الغليان والتوتر مستمران في جنوب لبنان.. على وقع تواصل عمليات حزب الله وولادة فصائل جديدة غامضة
مع مرور أكثر من 100 يوم على حرب غزة، يستمر غليان وتوتر غير مسبوقين في الجنوب اللبناني المتاخم لإسرائيل، وتتواصل الهجمات والهجمات المضادة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي من دون أن يجد الحل الدبلوماسي طريقاً لوضع حدٍ للتصعيد المثير للقلق.
وفي الوقت الذي يستمر فيه حزب الله بدفع أثمان مادية وبشرية على “الجبهة المساندة” لغزة، كما يرغب أن يسميها، يدخل لاعبون جدد على ساحة المعركة وتبرز جماعات مسلّحة غير معروفة على خط الهجمات ضد إسرائيل.
ففي عملية عسكرية جديدة عند الحدود، حاولت مجموعة من المقاتلين لم تُعرف هويتهم التقدم نحو موقع إسرائيلي في مزارع شبعا المتنازع عليها. وقال الجيش الإسرائيلي إنه تصدى للمجموعة وقتل عناصرها الثلاثة، فيما أصيب 5 جنود إسرائيليين بحالات متفاوتة، نقلوا على إثرها لتلقي العلاج في المستشفى.
بعدها، أعلن فصيل، يعرّف عن نفسه باسم “كتائب العز”، أن مقاتليه نفذوا الهجوم فجر الأحد على موقع رويسات العلم في مزاع شبعا، وقتل 3 عناصر، فيما عاد اثنان سالمين إلى مواقعهما. وقال في بيان إن العملية جاءت رداً على استهداف مجموعة رصد في المنطقة نفسها الجمعة، وأسفر القصف الإسرائيلي عن مقتل 3 من عناصر القوة. وكذلك ذكرت في البيان أن العملية التي نفذتها هي في إطار الرد على اغتيال المسؤول في حماس صالح العاروري الذي قضى بضربة صاروخية في الضاحية الجنوبية لبيروت.
هذا التنظيم الجديد يسمع به للمرة الأولى في لبنان ولم يعلن أي طرف عن هويته، وما إذا كان لبنانياً أو فلسطينياً أو غير ذلك. وقد نفت مصادر “حماس” أن تكون المجموعة متصلة بها، فيما أكّدت جهات محلية في مزارع شبعا أن الجماعة المسلحة المذكورة لم يُسمع بها سابقاً ونشاطاتها غير معروفة.
مشهد متكرر
دخول “كتائب العز” إلى المشهد أعاد الذاكرة إلى الوقت الذي بدأت فيه حماس وحركة الجهاد المشاركة في تنفيذ هجمات ضد إسرائيل إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية، وتحديداً من الجنوب الذي يعد معقل حزب الله ومنطلقاً لعملياته ونشاطاته، فضلاً عن ولادة فصائل مثل “قوات الفجر” التي تبنّت تنفيذ عمليات عدة على مواقع إسرائيلية.
وكان مراقبون قد اعتبروا، أواخر أكتوبر 2023، أن مشاركة هذه المجموعات، إلى جانب حزب الله، في الهجمات ضد إسرائيل يحدث بغطاء وتشجيع من “حزب الله” نفسه، ظناً منه أن حشد أكبر عدد من التنظيمات المسلّحة على جبهة الجنوب؛ سيؤمن له “غطاءً سُنّياً” لدوره في الحرب.
مجموعات تشبه الفطريات
يرى المراقبون أن تحركات الجماعات المسلحة “المستحدثة” لا تحصل إلا بموافقة وغطاء من حزب الله، وهو الذي يستفيد منها لتحقيق مصالحه وأهدافه وبالتالي الاستحصال على موقع أفضل.
وفي تعليق على هذه الظاهرة، اعتبر الصحافي اللبناني طوني أبي نجم أن “كتائب العز” كما غيرها من التسميات تعود لمجموعات تشبه “الفطريات”، وهي “أسماء من دون أي إطار فعلي وتوضع في إطار محاولة حزب الله للتنصل من مسؤوليات ما يفعله في الجنوب اللبناني”.
وشدد أبي نجم في تصريح لـ”أخبار الآن” على أن ظهور التنظيمات المسلحة هو ظهور إعلامي لا أكثر، وقال “إن المجموعات الموجودة في لبنان ككتائب القسام – لبنان، لم نرها تتحرك إلا بإيعاز من حزب الله أو كان الحزب الله هو من يتحرك ويضع أسماءها في الواجهة”.
وأشار أبي نجم إلى أن الواقع الفعلي يقوم على سيطرة حزب الله جنوباً و”لا أحد يمكن أن يتحرك أو ينفذ عملاً مسلحاً من دون تساهل أو إيعاز من حزب الله”، نافياً أي إمكانية لتحوّل لبنان إلى واقع مشابه لحال العراق حيث تتعدد المليشيات وتكثر الفصائل.
وأكّد أن “التخوّف يكمن في أن يكون حزب الله يحاول من خلال هذه المجموعات غسل يديه من تحمل المسؤولية إيزاء جر لبنان إلى حرب كبرى”. وقال: حزب الله هو من يحركها ويضع أجندتها وربما هو من يقوم بالعمليات ويصدر بيانات باسمها أو هو من يسهل لها الأمور لوجستياً.
وأضاف “كل ذلك يأتي خدمة لأجندة حزب الله وبالتالي إيران من خلفه”.