إيران تواصل سياستها التوسعية في سوريا مستغلة الأوضاع
تواصل إيران سياستها التوسعية في سوريا.. تغيير ديمغرافي واحتلال عسكري وعقائدي.
مراسلة بي بي سي، لينا سنجاب، أعدت تقريرا وصفت فيه ما يحدث في سوريا حيث غادرت منزلها في العاصمة السورية دمشق في عام 2013، بعد وقت قصير من بدء الحرب الأهلية وتمكنت مؤخرًا من العودة للمرة الأولى منذ سنوات، لتجد بلدًا متغيرا تمامًا.
وقالت: عند دخولي سوريا، كان المشهد كما أتذكره: نفس الجبل، ونفس أشجار البلوط، ونفس الملصقات الكبيرة للرئيس، مما يوفر تذكيرًا حيًا بمن هو المسؤول هنا، لكن القليل من الأشخاص كانوا سوريين. وكان معظمهم من السياح الدينيين من لبنان والعراق، على الرغم من أن البعض الآخر ربما جاء للتسوق في أسواق دمشق.
دمشق غارقة في الظلام
بعد مرور أكثر من عقد على بدء الاحتجاجات في سوريا، تغيرت أجندة النظام همها الرئيسي اليوم هو الاقتصاد، وليس السياسة.
عند الوصول إلى دمشق ليلاً، تجد المدينة غارقة في الظلام. حتى الأحياء الفاخرة أصبحت معتمة، لقد كان هذا هو الحال لسنوات، هناك نقص في كل شيء تقريباً، مما يجبر السوريين على الوقوف في طوابير طويلة لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
أنت بحاجة إلى بطاقة ذكية تحمل بياناتك للحصول على الخبز المدعوم أو مخصصات الوقود أو الغاز تصلك رسالة نصية تخبرك بموعد الانضمام إلى الطابور.
تبدو الحكومة عازمة على تقديم سوريا كدولة حديثة مع انهيار كل شيء.
وقد قدمت نظامًا للناس لدفع الفواتير الحكومية عن طريق التحويل المصرفي، عبر تطبيق الهاتف المحمول، لكن الكثير منهم لا يستطيعون الوصول إلى البنوك أو الهواتف المحمولة، ثم ظهر نظام آخر يسمح لك بالدفع إلكترونيًا دون الحاجة إلى بنك ولكنك لا تزال بحاجة إلى هاتف محمول. وفي بعض الأحيان ينفد الوقود من المولدات التي تشغل أبراج الهاتف، وتنقطع الشبكة.
التشيع في سوريا
ويشكل وجود أعداد كبيرة من مواطني الدول المتحالفة مع سوريا سبباً للغضب، قم بالتجول في المدينة القديمة وستسمع أصوات الزوار من العراق ولبنان وإيران وحتى اليمن.
ومن بينهم مسلمون شيعة جلبتهم إيران لتعزيز نفوذها في سوريا أو كما يراها الناس في دمشق، لتوسيع نفوذ الشيعة في المنطقة. غالبية السوريين هم من المسلمين السنة ومعظم اللاجئين الخمسة ملايين الذين فروا من الحرب هم من السنة، في حين أن النخبة الحاكمة هي في الأساس من العلويين، وهم فرع شيعي يمثل حوالي 12٪ من السكان.
وحتى الموالون للنظام، الذين رأوا في الماضي أن الوجود الإيراني استراتيجي، يطلقون عليه الآن اسم “الاحتلال”، ولم يتزايد السخط إلا بعد أن هاجمت إسرائيل أفراد الجيش والأمن الإيرانيين الذين يتمركزون في الأحياء السكنية في دمشق، وتعتبر إسرائيل وجود عدوتها اللدود إيران في سوريا تهديدا كبيرا، وتتهم إيران إسرائيل بقتل جنرالاتها في سوريا.
الاحتلال الروسي
تقول الكاتبة أن الروس غير مرحب بهم أيضًا في سوريا وعلى الرغم من أن عدد القوات الروسية قد انخفض منذ الغزو الروسي واسع النطاق لأوكرانيا، إلا أنهم ما زالوا موجودين في البلاد، سواء كانوا جنودًا نظاميين أو مقاتلين تابعين لهم من منطقة الشيشان بجنوب روسيا.
