المرأة المُحَكِّمة في شبوة تملك ثقلاً لافتاً في المجتمع
سلّطت دراسة في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية للباحثة سماح الخضر، الضوء على التراث العريق لدور المرأة الشبوانية في التحكيم القبلي والصلح المجتمعي وحل القضايا الأسرية، والذي قد يمتد أحياناً إلى حل نزاعات ذات طابع سياسي.
إحدى التقاليد الشائعة التي تتبعها المُحَكِّمات في حال تفاقمت المشكلة وبات يصعب حلّها هو رمي “الخمار”، وهو فعل رمزي يرتبط بمفاهيم العار والشرف ويعني أن الخلاف بلغ طريقا مسدودا، وأن هذا عدلها الأخير وبالعادة يقوم المتخاصمون عند ذلك برد الخمار على رأس المرأة المحكمة. تجري هذه العادة بين النساء القبليات في العوائل الكبيرة عند فض الخلافات بين أبناء العمومة والأقارب، حيث تتدخل كبيرة الأسرة (كالجدّة) للفصل في المشكلة.
عُرف مهدد بالاندثار: الحفاظ على دور المرأة الشبوانية في التحكيم القبلي والصُلح المجتمعي
تسلّط هذه الدراسة للباحثة سماح الخضر، الضوء على التراث العريق لدور #المرأة الشبوانية في التحكيم القبلي والصلح المجتمعي وحل القضايا الأسرية، والذي قد يمتد أحيانا إلى حل نزاعات ذات طابع سياسي.… pic.twitter.com/WcctINMSc2
— Sana’a Center (@SanaaCenter) February 20, 2024
وجود المُحَكِّمات والمصلِحات يحد من المعاناة في انتظار المحاكم للفصل في القضايا الأسرية مثل قضايا الحضانة والإرث وغيرها، فالتحكيم أسرع بكثير من الأحكام القضائية التي قد تستغرق أحيانا سنوات، ووجود المصلحات يُسهّل التعامل مع القضايا الحساسة كالعنف الأسري الذي تتعرض لها نساء.
وتسرد الدراسة تجارب لنساء قدن جهودا وأدوارا لا تحصى في مجال الوساطة من أجل رفع الظلم، وسعين للحفاظ على التماسك الاجتماعي داخل المجتمعات المحلية، كما تتناول دور المرأة المحكمة والوسيطة في محافظة شبوة وتستكشف التقاليد العريقة للمحافظة في احترام دور المرأة في التحكيم القبلي والصلح المجتمعي.
لكن الدراسة تفيد بأن هذه الممارسات آخذة في التراجع ومهددة بالاندثار رغم انتشار الوساطة النسائية في محافظة شبوة اليوم، حيث تلقى صدى ضعيفا لدى الشابات الشبوانيات من الجيل الحديث، والكثيرات منهن يعتقدن أن الأعراف القبلية -وما يرتبط بها من أدوار قبلية -تحدّ من آفاقهن وطموحاتهن ولا تتماشى مع أساليب الحياة المعاصرة.
كما خلقت الحرب ظروفا جديدة تهدد دور المرأة في الوساطة والتحكيم والصلح المجتمعي وتشجع السلطة الذكورية نتيجة تراجع حقوق المرأة ودورها المجتمعي على مدى السنوات الماضية.
وأجرت الدراسة استبيانا لمجموعة من الشابات بمدرستين ثانويتين بمديرية عتق، وكشفت نتائجه أن نسبة 5% فقط من المجيبات لديهن معرفة بمعنى مُحكمة قبلية ودورها.
في المقابل، نسبة عالية وصلت إلى 90% من الشابات أجبن بأنهن لم يسمعن قط بوجود نساء محكَّمات و5% أجبن باستحالة وجود نساء يتمتعن بتلك القوة التي قد تحدث تغيير إيجابي في المجتمع.
تختتم الدراسة بمجموعة من التوصيات التي تركز على حماية الممارسات التقليدية المتبعة في الصلح المجتمعي، نظرا للدور الجوهري والضروري الذي تلعبه المرأة في جهود بناء السلام في اليمن.
تهدف هذه التوصيات إلى مساعدة المنظمات ذات الصلة على النهوض بدور المرأة الإيجابي في التحكيم والوساطة -خاصة بين جيل الشباب -باعتبارها ممارسة ترفد جهود بناء السلام في المجتمع الشبواني ونبذ التصور المغلوط عنه كممارسة بالية عفى عليها الزمن.