”التونسي يعيش اليوم بيومه”.. مواطن يتحدث لأخبار الآن عن الأزمة الاقتصادية في البلاد
نجحت تونس مؤخرا في سداد أغلب ديونها الخارجية رغم التوقعات بعجزها عن السداد، إلا أن هذا الحدث له وجه اقتصادي مظلم يحذر منه خبراء الاقتصاد، إذ ساهمت سياسة الدولة الجديدة -التي تضع من بين أولوياتها سداد الديون الخارجية على حساب التنمية ودفع الاقتصاد الحقيقي- في تعقيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي للتونسيين ورفع الأسعار بشكل شديد هذا إلى جانب تداعيات أخرى.
وفي هذا الإطار التقت أخبار الآن بحلاق تونسي يحمل اسم عماد خماخم وكشف عن معاناته اليومية مع غلاء الأسعار وغياب أبسط المواد الأساسية كالسميد والطحين والسكر، كما ذكر أن أطعمة مثل الأرز والخضروات والسمك واللحوم ارتفعت أسعارها، حيث كان يبلغ سعر كيلوغرام اللحم عام 2011، 14 دينارا واليوم أصبح بـ45 دينار وفق خماخم.
وبين ما كان يحلق شعر طفل صغير كان يتحسر على السنوات الماضية التي كان فيها التونسي قادرا على إعالة عائلة موسعة في حين أصبح فيه اليوم نفس التونسي عاجزا على توفير متطلبات العيش حتى لنفسه وقد قال لأخبار الآن:”لقد أثر الغلاء كثيرا على المعيشة إذ ارتفعت أسعار اللحوم والخضر ولغلال خاصة في آخر 5 سنوات.” وأضاف أنه “كرب عائلة لا أستطيع توفير كل المستلزمات لعائلتي وهناك فرق بين الماضي والآن، كنا نعمل بأريحية ونتمكن من الإدخار والآن أصبحت المصاريف أكثر من المداخيل.”
وبعد إتمامه لعمله تنقلت أخبار الآن معه لمتجر مواد غذائية مجاور ليقوم بشراء مستلزمات عائلته اليومية، إلا أنه عثر فقط على نصف احتياجاته من المواد الغذائية وقال في هذا الإطار “لم أجد جميع طلباتي فلا يوجد طحين ولا حليب لا أرز وحتى إن وجدتها وهذا نادر ستكون غالية السعر.”
وختم حديثه لأخبار الآن بالقول:”ندعو الدولة إلى تخفيض الأسعار لأنها غير معقولة وليست في المتناول وبالنسبة للمواطن التونسي 600 أو 700 دينار شهريا لا تكفيه للعيش بكرامة في تونس.. الغلاء طال كل شيء”
وللوقوف على أسباب هذه الأزمة الاقتصادية تواصلت أخبار الآن مع الصحفي مصطفى ساسي الذي صرح بأن “تونس ذهبت في توجه سداد الديون، وبالتأكيد ستكون هناك ضريبة غير معلنة على المواطن التونسي الذي في نهاية الأمر سيكون الضحية، ففي كلتا الحالتين إن قامت الدولة التونسية بسداد ديونها أو لم تقم دائما المواطن هو الضحية.”
وتابع ساسي بأن “سداد كل الديون أو جزء كبير منها حسب ما روي وحسب ما بلغ مسامعنا لن نلمسه لكن التكلفة ستكون على حساب المواطن خاصة بعد ارتفاع العديد من المواد الأساسية.” وأكد الصحفي أن “الدولة التونسية كانت واضحة في توجهها بأنه لا للمساس في المواد المدعمة لكن نتفاجئ بين الحين والآخر خاصة من وزارة التجارة وكل الوزارات المعنية بارتفاع طفيف في جميع المواد بعلة أنها الحرب الأوكرانية في السابق والآن الحرب على غزة وفي كل الحروب الموجودة نرى ونلاحظ ارتفاعا في الأسعار.”
كما التقت أخبار الآن بالخبير المالي بسام النيفر الذي شرح لأخبار الآن الأزمة منذ بدايتها قائلا إن “أكثر من 81% من الديون الخارجية للدولة التونسية لسنة 2023 تم سدادها ونستطيع أن نقول أنه بقي جزء صغير بالنسبة لشهري نوفمبر وديسمبر ليتم طي صفحة الديون الخارجية لتونس لهذه السنة، لكن في المقابل هناك ثمن كبير سنشاهده أيضا في سنة 2024 وهو ارتفاع أكبر بالنسبة إلى الديون الداخلية.”
ويضيف النيفر أن “الضغط المتواصل على سيولة القطاع البنكي يحرم المؤسسات والأفراد من الحصول على تمويلات، ومن الملاحظ انخفاض الطلب على التمويلات طويلة ومتوسطة المدى، وفي المقابل ارتفع الطلب على القروض قصيرة المدى إلى أكثر من 18% وبالتالي اليوم الشركات والأفراد تتداين ليس للاستثمار لكن للعيش فهو اقتراض موجه للاستهلاك وبالتالي هو يدعم التضخم الذي نعيش فيه الآن”.
كما أشار النيفر إلى أن تونس تعيش أفضل أيام في المواسم السياحية إذ أن تونس حصلت على ما قيمته أكثر من 26 مليار دينار كعملة صعبة في احتياطي النقد، وهو أكبر حجم عائدات في تاريخها لكن للأسف لم يتم استغلاله في الاستثمار أو في توفير المواد الأساسية والأدوية بصورة أكبر وذهب كله لسداد الديون.
وكشف النيفر في ذات السياق أن هذا ما ستشهده تونس أيضا في سنة 2024، موضحا أن هذه كلفة كبيرة لأن الاقتصاد التونسي لا يعمل لتحسين ظروف المواطن أو ليحسن ظروف عيشه لكن الاقتصاد التونسي يعمل لكي يسدد ديون سنوات وهذه الديون نفسها لم تستغل في الاستثمار ولا في الاستثمار في سياسات عمومية ناجعة.