حمى غرب النيل تتسبب في إعلان حالة وبائية في مدينة تونسية
قامت وزارة الصحة في تونس، بتفعيل جهاز اليقظة ضد فيروس حمّى غرب النيل، بعد تسجيل 10 حالات في بؤر مختلفة من محافظات البلاد، وذلك تزامنا مع فترة انتشار الفيروسات الموسمية التي تزيد خلال مواسم الجفاف وانحباس الأمطار.
سجّلت مصالح وزارة الصّحّة في تونس، منذ بداية 2023 ، عشر حالات لفيروس حُمّى غرب النيل، في عدد من ولايات تونس. أدّت إحداها إلى وفاة المصاب البالغ من العمر 86 سنة، في ولاية توزر، مع تسجيل 5 إصابات جملية، في الولاية نفسها. ليُصنّف الفيروس كحالة وبائية، محدودة في المكان والزمان، في توزر، باعتبار تكييف وزارة الصّحّة لظهور أيّ فيروس للمرة الأولى، في منطقة معيّنة.
وقالت عضو اللجنة الوطنية لمكافحة الحشرات، الدكتورة سهى بقدف، إن “المياه الراكدة، سواء في الفضاءات الخاصة أو العامة من الأسباب الرئيسية لانتشار العدوى”، مؤكدة أن”تونس تسجل سنويا إصابات بفيروس حمّى غرب النيل غير أنها لم تبلغ الحالة الوبائية إلا في مناسبتين فقط”.
وسابقا أعلنت تونس في مناسبتين انتقال حمّى غرب النيل إلى حالة وبائية، وذلك عامي 2003 و2012 اللذين سجلت خلالهما 6 و10 وفيات وسجلت تونس خلال الأعوام الماضية انتشار أمراض فيروسية ناجمة عن رداءة نوعية المياه وتدهور الوضع البيئي من أبرزها التهاب الكبد الفيروس و”الشيغيلا”، حيث يهدد غياب المرافق الصحية في المدارس الريفية بانتشار الأمراض الفيروسية في صفوف التلاميذ.
وتطالب الجمعيات الناشطة في المجال البيئي بحماية مواطني المناطق الريفية من استعمال المياه الراكدة أو مياه العيون غير الصحية، التي ترفع نسب الإصابة بالفيروسات الخطيرة.
ولا يمكن الحديث عن هذا الفيروس في تونس، إلاّ بتوفّر عنصرين أساسيّين مرتبطين، أوّلهما توافد طيور مهاجرة، حاملة للفيروس، على مناطق معيّنة في البلاد، بين فصلي الخريف والشتاء (أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر)، وتعتبر هذه الطيور “خزّاناً” للفيروس. ثمّ، في مرحلة ثانية، تغذّي نوعاً محدّداً من البعوض، يسمّى “كيلاكس” Culex، من دمائها. ويعتبر “كيلاكس” العنصر الناقل للفيروس للبشر، عبر لدغه لشخص أو لمجموعة من الأشخاص.
وقد تحصل العدوى، أيضاً، نتيجة مخالطة حيوانات أخرى حاملة له، أو من جرّاء مخالطة دمها وأنسجتها، فيما تمّ تسجيل عدد ضئيل جدّاً، في العالم، لانتقال الفيروس، بين البشر، نتيجة زرع الأعضاء أو نقل الدّم أو الرّضاعة الطّبيعيّة، أو بين الأمّ ورضيعها. كما بُلّغت منظّمة الصّحّة العالميّة بحالات لانتقال الفيروس إلى عمّال المخابر.
ولا تصاحب العدوى بفيروس حمّى غرب النّيل أيّة أعراض مرضيّة لدى 80% من المصابين به، تقريباً، فيما يتسبّب لحوالي 20% من حاملي العدوى، بالحمّى والتّعب والتقيّؤ والغثيان والأوجاع الجسديّة، وتورّم الغدد اللّمفيّة، والطّفح الجلديّ في بعض الأحيان.
وتشير التّقارير العلميّة إلى تسبّب الفيروس، لشخص واحد من أصل 150 مصاباً (أقل من 1% من المصابين)، في أعراض وخيمة، مثل التهاب الدّماغ، أو الغيبوبة أو الشّلل. ويعتبر الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم الخمسين سنة، ومنقوصي المناعة (المرضى الخاضعين لعمليات زرع الأعضاء على سبيل المثال)، هم الأكثر قابليّة للتعرّض لأعراض وخيمة جرّاء إصابتهم بفيروس حمّى غرب النّيل، ممّا قد يتسبّب في هلاكهم.
وتتراوح فترة حضانة الفيروس، في جسم الإنسان، بين ثلاثة أيام و14 يوماً. ولا يوجد لقاح بشريّ، إلى حدود الآن، لوقاية الإنسان من مضاعفاته. فيما يتم علاج فيروس حمّى غرب النيل، عبر المكوث في المؤسّسات الصّحيّة، وتقديم السّوائل داخل الوريد، وتوفير خدمات دعم التنفّس، وتوفير سُبل الوقاية من المضاعفات.
من جهة أخرى، توفّرت التلاقيح اللّازمة لحماية الخيول من فيروس غرب النّيل .