مواطنة في تونس لأخبار الآن:”النيران التهمت سنوات التضحيات والتعب”
نشبت في تونس حرائق منذ بعض الأشهر أتت على الأخضر واليابس ومع أن الوقت مر على نشوبها إلا أن أثارها مازالت قائمة كأنها نشبت بالأمس وقد تنقلت أخبار الآن لمنطقة ملولة من ولاية جندوبة وهي منطقة ساحلية تشتهر بجمالها وسحرها إلا أنها تلتحف السواد إذ تبرز أشجار المنطقة محترقة على طول الطريق المطل على البحر في مشهد مؤلم لا يسر الناظرين.
كما التقت أخبار الآن بعدد من المواطنين الذين سردوا فاجعة الحرائق وحجم الخسائر التي لحقت بهم جراءها ومن بينهم مسنة تونسية تحمل اسم مسعودة اليحياوي التي قالت:”أشعر بغصة في القلب منذ نشوب الحرائق إلى اليوم لأنني شعرت أن حياتي وحياة أبنائي وأحفادي بلا قيمة إذ لم تنجدنا الحماية المدنية ولا أحد..تخيلي جاءت الحماية بعد 15 يوما من الحادثة”.
وتابعت:”لقد هربنا كلنا، نفذنا بجلدنا وأبقينا على ممتلكاتنا في منازلنا.” كانت تقول كلماتها بينما تشير بيدها لبقايا الحريق والرماد المتطاير في فناء منزلها.
وأضافت: “كانت الخسائر كبيرة لم يتبق لنا أي شيء من المواشي والحقل الذي يعتبر مورد رزقنا الوحيد”، كما أشارت مسعودة إلى أنها شهدت في حياتها عددا كبيرا من الحرائق من بينها حرائق نشبت قبل 6 أو 7 سنوات لكن تلك الحرائق كانت عرضية ولم تتسبب بأي أضرار تذكر وأكدت أن الحرائق الأخيرة ليس لها مثيل ولم تشهدها في حياتها.
وقالت: “نحن نشعر بالخوف لأننا نسكن بجوار الغابة يجب على الدولة مساعدتنا بأدوات نبني بها سورا حول حقولنا لتحمينا من انتشار الحرائق.”
لم تخف المسنة التونسية دموعها خلال حديثها مع أخبار الآن وهي تروي قصة كفاحها وتضحياتها من أجل الأرض التي ورثتها من زوجها الراحل وكانت توزع خيراتها على أبناءها إلا أن النيران نشبت فجأة والتهمت كل التضحيات وسنوات الجهد والتعب وقالت: “لم تترك النيران خلفها ثمرة واحدة، لقد قضت على كل شيء وكل تضحياتي”.
وأضافت:”أنا مريضة وطاعنة في السن ودوائي باهض الثمن ماذا سأفعل؟ بعد أن احترق مورد رزقي.. النوم هجرني منذ أيام طويلة”.
لم تكن مسعودة المتضررة الوحيدة من هذه الحرائق في منطقة مليلة، إذ التقت أخبار الآن أيضا بأميرة رويسة التي لا تزال إلى حدود اللحظة تحت وقع صدمة الحرائق وما خلفته من خسائر في بينتها الجديد وقالت أميرة: “أنا عروس جديدة والنار أحرقت كل ملابسي وغرفة نومي ومطبخي وكل شيء.. قلبي محترق على منزلي الحديث الذي تحول بشكل مفاجئ إلى خراب.”
وتجولت مراسلة أخبار الآن في منزل المتضررة الذي يعلو جدرانه الدخان الأسود وحوله لمنزل مثقل بالظلام والوحشة وقالت أميرة: “أنا عروس جديدة مازلت أحتفي بمنزلي الحديث إلا أن النيران قضت على فرحتي وبيتي.”
وأضافت: “مازلت تحت وقع الصدمة، مر على الحرائق أشهر لكن آثارها لن تمحوها حتى السنوات”، دعت أميرة الدولة للتدخل السريع والوفاء بوعودها لأنها وفق روايتها فاقمت من صعوبة وضعهم إذ أنها قطعت الماء عليهم يوم نشوب الحرائق لمدة يومين ما جعل مهمة إطفاء النيران مستحيلة كما أنها وعدتهم في وقت لاحق بترميم منزلهم وتصليح أضرار الحريق وهو ما لم يحصل وفق أميرة إذ قالت: “أنا أعيش في الظلام، النار دمرت شبكة الكهرباء وظروفي الصعبة جعلتني عاجزة على إصلاحها.”
كما صرح ناشط بيئي بالصندوق العالمي للطبيعة في وقت سابق، علي فرحاتي الذي تحدث عن أسباب الحرائق قائلاً: “أسباب الحرائق المتتالية مؤخراً يعود إلى الارتفاع الحاصل في درجات الحرارة من 34 إلى 37 وأزمة المناخ إذ تحول موسم القيظ الذي كان يمتد من أربعة إلى سبعة أشهر مع ارتفاع درجات الحرارة بما يقارب العشرة وعدم قدرة إدارة الغابات على إحداث ممرات آمنة للنجاة أثناء الحرائق وضعف إمكانيات فرق الإطفاء التابعة للحماية المدنية”.
كما تحدث الفلاح عن أزمة المياه وأشار لنهر كان يشق القرية: “كان يسقي كل مزروعاتنا ويصل إلى البحيرة حيث السد لكن الآن لم يعد الأمر كذلك وذلك نظراً لندرة التساقطات (الأمطار في الموسم الفارط حوالي 300 مم في السنة مقابل المعدل المعتاد وهو 1500 مم في السنة) وعلينا إذن بترشيد استهلاك المياه ووضع استراتيجية لمضاعفة كميات المياه الموجودة بسدود الشمال الغربي لأننا في طريقنا إلى أزمة كبيرة في شح المياه”.
للمزيد عن الحرائق في تونس: