حماس وفتح.. حيث لا سلطة مشتركة ولا تفاهم
اتهمت حماس فتح بإرسال ضباط أمن إلى شمال قطاع غزة بذريعة تأمين شاحنات المساعدات، فيما نفى مسؤول بالسلطة الفلسطينية هذا الاتهام الذي وجهته وزارة الداخلية في غزة.
هذا وأبلغ قيادي بحماس تلفزيون الأقصى بأن ماجد فرج رئيس المخابرات بالسلطة الفلسطينية هو المشرف على مهمة القوة.
فرج قال إن ستة أعضاء من القوة، التي رافقت شاحنات المساعدات التي دخلت من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر، اعتُقلوا وإن قوات الشرطة تلاحق الأعضاء الآخرين للقبض عليهم.
وقالت وزارة الداخلية في غزة في بيان “تسلل إلى منطقة شمال غزة عدة ضباط وجنود يتبعون لجهاز المخابرات العامة في رام الله، في مهمة رسمية بأوامر مباشرة من ماجد فرج، بهدف إحداث حالة من البلبلة والفوضى في صفوف الجبهة الداخلية، وبتأمين من جهاز الشاباك الإسرائيلي وجيش العدو، وذلك بعد اتفاق تم بين الطرفين”.
الوزارة أضافت: “تعاملت الأجهزة الأمنية في غزة مع هذه العناصر، وتم اعتقال عشرة منهم، وإفشال المخطط الذي جاءوا من أجله، وسيتم الضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه أن يلعب في مربع لا يخدم سوى الاحتلال”.
قال مسؤول بالسلطة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية في بيان “بيان ما يسمى بوزارة داخلية حماس حول دخول المساعدات إلى قطاع غزة أمس لا أساس له من الصحة وسنستمر في تقديم كل ما يلزم لإغاثة شعبنا”، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية.
كيف وصلت حماس؟
في كانون الثاني/يناير 2005، تولّى محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية إثر توليه رئاسة كلّ من منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، بعد وفاة الزعيم التاريخي ياسر عرفات.
في 25 كانون الثاني/يناير 2006، فازت حماس التي كانت تشارك للمرة الأولى في عملية انتخابية، في الانتخابات التشريعية بعد عشر سنوات على هيمنة فتح.
وفي 28 آذار/مارس، تولّت حكومة اسماعيل هنية السلطة وعهدت بالمناصب الرئيسية إلى قادة حماس.
حماس تسيطر على غزة
في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير 2007 ثم في أيار/مايو من العام ذاته، جرت مواجهات عنيفة بين أنصار فتح وحماس في قطاع غزة.
في 14 حزيران/يونيو، أقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس رئيس الوزراء اسماعيل هنية، بعد أسبوع من العنف بين حماس وفتح خلّف أكثر من 110 قتلى، وأعلن حالة الطوارئ في قطاع غزة.
لكن في اليوم التالي تغلّبت حماس على القوات الموالية لفتح في غزة، في ما اعتبره عباس انقلاباً عسكرياً. وردّاً على وصول حماس إلى السلطة، عززت إسرائيل حصارها للقطاع.
ثلاثة اتفاقات فاشلة
في 27 نيسان/أبريل 2011، وقّعت فتح وحماس اتفاقاً ينصّ على تشكيل حكومة انتقالية تكلّف بتنظيم انتخابات. وفي أيار/مايو، وقّعت كلّ المنظمات الفلسطينية الاتفاق بالأحرف الأولى، لكن تمّ تأجيل الاستحقاقات الانتخابية باستمرار.
في السادس من شباط/فبراير 2012، تفاهمت حماس وفتح على أن يكلّف عباس قيادة الحكومة الانتقالية، لكنّ هذا القرار الذي واجه معارضة داخل حماس، لم ينفذ.
في 23 نيسان/أبريل 2014، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية التي تسيطر عليها فتح اتفاق مصالحة مع حماس، لوضع حد للانقسام السياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي حزيران/يونيو، شكلت حكومة وحدة ضمت تكنوقراطيين من الطرفين، لكنّها لم تكن قادرة على ممارسة سلطتها في غزة. واتّهم عباس حركة حماس بالإبقاء على “حكومة موازية” في القطاع.
في تموز/يوليو وآب/اغسطس 2014، أظهر الطرفان موقفاً موحّداً بعد شنّ إسرائيل حربا استمرت 50 يوما على القطاع، ردا على إطلاق صواريخ منه على أراضيها. ومع ذلك وبعد أشهر، أخفقت حكومة الوحدة الوطنية.
مصالحة متعثرة
في تشرين الأول/أكتوبر 2017، وقعت حماس وفتح في القاهرة اتفاق مصالحة جديداً قبلت بموجبه حماس التنازل عن الحكم في غزة لتتولاه السلطة الفلسطينية.
في 1 تشرين الثاني/نوفمبر، سلّمت حماس السيطرة على المعابر الحدودية مع إسرائيل ومصر للسلطة الفلسطينية. لكنّ الخلافات عاودت الظهور، خاصة في ما يتعلق بمسألة إدارة الأمن في غزة. وفي 27 تشرين الثاني/نوفمبر كرّرت حماس رفضها تسليم سلاحها. كما أخفقت حماس وفتح في تسوية المسألة الحاسمة المتعلقة بمصير عشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين في غزة.
في كانون الثاني/يناير 2019، سحبت السلطة الفلسطينية موظفيها من معبر رفح الحدودي مع مصر، تنديدا “بالممارسات الوحشية” لحماس التي سيطرت مجددا على المعبر. وفي شباط/فبراير، سيطرت حماس على الجانب الفلسطيني من معبر البضائع الوحيد بين غزة وإسرائيل.
إرجاء الانتخابات
في 2020، تعهدت حماس وفتح تحقيق “الوحدة” لمواجهة مخطط إسرائيلي بضمّ أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، ثم اتفقتا على إجراء انتخابات. لكن قبل شهر من موعد الاقتراع المقرر في 22 أيار/مايو 2021، أرجأ عباس الانتخابات التشريعية إلى أجل غير مسمى في ظل غياب “ضمان” إجراء الاقتراع في القدس الشرقية التي احتلّتها إسرائيل وضمتها.
مبادرة جزائرية
في كانون الأول/ديسمبر 2021، أطلق الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون مبادرة للمصالحة بين فتح وحماس، وتمكّن في أوائل تمّوز/يوليو 2022 من الجمع بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وإسماعيل هنية في الجزائر العاصمة، في لقاء اعتبر “تاريخياً”.
في 4 أيلول/سبتمبر 2022، أعدمت حماس لأول مرة منذ 2017 خمسة فلسطينيين بينهم اثنان بتهمة “التخابر” مع إسرائيل. اندلعت اشتباكات بين الفلسطينيين في نابلس بالضفة الغربية في 20 أيلول/سبتمبر بعد عملية نادرة لقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، لاعتقال مصعب اشتية القيادي الشاب في حماس.
في 13 تشرين الأول/أكتوبر وقّعت الفصائل الفلسطينية، وفي مقدّمها فتح وحماس، في الجزائر العاصمة اتفاق مصالحة التزمت بموجبه إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون عام.