ولا يزال شمال غرب سوريا تحت سيطرة مقاتلي المعارضة السورية، لكن الكثير من الناس في دمشق يرون أن هذا الجزء من البلاد يحكمه “محتل” آخر، وفي هذه الحالة تركيا التي لديها قوات هناك. وفي الوقت نفسه، تسيطر القوات التي يقودها الأكراد على معظم شمال شرق سوريا حيث توجد موارد النفط في البلاد.
وتختلف مستويات المعيشة في كل منطقة من هذه المناطق، حيث تعد الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا من بين أفقر المناطق على الإطلاق.
ولكن على الرغم من أن حلفاء الرئيس الأسد ما زالوا مؤثرين على الأرض، إلا أنه ونظامه يعلقون آمالهم على لاعب كبير آخر.
فقر وجوع
يقول المواطن السوري محمد علي قرصلي لأخبار الآن: (وهو مواطن سوري يعيش في تركيا بينما عائلته في سوريا)
الوضع في سوريا صعب للغاية، الرواتب منخفضة والأسعار مرتفعة، وجميع الأسر المتواجدة في الداخل السوري تعاني من الفقر والمورد الوحيد لها للحصول على المال هم أبنائهم المتواجدين في الخارج والذين يرسلون لهم الحوالات.
وأضاف أن عائلته منقسمة إلى قسمين قسم تحت سيطرة النظام السوري وقسم آخر لدى قوات سوريا الديمقراطية، فسكان القسم الأول لدى النظام يعانون من الفقر المدقع، فحسبما يروي أن والده يتقاضى راتبا تقاعديا يبلغ (20) دولارا شهريا بينما كيلو واحد من اللحم يصل إلى (10) دولارات وربما أكثر.
بينما يبلغ راتب الموظف في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (100) دولار ما يعدال مليون و400 ألف ليرة سوريا تقريبا وهو نوعا ما مبلغ يكفي لأسرة مكونة من أب وأم وطفلين على الأكثر.
التغيير الديمغرافي “خطة إيران”
بدأت عملية التغيير الديمغرافي مع تهجير أبناء ريف حمص، والقصير، وكذلك الامتداد الإيراني في العاصمة دمشق، والقوانين التي أصدرها النظام لـ”شرعنة” التغيير الديمغرافي، وكذلك هجرة المسيحيين من محافظة إدلب، واستمرت بعدها مع تهجير أهالي الغوطة الشرقية، واتفاق المدن الأربع، والأوضاع في شرق سوريا، وعفرين بريف حلب.
فقد شهدت أحيـاء حمـص منذ بدايات الثورة السورية ملاحقة واعتقال الناشطين الفاعلين في الحراك، ثم مع ظهور فصائل الجيش الحر، كثفت قوات النظام حملات القصف والتدمير الممنهج، ما دفع الكثير من أبناء تلك الأحياء لمغادرة المدينة، قبل اجتياح قوات النظام لحي “بابا عمرو” أوائل عام 2012، ثم حصار أحياء حمص القديمة، وصولاً إلى أول اتفاق لإجلاء الأهالي المحاصرين منها برعاية أممية عام 2014.
ويتهم نشطاء النظام بتوطين الموالين له في الأحياء التي سيطر عليها، بغية تغيير البنية الديمغرافية للمدينة، التي شكل “السنة” فيها السواد الأعظم،
في السياق أيضاً، شكلت مدينة القصير التابعة لمحافظة حمص، بوابة دخول حزب الله بشكل علني واضح إلى جانب النظام، فالمدينة الحدودية لها أهمية بالغة بالنسبة لقيادات الحزب، لاتصالها الجغرافي الطبيعي بلبنان، وقربها من مناطق نفوذ الحزب في لبنان.
كما انحياز المدينة إلى الحراك الشعبي منذ البداية جعلها هدفاً للحزب، الذي أحكم سيطرته عليها صيف 2013، بعد هروب أهلها منها تحت وطأة عمليات عسكرية مكثفة نفذها حزب الله بدعم من النظام.