الفيضانات في درنة.. مأساة كبيرة كشفت حجم الانقسام في ليبيا
تسبّبت الفوضى السائدة في ليبيا بعدم إيلاء البنى التحتية الحيوية الأهمية اللازمة، ما ساهم في انهيار سدّي درنة في الشرق نتيجة عاصفة وفي فيضانات مدمرة اجتاحت المدينة ومحيطها في بلد تتنافس فيه حكومتان على السلطة ويشهد انقسامات عميقة، وفق محللين وسياسيين.
وتحكم ليبيا، التي دمرتها الانقسامات السياسية منذ سقوط القذافي في العام 2011، حكومتان متنافستان، واحدة في طرابلس (غرب)، معترف بها من الأمم المتحدة ويقودها رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة، وأخرى في الشرق، تابعة لمعسكر المشير خليفة حفتر.
أكد الصحفي الليبي محمد محفوظ، في حواره مع “أخبار الآن”: “إن هناك العديد من الضروريات التي نحتاجها، فيجب تكثيف إرسال فرق الإنقاذ، مع المعدات الحديثة والإسراع بانتشال الجثث المنتشرة في الشوارع والبحر، حيث مازال البحر يتقاذف هذه الجثث، التي قد تتسبب في كارثة صحية من خلال انتشار العدوى والمخاطر البيئية”.
وعن المشهد في المدينة المنكوبة قال الصحفي الليبي: “بالنسبة لدرنة تحتاج إلى وقفة واضحة من سلطات الدولة، لكن هذا صعب نظرا لحالة الانقسام التي ستؤثر على إعادة الإعمار، وذلك يحتاج أيضاً إلى تضامن دولي، لأن الشركات الأجنبية متوقفة في ليبيا منذ عام 2011، ومدينة درنة تحتاج لوقفة دولية ومن الشركات الكبرى ومعالجة هذا الكم الهائل من الضرر”.
وحول تحميل المسؤولية للحكومة الليبية قال محمد، ” إن هناك إهمال وتقصير دون أدنى شك، فالعاصفة دانيال ضربت بنغازي والبيضاء، وتسببت بخسائر بشرية ومادية، لكن ليس بحجم الكارثة في درنة، وبسبب انهيار السدين في درنة حصلت كارثة ضخمة، وهما سدين صدرت حولهم أوراق بحثية من بعض الجامعات تحذر من انهيارهما، وهذا الأمر لم يؤخذ بعين الاعتبار ولم تتم أي عمليات صيانة للسدود منذ عام 2002، وبالتالي الإهمال والتقصير موجود”.
وأشار محمد إلى الظروف التي مرت بها هذه المدينة، من ظروف أمنية وتواجد لبعض المجموعات الإرهابية، وهذا ما عرقل أيضاً مسألة الإهتمام بالصيانة في المدينة ولكن من دون شك قبل هذه الكارثة كان يجب أن يكون هناك نوع من التقييم للسدود وقدرة التحمل والاستيعاب والسيول التي ممكن أن تحصل، وكان من الأجدر إخلاء المدينة، لكن لم يتوقع أحد أن ينهار السدين. وأضاف: “نتمنى أن يكون هناك محاسبة للمقصرين حول مسألة السدود، لنتجاوز حدوث هذه الكوارث مستقبلاً، لذلك المحاسبة هي نوع من الاستحقاق”.
وحول مصير النازحين قال الصحفي محفوظ “بالنسبة لمدينة درنة وسكانها، الأحياء لم تدمر بالكامل، وخاصة في الشرق والغرب لازالت الأحياء سليمة، فالدمار طال وسط المدينة التي دمر بشكل كامل، إضافة لوجود حالة من التضامن الشعبي الكبير في استقبال كل من فقد بيته وعائلته في ليبيا، وتحدثت حكومة طرابلس عن إرسال باخرة سياحية تحوي على 700 غرفة وصلت إلى شواطئ درنة ليقيم فيها المتضررين، إضافة عن حديث لإعادة إعمار سريعة وتعويض للمتضررين، لكن نتمنى أن يكون هناك نوع من الشفافية لمنع حدوث الفساد أو الهدر للمال العام”.