المقترح الذي وافقت عليه حماس يتضمن ثلاث مراحل بهدف وقف دائم لإطلاق النار
بعد أشهر من المفاوضات، أعلنت حركة حماس أنها أبلغت الوسيطين القطري والمصري، موافقتها على مقترح بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت الحركة في بيان، إن رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع مدير المخابرات المصرية عباس كامل، وأبلغهما موافقة الحركة على مقترحهما بشأن اتفاق وقف إطلاق النار.
في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه سيتم النظر في جميع المقترحات التي من شأنها إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، في حين أن عملياته مستمرة في الوقت الحالي بالتوازي.
وكشف مسؤول إسرائيلي، لرويترز إن الاقتراح الذي قبلته حماس هو نسخة مخففة من العرض المصري ويتضمن عناصر لا يمكن لإسرائيل قبولها.
إلى ذلك أكد مسؤول مطلع على محادثات السلام، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، أن العرض الذي قبلته حماس هو في الواقع نفس العرض الذي وافقت عليه إسرائيل في نهاية أبريل.
وجاءت التحركات في اللحظة الأخيرة نحو وقف إطلاق النار عندما قصفت القوات الإسرائيلية مدينة رفح على الطرف الجنوبي من قطاع غزة وأمرت السكان بالخروج من أجزاء من المدينة، التي كانت بمثابة الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح من غزة.
وأي هدنة ستكون أول توقف للقتال منذ وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا في نوفمبر تشرين الثاني والذي حررت خلاله حماس نحو نصف الرهائن الذين أسرهم مقاتلوها في هجوم السابع من أكتوبر الذي عجل بالحرب.
ومنذ ذلك الحين تعثرت كافة الجهود الرامية إلى التوصل إلى هدنة جديدة بسبب رفض حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن من دون وعد بإنهاء دائم للصراع، وإصرار إسرائيل على أنها لن تناقش سوى وقف مؤقت.
ملامح بنود الهدنة
وقال طاهر النونو مسؤول حماس ومستشار هنية لرويترز إن الاقتراح يلبي مطالب الحركة بما في ذلك جهود إعادة الإعمار في غزة وعودة النازحين الفلسطينيين ومبادلة الرهائن الإسرائيليين بالسجناء الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.
وأوضح نائب رئيس حماس في غزة خليل الحية في تصريحات تلفزيونية، أن مقترح الهدنة المصري-القطري الذي وافقت عليه الحركة يتضمّن ثلاث مراحل بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأضاف: “المقترح الذي قدمه لنا الوسطاء في قطر ومصر يتضمن 3 مراحل، كل مرحلة من 42 يوماً بهدف الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار”، لافتاً إلى أن الصيغة تشمل “انسحاباً كاملاً من غزة وعودة النازحين وتبادلاً للأسرى”.
وأمرت إسرائيل في وقت سابق يوم الاثنين بإخلاء أجزاء من مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة والتي كانت بمثابة الملاذ الأخير لنحو نصف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي عما إذا كان قول حماس إنها قبلت اقتراح وقف إطلاق النار سيؤثر على الهجوم المخطط له في رفح، قال الأميرال البحري دانييل هاجاري: “إننا ندرس كل إجابة وردود بأكثر الطرق جدية ونستنفد كل الإمكانيات فيما يتعلق بالمفاوضات وإعادة الرهائن”. “.
وقال “بالتوازي مع ذلك، مازلنا نعمل في قطاع غزة وسنواصل القيام بذلك”.
أجواء من البهجة في رفح
وبمجرد الإعلان عن موافقة حماس على مقترح الهدنة، احتفلت حشود وأطلقت النار في الهواء في شوارع مدينة رفح في جنوب غزة، وفق مراسل وكالة فرانس برس، الذي قال إن البعض بكوا من الفرح وهتفوا بآيات التكبير وأطلق البعض النار في الهواء احتفالا بالنبأ.
وتجمّع أشخاص بالمئات ملوحين بالأعلام الفلسطينية وقد شغّل أحدهم آلة لنفخ الدخان الضبابي تستخدم في الحفلات، فيما صفّق آخرون حملوهم رفاقهم على أكتافهم.
ورقص البعض حول نار تم إشعالها على قارعة الطريق فيما رفع آخرون شارات النصر. ووقف البعض فوق حافلات وشاحنات ملوحين بمناديل.
