الموصل.. ماذا تغير منذ تحريرها من داعش؟
يستذكر العراقيون في 10 كانون الأول – ديسمبر الحالي الذكرى السادسة لإعلان الحكومة العراقية النصر الكامل على تنظيم داعش الإرهابي وإستعادة السيطرة على كامل الأراضي العراقية التي كان التنظيم قد أحكم قبضته عليها منذ حزيران/يونيو 2014.
وكان رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي قد أعلن النصر على تنظيم داعش عام 2017 بعد معارك استمرت حوالي 3 سنوات مع التنظيم الذي احتل مناطق شاسعة بداية من مدينة الموصل في حزيران 2014.
وبعد 6 سنوات من إعلان النصر الذي وُصِف “بالتاريخي” وإنتهاء أسوء حقبة مرت على العراق والموصل بشكل خاص ، لا تزال تعاني ثاني كبرى المدن العراقية من بطئ عجلة الإعمار ومشاهد الدمار والخراب لا تزال موجودة في المنطقة القديمة من المدينة.
ويرى سكان المدينة أن حملة الإعمار هذه لا تلبي كافة رغباتهم وإن هذا النصر لن يكون كاملاً حتى يعودوا لمنازلهم التي لا تزال مدمرة ، بينما يرى آخرون أن المدينة تحسنت وبشكل كبير لكن ينقصها بعض الأمور.
يقول سعد محمد البالغ من العمر 64 عاماً وهو من سكان منطقة القليعات آخر مناطق المدينة القديمة التي تحررت من داعش “بالنسبة للوضع الأمني بالوقت الحاضر أمن وأمان، ولكن بالنسبة لي ولأبناء منطقتي عشنا النصر العسكري ولكن لم نعش النصر الحقيقي وهي عودتنا إلى بيوتنا التي تهدمت، نعم هنالك نصر تحقق وجزء كبير من الإعمار تحقق ولكن مهما كان النصر جميل وساحق فهنالك غصة بقلوبنا بسبب عدم إعمار بيوتنا التي تهدمت جراء الحرب مرت ستة سنوات على إعلان يوم النصر وحتى الان بيوتنا مهدمة وفرحتنا لم تكتمل بيوم النصر”
يضيف سعد قائلاً “من الجانب الخدمي ماينقص الموصل هو بناء وإعمار المنطقة القديمة والبيوت المهدمة وكذلك إعمار المستشفيات وبناء المطار والفنادق، فلا يوجد أولويات بشأن هذا الموضوع، أنا مستعد أن أضحي بعدم تعمير منطقتي من الدمار في سبيل بناء مستشفيات وكذلك بناء مطار ومرافق سياحية”
“أعتبر بناء الفنادق من الأولويات المهمة التي يجب أن تؤخذ بنظر الإعتبار خاصة في الفترة الأخيرة، إذ كثرت زيارة السياح لمدينة الموصل، وهنالك أيضاً العديد من المستشفيات مثل المستشفى الجمهوري ومستشفى العام وغيرهم بدأوا الآن بإعمارهم، بصورة عامة الإعمار بالمرافق المهمة بطيئ جداً ولكن من ناحية الخدمات العامة كتبليط الشوارع والمتنزهات الترفيهية سريع جداً، وهذه الأمور تجعل فرحتي ناقصة بيوم النصر”.
ويرى الناشط المدني بندر العكيدي أن المدينة مستقرة قياساً بالفترة الماضية قائلاً إن “واقع المدينة بصورة عامة اعتبره مستقر قياساً بالفترة الماضية وقياساً بكل الفترات التي مرت بها، المدينة اليوم تشهد أكبر عملية استقرار ربما بعد 2003 بالذات من الناحية الأمنية وهو جانب جداً مهم والوضع الأمني الجيد انعكس على حركة الحياة بصورة عامة لأننا نرى اليوم حركة الحياة جداً طبيعية وحركة العمل وحتى الحركة الثقافية والسياحية وكل جوانب ومفاصل الحياة تسير بصورة طبيعية وهذا الأمر يدل على الوضع الأمني داخل مدينة الموصل وتحسن ملحوظ من بعد تحرير الموصل إلى اليوم”
“أما من الناحية السياسية فدائماً نرى مشاكل سياسية في المحافظة والمدينة وبالذات في الفترة الأخيرة إذ هناك تنافر بين الكتل السياسية التي تطمع بسلطة المحافظة وهذا بالتالي ينعكس على حركة الإعمار وعلى الكثير من جوانب الحياة ونتمنى أن ينتهي هذا الصراع ولا يتمادى”
وكانت مدينة الموصل قد شهدت في السنوات الماضية حملة إعمار واسعة من قبل المنظمات الأجنبية والمحلية التي ساعدت على بناء العديد من البيوت السكنية وإعادة الحياة إلى الجانب الأيمن من المدينة وعودة العديد من سكانه.
منظمة اليونسكو وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة تقوم بحملة واسعة على إعمار دور العبادة للمسلمين والمسيحيين كجامع النوري ومنارته الحدباء وكنيستي الساعة والطاهرة الكبرى، هذه الجوامع والكنائس تعتبر من معالم المدينة الأثرية والتي لها أهمية كبيرة لدى سكان المدينة.
