“الدولة التونسية تزيف واقع ذوي الإعاقة”.. شباب في تونس يكشفون معاناتهم
يصادف اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة يوم 3 كانون الأول/ديسمبر من كل عام وهو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 لدعم ذوي الإعاقة.
ويهدف هذا اليوم إلى زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم التصاميم الصديقة للجميع من أجل ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
كما يدعو إلى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، لكن ذوي الإعاقة التونسيين قرروا هذه السنة مقاطعة الاحتفالات بيومهم العالمي وفي هذا الإطار التقت “أخبار الآن” بالناطق باسم التنسيقية الوطنية لذوي الإعاقة أحمد غربال الذي كشف أسباب غضبهم في تونس.
وقد قال:”قررنا هذه السنة مقاطعة اليوم العالمي لذوي الإعاقة الذي هو في الـ3 من ديسمبر وهذه المقاطعة جاءت نتيجة تجاهل الدولة التونسية ونتيجة تفاقم عديد من المشاكل الذين يعانون منها ذوي الإعاقة.”
وأضاف:”الدولة تقدم واقعا مزيفا حول وضعية ذوي الإعاقة في تونس وخاصة تقارير وزارة الشؤون الاجتماعية أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف بأن القوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بهم تطبق كما أشار إلى أن سهولة النفاذ و الوصول الى كثير من الإدارات مفقودة تماما فيما لا يقع تطبيق القانون المتعلق بانتداب 2 بالمائة من ذوي الإعاقة بالوظيفة العمومية مشددا على أن الدولة أقصتهم و القوانين حبر على ورق.”
ورغم الصعوبات والعوائق إلا أن عددا كبيرا من ذوي الإعاقة في تونس تمسكوا بتحقيق أحلامهم وحققوا إنجازات في مجالات مختلفة وفي ذات الإطار تنقلت أخبار الآن للقاء شابة تونسية وبطلة عربية في رياضة البوتشا، نور مقديش التي صرحت:” لدي إعاقة عضوية، درست الإنجليزية في جامعة الآداب صفاقس، بطلة وطنية وعربية وإفريقية في رياضة البوتشا.”
وتابعت:”رياضة البوتشا هي رياضة موجهة لأصحاب إعاقة متوسطة وعميقة في كراسي متحركة وشغفي في هذه الرياضة بدأ يزيد تدريجيا إلى حصولي على ألقاب والمراتب التي حققتها وأنا أطمح للمزيد وللعالمية.”
ورغم إنجازاتها المتعددة إلا أن نور لم تخف حزنها من التقصير والإهمال التي تتعرض له يوميا من الدولة وقالت:”رغم ترسانة القوانين الموجودة في تونس لكن يبقى كل ذلك حبرا على ورق والدولة التونسية لم توفر أبسط الضروريات التي من أهمها ممرات مخصصة لذوي الإحتياجات الخصوصية التي تغيب في الإدارات وحتى في القاعات الرياضية التي نمارس فيها رياضة البوتشا
وختمت الشابة التونسية نور مقديش حديثها بالقول: “أنا الحمدلله قبلت بالإعاقة لكن الإنسان يتألم عندما يجد أن الدولة هي المعيقة.”
لم تكن نور الشابة الوحيدة التي تشتكي إهمال الدولة ينضم إليها الشاب والفنان الفوتوغرافي العالمي كريم بن شيخة الذي حصد جوائز عديدة محلية وعالمية وهو أيضا عضو في اتحاد الفنانين التشكليين التونسيين وكثيرا ما شارك في أغلب المعارض السنوية الجماعية في تونس ويعتبر تخصصه فريدا من نوعه في تونس إذ يشتهر بالصور الرقمية التي يدخل عليها التعديلات.
صعوبات عدة
ورغم حبه الكبير لعالم الصورة إلا أن صعوبات عديدة واجهته في حياته من من أبسطها وفق تعبيره: “لا يوجد فضاء لعرض الصور مهيئ بممر مخصص لكي يصعد فيه بالكرسي المتحرك وهذا شيء من الأشياء التي جعلتني أشعر بالعجز.”
وروى بن شيخة لـ “أخبار الآن”موقفًا ظل راسخًا في ذهنه وجعله يصاب باليأس وقال: “عند التقاط الصور بالكاميرا أنا التقط من زاوية واحد أو من اتجاه واحد لأنني مقعد ولا أستطيع التحرك أو الوقوف وكانت أسعد لحظات حياتي حين اشتريت “مسيرة” drone وشعرت من خلالها أنني تحررت من كرسيّ وأصبحت استطيع أن ألتقط الصور من مختلف الزوايا ونسيت أني على كرسي المتحرك لكن ما رعني أن الأمن التونسي حجز المسيرة وأخذ مني كل معداتي وأوشكت أن أدخل السجن أيضا.”
وأضاف:”قالوا إن الطائرة المسيرة ممنوعة ويجب أن تتحصل على رخصة ومن المضحكات المبكيات أنه لتتحصل على رخصة يجب عليك ان تمتحن في اختبار صحي في ديوان الطيران المدني وتثبت أنك قادرا على قيادة طائرة فكيف سأكود طائرة وأنا مقعد؟”
ومن بين الحلول التي اقترحها الناطق باسم التنسيقية الوطنية لذوي الإعاقة في تونس، أحمد غربال:”الحل الأول قبل أن تصدر الدولة قانونا عليها استشارة وسؤال المعنيين بالأمر والحصول على أكثر من معلومة مثلما فعلت الدولة من قبل في استشارة إصلاح التعليم حيث جعلت كل الأطراف التربوية المشاركة في الأمر وأضاف:”حان الوقت للاستماع لأصواتنا والأخذ بيدنا مللنا التجاهل والإهمال”.
وتابع يجب إعطائنا حقوقنا الكونية البسيطة، يجب توفير نقل يحفظ كرامتنا وفتح أبواب الشغل لنا وتجهيز الإدارات وكل الهياكل العمومية بممرات خاصة بنا كي نمارس حياتنا مثل بقية التونسيين.
والجدير بالذكر أن التنسيقية الوطنية لذوي الإعاقة تنظم يوم 2 ديسمبر المقبل يوم غضب سيتبع بمقاطعة للاحتفالات باليوم العالمي لذوي الإعاقة الموافق للثالث من ديسمبر كل سنة احتجاجا على ما اعتبره الناطق باسم التنسيقية تجاهلا من قبل الدولة لمطالب ذوي الإعاقة.