واشنطن “تدرس” رد حماس
بالتزامن مع هذه التطورات، أعلنت الولايات المتحدة أنها تدرس رد حماس على مقترح الهدنة فيما جددت دعوتها لإسرائيل عدم مهاجمة مدينة رفح المكتظة بالسكان في جنوب قطاع غزة.
وقال الناطق باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر للصحافيين “يمكنني أن أؤكد بأن ردّا صدر عن حماس. ندرس هذا الرد حاليا ونبحثه مع شركائنا في المنطقة”.
وقال ميلر إن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أيه) وليام برنز “في المنطقة يعمل على ذلك بشكل فوري”.
ورفض توصيف رد حماس التي أعلنت قبولها بوقف إطلاق النار، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة تدعم اتفاقا يضح حدا للقتال وينص على الإفراج عن الرهائن.
وأفاد ميلر “ما زلنا نعتقد بأن اتفاقاً حول الرهائن يصب في مصلحة الشعب الإسرائيلي وفي مصلحة الشعب الفلسطيني”.
وفيما تدرس الولايات المتحدة رد حماس، جددت إدارة الرئيس جو بايدن دعواتها إلى إسرائيل عدم مهاجمة رفح بعدما أصدرت الدولة العبرية أوامر إخلاء.
وقال ميلر “لم نر خطة إنسانية ذات مصداقية وقابلة للتطبيق”. وأضاف “نعتقد بأن من شأن عملية عسكرية في رفح حاليا أن تفاقم بشكل كبير معاناة الشعب الفلسطيني وتؤدي إلى خسارة حياة مزيد من المدنيين”.
وتحدث بايدن هاتفيا في وقت سابق الإثنين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو فيما قال البيت الأبيض إن الرئيس شدد على موقفه “الواضح” حيال رفح.
بدء عملية في رفح
ويوم الإثنين، قالت إسرائيل إنها تنفذ عمليات محدودة في الجزء الشرقي من رفح، في أعقاب هجوم صاروخي أعلنته حماس وأدى إلى مقتل أربعة جنود إسرائيليين عند المعبر الحدودي الرئيسي المؤدي إلى رفح في اليوم السابق.
وقال المتحدث باسم الحكومة ديفيد مينسر “لقد طلبنا من المدنيين الابتعاد عن طريق الأذى. لقد كنا محددين للغاية بشأن المناطق التي سنستهدفها…”. واستمر القصف الإسرائيلي على مناطق شرق رفح طوال نهار الاثنين.
وقال جابر أبو نازلي (40 عاما) وهو أب لطفلين “لقد أطلقوا النار منذ الليلة الماضية واليوم بعد أوامر الإخلاء أصبح القصف أكثر كثافة لأنهم يريدون تخويفنا حتى نغادر”.
وأضاف: “لقد غادرت بعض العائلات بالفعل، والبعض الآخر يتساءل عما إذا كان هناك أي مكان آمن في قطاع غزة بأكمله”.
وكشف مسؤولون طبيون فلسطينيون أن الطائرات الإسرائيلية قصفت خلال الليل عشرة منازل مما أدى إلى مقتل 20 شخصا. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب الموقع في رفح الذي أُطلق منه صاروخ اليوم السابق على قواته.
وبعد تلقي تعليمات من خلال رسائل نصية ومكالمات هاتفية ومنشورات باللغة العربية بالانتقال إلى ما وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها “منطقة إنسانية موسعة” على بعد نحو 20 كيلومترا بدأت بعض الأسر الفلسطينية تبتعد تحت أمطار الربيع الباردة.
وقام البعض بتجميع الأطفال والممتلكات على عربات تجرها الحمير، بينما غادر آخرون بشاحنات صغيرة أو سيرا على الأقدام في الشوارع الموحلة.
وقال عبد الله النجار إن هذه هي المرة الرابعة التي نزح فيها منذ بدء القتال قبل سبعة أشهر، حيث قامت العائلات بتفكيك الخيام وطوى ممتلكاتها.
من جانبه قال نيك ماينارد، وهو جراح بريطاني يحاول مغادرة غزة يوم الاثنين، في رسالة صوتية من جانب غزة من معبر رفح إلى مصر: “لقد انفجرت للتو قنبلتان ضخمتان خارج المعبر على الفور. هناك الكثير من إطلاق النار أيضًا حول المعبر”. على بعد 100 متر منا، ليس من الواضح لنا ما إذا كنا سنخرج”.
وأضاف: “أثناء القيادة عبر رفح، كان التوتر واضحاً مع إجلاء الناس بأسرع ما يمكن”.