النباتي، بحسب عاشور.
وتضمنت الورقة البحثية تحذيراً مفاده أنه: “إذا حدث فيضان هائل فإن النتيجة ستكون كارثية على سكان الوادي والمدينة”.
إلى ذلك، يلعب الاقتتال المسلح الطويل الذي عاشته البلاد وضعف الحكومة إلى مزيد من إهمال البنى التحتية وهشاشتها.
وتجدر الإشارة إلى أن درنة الآن غير محمية من تكرار حدوث كارثة مشابهة مع بقاء احتمال الفيضانات قائماً.