المدينة تشهد نقص بالخدمات الصحية
يقول بندر “اليوم الواقع الصحي جدا متدهور وهو على حاله منذ تحرير الموصل عام 2017 حتى الآن هناك نقص كبير بالمستشفيات وكثير منها لم يتم إعادة إعمارها حتى الآن والمستشفيات ماتلبي حاجة المواطنين حالياً ، ومن ناحية الفنادق فهي غير موجودة بالدرجة الي كانت عليها سابقاً،”
وأضاف: “ما ينقص مدينة الموصل هو الاستثمار، اليوم نعيش أزمة سكن كبيرة جداً تحتاج تدخل موضوع الاستثمار وبناء مجمعات سكنية وهذا الأمر سيولد مشاكل كبيرة في السكن وبسببه أدى إلى ارتفاع أسعار المباني والبيوت السكنية داخل المدينة ما أثر كذلك على الحياة بصورة عامة”
ماذا تغير بعد التحرير؟
يقول بندر “تغير الكثير بصراحة في بداية التحرير كنا نطمح أن نصل إلى مستوى معين من مستويات الأمن والاستقرار واليوم نعيش مستوى متقدم من الاستقرار الأمني بالمدينة وهذا مؤشر إيجابي بداخل المدينة اليوم نلاحظ حركة ثقافية بالمدينة عكس ماكان بالسابق، اليوم نرى جرأة من قبل الشباب على فتح مشاريعهم الخاصة للعمل داخل الموصل وهذه الجرأة ماكنا نلاحظها سابقا”
وتابع:”حتى حركة السياحة داخل المدينة تغيرت كثيرا عن السابق اليوم هناك حركة سياحية وقدوم السياح سواء سياحة داخلية أو حتى أجانب من خارج العراق الأمر تغير صراحة خلال الستة سنوات الماضية”
“التغيير الكبير صار أكيد بالجانب الأيمن الذي مثل الجانب المظلم بالمدينة وكان معدوما من الحياة بشكل تام، أصبح اليوم يعود للحياة من جديد، يعني المناطق القديمة نوعاً ما كثير منهم عادوا إلى مناطق سكنهم وحتى الأسواق عادت الحياة فيها بنسبة 50 بالمائة وهذا مؤشر جداً مهم انه منطقة كانت معدوة بيها الحياة ومقطوعة عن العالم اليوم نشوف بيها حركة عمل”
“من النواحي الايجابية اليوم نشوف حركة ثقافية في المدينة هنا حضور للفن والموسيقى والثقافة، ومن جانب الخدمي لاحضنا بالأشهر الأخيرة كانت السلطات تقوم بعمل جيد جداً بتطوير شوارع المدينة والبنية التحتية وهذا الشيء أظهر المدينة أجمل مماكانت عليها سابقاً وبدأت تستعيد عافيتها بشكل أكبر”
“من الناحية السلبية أنا أرى أنه من أهم مشاكلها هو عدم توسع المدينة بالرغم من اكتضاض السكان، وهذا الأمر أكيد متعلق بأمر سياسي أو تدخلات تعيق توسعة المدينة وتطورها بالتالي هذا يؤثر على حركة السكن داخل المدينة، التي تحتاج إلى استثمار أكثر بالسكن والقطاع الخاص لأنها تشجع وتحرك العمل بصورة أكبر”.
ويرى الصحفي أحمد الرفاعي البالغ من العمر 33 عاماً واقع المدينة جيد بعد سنوات من الحرب “الوضع تقريبا جيد مقارنة بمدن أخرى تم تحريرها مثل تكريت ومناطق من محافظة كركوك، وقد شاهدنا عمليات إعادة إعمار ولكن ليس بالمستوى المطلوب ولكن من الجيد أن الجسور عادت بالموصل بالكامل”.
“بالنسبة للواقع الصحي في مدينة الموصل جداً رديء وتحت الصفر، يحتاج لإعادة إعمار المستشفيات وبناء مستشفيات جديدة قياساً بزيادة عدد السكان من ثلاثة مليون نسمة أو أقل إلى أربعة مليون نسمة الآن في مدينة الموصل”
الموصل تحتاج تخطيطا جديد اوبناء عمودي، شقق سكنية مثل باقي الدول، تحتاج توسعة المدينة ومن الممكن أيضا التوسعة من كل الاتجاهات والاتجاه الجنوبي بالأخص كبير جدا وواسع ولكن غير مستغل وبسبب عدم التوسعة نشهد اكتضاض سكاني كبير”
ويرى غالبية سكان الموصل أن المدينة قد استعادت عافيتها وتعمرت لكن ليس بتلك الدرجة التي كانوا يتمنوها ، فالمدينة تحتاج الكثير من العمل لإعادة الحياة فيها مثلما كانت قبل عام 2014 وبالأخص الحركة الإقتصادية وفرص العمل التي يفتقدها العديد من سكان المدينة.