انضم رائد الفضاء محمد فارس إلى صفوف المتظاهرين في سوريا عام 2011
غيب الموت رائد الفضاء السوري محمد فارس، عن عمر ناهز الـ 73 عاماً، بعد صراعه مع المرض في مستشفى بولاية غازي عنتاب التركية.
واللواء محمد فارس من مواليد مدينة حلب 1951، وهو خرّيج الأكاديمية العسكرية ومدرّس فيها، وضابط سابق في سلاح الجو ومستشار عسكري سابق في سوريا.
ويعتبر فارس أول سوري وثاني عربي يصعد إلى الفضاء بعد السعودي سلطان بن سلمان آل سعود، إذ صعد إلى الفضاء ضمن برنامج الفضاء السوفيتي في مركبة الفضاء سويوز للمحطة الفضائية مير في يوليو/ تموز 1987، مع اثنين من رواد الفضاء الروس ضمن برنامج للتعاون في مجال الفضاء بين سوريا والاتحاد السوفيتي.
First Syrian astronaut Muhammad Faris flies to Mir space station in Soviet-Syrian mission, 1987 pic.twitter.com/WA9sInzoXv
— أسامة (@OSilent4) April 19, 2024
أنجز رائد الفضاء السوري خلال الرحلة 13 تجربة علمية تمت في الفضاء على متن المركبة الفضائية، وعدة أبحاث في مجالات صناعية وجيولوجية وكيميائية وطبية وفي الرصد الفضائي والاستشعار عن بعد تم الإعداد لها في سوريا.
انضم فارس إلى صفوف المتظاهرين مع بدء الحراك في سوريا عام 2011، ونزح إلى الشمال السوري ومن بعدها تركيا، وشارك في العديد مِن الفعاليات والتظاهرات، كما كانت له مشاركات في مؤتمرات ولقاءات ودروس في جامعات تركية، وشارك في افتتاح المعرض العلمي للأطفال في ولاية غازي عنتاب عام 2019، بحضور رئيسة بلدية الولاية فاطمة شاهين.
حاز رائد الفضاء السوري الجنسية التركية، وصنّف من قبل الهلال الأحمر التركي بأنه أول رائد فضاء تركي كونه نال الجنسية.
أطلقت صحيفة الغارديان البريطانية على فارس لقب “آرمسترونغ العرب”، وسمي مطار وشوارع باسمه في سوريا، وكانت رغبته التي أعلن عنها قبل وفاته أن يعيش في بلده ويشاهد أطفاله يلعبون بسلام دون خوف من القنابل.
وعاد رائد الفضاء السوري إلى الأرض على متن المركبة “Soyuz TM-2” في 30 تموز 1987، وكان مجمل المدة التي قضاها في الفضاء سبعة أيام و23 ساعة وخمس دقائق، ثم عاد إلى القوات الجوية السورية واستقر في مدينة حلب، ومنحه الاتحاد السوفيتي لقب بطل عن إنجازاته كـ رائد فضاء، كما نال “وسام لينين”، وهو أرفع وسام مدني يمنحه الاتحاد السوفيتي.
ويعد اللواء بطلاً قومياً في سوريا وحصل على العديد من الأوسمة والتكريمات، وعقب عودتهِ مِن الفضاء طلب مِنه رئيس سوريا السابق حافظ الأسد تأسيس معهدٍ قومي لعلوم الفضاء بهدف مساعدة غيره مِن السوريين في الانخراط في أبحاث الفضاء، قبل أن يتم إنهاء ذلك.
13 تجربة علمية
أجرى فارس خلال الرحلة 13 تجربة علمية على متن المركبة الفضائية، وأبحاثًا في مجالات صناعية وكيماوية وطبية، منها تجربة حركة الدم في جسم الإنسان ومدى تأثرها بالأجواء المحيطة في الفضاء.
وخلال محاضرة عرض خلالها تجربته على مجموعة من الطلاب الأتراك، في صالة علي أميري بمدينة اسطنبول، في 2016، قال محمد فارس، “اخترت من بين عدد من الطيارين العسكريين لقدرة الطيارين التعود على الجاذبية في العالم الخارجي بشكل أكبر، وتم تحضيري خلال سنتين في مدينة النجوم على ثلاث مراحل علميًا وصحيًا ونفسيًا”.
الرسالة الأخيرة للشباب..#محمد_فارس pic.twitter.com/P5FzGQ20u4
— كوزال (@guzel_olalim) April 19, 2024
في آذار الماضي، تعرّض محمد فارس لوعكة صحية دخل على إثرها إلى المستشفى حتى وفاته.
ومن المستشفى، وجه رسالة إلى الشعب السوري قال فيها مخابطًا الشباب، “لكم التوفيق، أنتم الشباب أملنا في المستقبل، لا تيأسوا، سننتصر بإذن الله تعالى”.
كيف رأى العالم بعين رائد الفضاء؟
كان يوم 22 يوليو/تموز 1987 حاسما في حياة محمد أحمد فارس؛ ففيه تحوّلت حياته بانطلاقه إلى الفضاء الخارجي، فإذا كان الإنسان يُولد مرة، فإن رائد الفضاء ولد مرتين؛ مرة من رحم أمه، والأخرى من رحم الأرض إلى الفضاء. لكن سوريا؛ بلد محمد فارس -الذي اتسع له الفضاء- ضاقت به، فخرج منها لاجئا يبحث عن وطن بديل.
قال فارس في تصريحات إعلامية سابقة: “أجمل منظر رأيته في حياتي كان منظر الأرض من الفضاء.. لأن الأرض هي أمنا وكنت سعيداً جداً أن أرى أمي الأرض.. لكن الكون مرعب وحياة الفضاء صعبة وقاسية أكثر مما يتصور، وهذا يعيدني للكلام عن المواصفات الاستثنائية التي يجب أن يتمتع بها رائد الفضاء وأجدد عرضي لوكالة الفضاء التركية بأن أكون في فريق اختيار هذا الرجل”.