انتقادات تطال الجيش المصري بعد فرض قيود على المدنيين
انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، الثلاثاء، سعي السلطات المصرية لإفساح المجال أمام المزيد من التدخل العسكري في الحكم المدني والحياة اليومية وتقويض الحقوق والحريات للمواطنين، من خلال قوانين جديدة.
وفي 22 يناير الماضي، قدمت الحكومة قانونا جديدا وتعديلات على قانون سارٍ إلى مجلس النواب، “الذي وافق سريعا دون نقاش أو تعديل يُذكران في جلسة عامة واحدة في 28 يناير”.
ويتضمن التشريع “قانون رقم 3 لسنة 2024 بشأن تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة”.
ممارسة وظائف معينة بدلا من الشرطة والقضاء
كما وافق مجلس النواب على تعديلات عدة على “قانون القضاء العسكري” رقم 25 لسنة 1966 يُتوقع نشرها في “الجريدة الرسمية” قريبا، بحسب المنظمة.
ويمنح القانون رقم 3، الجيش سلطة جديدة واسعة لممارسة وظائف معينة بدلا من الشرطة والقضاء المدني والسلطات المدنية الأخرى كليا أو جزئيا، ويوسع نطاق اختصاص المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين.
ويكلف القانون الجديد القوات المسلحة بـ”معاونة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية، بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء وخطوط الغاز وحقول البترول وخطوط السكك الحديدية وشبكات الطرق والكباري” و”ما يدخل في حكمها”.
ويمنح القانون العسكريين المشاركين في هذه العمليات الصلاحيات القضائية التي تتمتع بها الشرطة في الاعتقال والضبط.
وينص أيضا على أن جميع الجرائم المرتكبة ضد المرافق العامة والمباني العامة “الحيوية” أو فيما يتعلق بها يجب ملاحقتها أمام المحاكم العسكرية.
واعتبرت المنظمة أن هذا القانون يحتوي على أحكام أوسع وأكثر تعسفا من سابقه، القانون رقم 136 لسنة 2014، الذي أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي بمرسوم في أكتوبر 2014.
وقالت في بيان: “استخدمت حكومته قانون 2014 لمحاكمة آلاف المدنيين، وبينهم عشرات الأطفال، في المحاكم العسكرية، غالبا في محاكمات جماعية تنتهي بأحكام السجن القاسية أو الإعدام”.
وفي مثال يعكس الطبيعة الفوضوية والمنتهِكة للمحاكمات الجماعية التي لا يتم فيها التحقق من الوثائق الأساسية، وفي كثير من الأحيان لا تُثبت المسؤولية الجنائية الفردية، بحسب “هيومن رايتس ووتش”، “أدت إحدى القضايا البارزة عام 2016 إلى الحكم بالسجن المؤبد على مدعى عليه عمره 3 سنوات، وبعد احتجاجات، قال متحدث باسم الجيش لاحقا إنه صدر عن طريق الخطأ”.
وورد في القانون 2014 إنه سيطبق لعامين فقط، وبررت الحكومة ذلك قائلة إن المحاكمات العسكرية كانت ضرورية للتصدي لموجات الهجمات العنيفة على المنشآت الحكومية خلال تلك الفترة. لكن عام 2016، مُدِّد القانون خمس سنوات إضافية، ثم في أكتوبر 2021 أصبحت أحكام القانون دائمة.
وتشمل “السلع والمنتجات التموينية،” التي يقول القانون الجديد إنها من المفترض أن يحميها الجيش، المنتجات الغذائية وغير الغذائية والوقود التي تدعمها الحكومة للمواطنين ذوي الدخل المنخفض.
تشرف وزارة التموين والتجارة الداخلية على توريد وشراء هذه المنتجات وأسعارها المدعومة، في حين أن التحقيق واحتجاز المسؤولين عن مخالفات السوق يقع عادة تحت سلطة “مديرية التموين والتجارة” التابعة لشرطة وزارة الداخلية.
يمنح القانون الجديد العسكريين سلطة البحث وتفتيش الأماكن، أو اعتقال الأشخاص، أو مصادرة المواد لمواجهة “الجرائم التي تضر باحتياجات المجتمع الأساسية من سلع ومنتجات تموينية”.
وحسب القانون، تهدف الصلاحيات الجديدة إلى “حفظ المقومات الأساسية للدولة ومكتسبات الشعب وحقوقه أو مقتضيات الأمن القومي، التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية أو من يفوضه بعد أخذ رأي مجلس الدفاع الوطني”.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن “هذه الصياغة الفضفاضة غير المسبوقة تفسح المجال أمام المزيد من التدخل العسكري في الحكم المدني والحياة اليومية، مما يمنح الرئيس ولواءاته الحرية في تحديد التهديدات للأمن القومي”.
كما يمنح القانون الجديد وزير الدفاع صلاحية تحديد أعداد العسكريين ومواقعهم ومهامهم وتوزيعهم بحسب مقتضيات “طبيعة عملهم داخل هذه المنشآت والمرافق العامة والحيوية”.
ووفقا للمنظمة فإنه “يمكن استخدام هذا النص لنشر عسكريين بشكل دائم في المرافق الحكومية المدنية، مما قد يقوض استقلالها أو يؤدي إلى قمع تعسفي من قبل القوات العسكرية ضد التجمعات السلمية قرب هذه المرافق”.