قصة ملهمة يرويها الباحث الفلسطيني تامر أبو موسى بعد نيله شهادة الماجستير
على الرغم من ويلات الحرب وأعمال العنف التي أغرقت كل زاوية من أزقة غزة وشوارعها، قرر تامر صلاح أبو موسى صمّ آذانه عن سماع صوت القصف، ووضع هدفاً واحداً نصب عينيه، وهو نيل شهادة الماجستير.
أبو موسى البالغ من العمر 40 سنة، تحدّى الظروف الدموية التي يعيشها القطاع منذ سبعة أشهر، لإنجاز رسالته في علم النقس ونجح بعد جهود مضنية في بلوغ يوم المناقشة.
ذلك اليوم وُلد، في شكله ومضمونه، من رحم الأزمة، وكان تجسيداً لحجم المعاناة، وذلك لأنه لم يكن داخل صرح تربوي ضخم، وقاعة مجهّزة، بل كان داخل خيمة.
في التفاصيل، اجتمع عدد من الأساتذة المشرفين من كلية التربية قسم علم النفس في جامعة الأزهر غزة، داخل إحدى الخيم في مدينة رفح الجنوبية وتمت مناقشة رسالة الباحث الفلسطيني التي حملت عنوان: “المناعة النفسية كمتغير وسيط بين الضغوط النفسية والدافعية للإنجاز لدى المرشدين التربويين بالمحافظات الجنوبية في فلسطين”.
يروي أبو موسى لـ”أخبار الآن” المعاناة والصعوبات التي اختبرها طيلة فترة تحضيره للرسالة وسط استمرار الحرب، وقال: واجهت العديد من الصعوبات، انطلاقاً من انقطاع التيار الكهربائي ووجود صعوبة في شحن الكومبيوتر النقال، وصولاً إلى انقطاع الإنترنت ووسائل الإتصال مع الجامعة وبالتالي المشرف.
ولفت إلى أن كان أكبر تحدي كان إيجاد مكان لمناقشة الرسالة حيث أن جامعة الأزهر دمرت. وقال: بحمد الله جسّدنا قاعة المناقشة بالخيمة.
يعتبر الباحث أن مناقشة رسالة الماجستير تشكّل أهمية كبيرة جدًا وهي بمثابة تحدٍّ يقول للعالم أجمع أن الشعب الفلسطيني ما زال على قيد الحياة ومتجذّر في أرضه. وأكّد “أننا صامدون ومستمرون في المسيرة العلمية”.
وشدد تامر على أنه جسّد الواقع المرير لسكان غزة من خلال إقامة المناقشة داخل الخيمة “لنضع العالم كله أمام المأساة التي يعيشها أبناء غزة”، بحسب قوله.
وردّاً على سؤال “أخبار الآن” عما تعنيه له درجة الماجستير، أجاب: الماجستير يعني أنني سوف أكمل حلم حياتي بأن أنتقل إلى مرحلة الدكتوراه وأن لا أقف أمام الأزمات.
وبعيداً عن التحديات والصعوبات ولحظات الألم التي رافقته طيلة هذه الفترة، شارك أبو موسى “أخبار الآن” بعضاً من اللحظات الحلوة وتحديداً عن مصدر إصراره وعزيمته. فقال: استمديت العزم من قلب المعاناة التي يدفع ثمنها أهل غزة، فمن الألم يخرج الأمل وكان لمشرفي دور بالتشجيع على فكرة المناقشة والاستمرار.
ووجه تامر رسالة إلى كل طالب وباحث فلسطيني، قال: واصل الإستمرار في المسيرة العلمية وان لا تدع الظروف تشكّل عائقاً أمام احلامك. وأضاف: لا تتأخر عن زرع الفرحة في قلب من حولك، خصوصاً الذين ينتظرون منك أن تصل إلى أعلى المراتب.
وكان له رسالة للعالم أيضاً، إذ قال عبر “أخبار الآن” : سنواصل نضالنا العلمي والبحثي ولن نقف أمام أهوال الحرب.
ولدى سؤال عن خططه المستقبلية، أشار أبو موسى إلى أن أمنيته هي الحصول على منحة للدكتوراه وأن يسخّر تحصيله العلمي في سبيل التخفيف عن آلام شعبه ومساعدته. وأكّد أن خطته المستقبلية تقوم على تأسيس مركز متخصص بعلم النفس يشمل العلاج والإرشاد النفسي، وخدمات تربوية اجتماعية.