هل يقاتل 4000 جندي مغربي إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة؟

في الآونة الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات تدّعي أن أربعة آلاف جندي مغربي يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة. هذا الادعاء أثار جدلاً واسعًا، خاصة في ظل التوترات الإقليمية بين المغرب والجزائر. لكن بعد التدقيق في هذه المعلومات، يتضح أنها تندرج ضمن الأخبار الكاذبة والمضللة.

حقيقة مشاركة جنود مغاربة في القتال بجانب الجيش الإسرائيلي في غزة

التحقق من الادعاءات

بدأت الشائعات تنتشر منذ 12 مايو، عندما ظهر مقطع فيديو لمعارض مغربي يتحدث في وسيلة إعلام جزائرية، يدعي فيه إرسال أربعة آلاف جندي مغربي للقتال في غزة. إلا أن المعارض لم يقدم أي دليل مستقل لدعم مزاعمه، مما جعل الادعاء مشكوكًا فيه منذ البداية.

محتوى مضلل

في 31 مايو، انتشرت صورة إخبارية مزعومة على منصة إكس (تويتر سابقًا)، تفيد بأن مصدرًا عسكريًا إسرائيليًا أكد وجود الجنود المغاربة في غزة. ولكن، عند التدقيق في الصورة، تبين أنها تحتوي على أخطاء نحوية وتنسيقية، مما يثبت أنها مغلوطة وليست من إنتاج قناة الجزيرة.

تصريحات الجيش الإسرائيلي

في 26 مايو، نفى المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي أي حالات خطف جنود أو وجود جنود مغاربة يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة. ولم ينشر الموقع الرسمي للجيش الإسرائيلي أي أسماء أو صور تدعم هذه الادعاءات.

حقيقة مشاركة جنود مغاربة في القتال بجانب الجيش الإسرائيلي في غزة

تحقيقات أخرى

أجرت منصات للتحقق من الأخبار الزائفة، تحقيقات مستقلة أثبتت أن بطاقات الهوية والصور المتداولة للجندي المزعوم كانت زائفة.

وأظهرت التحقيقات أن الأرقام والأسماء المطبوعة على بطاقات الهوية لا تتطابق مع الأشكال الأصلية لبطاقات الهوية المغربية والجزائرية.

في منشور آخر لكتائب القسام تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي في مطلع شهر حزيران/يونيو الجاري، عرض مقطع فيديو يتضمن صور غرافيك أسلحة وملابس عسكرية وأجهزة اتصال عسكرية لاسلكية نسبت إلى الجنود الذين قيل إنهم تعرضوا للأسر بالإضافة إلى جثة هامدة مرمية على الأرض لشخص قيل إنه جندي إسرائيلي.

في نهاية المقطع المصور، تم عرض صورة الرجل المتوفى مصحوبة بنص باللغتين العربية والعبرية يبدو أنه كان موجهًا إلى الجيش الإسرائيلي يقول ما يلي: “لدينا جثة أحد أفراد الفرقة. تعرفون جيدًا هويته، لماذا تكذبون على شعبكم؟ هل هو من بين المرتزقة الذين تنفون وجودهم في القطاع منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي؟ أنتم مطالبون بتحديد هوية هذا الجندي وباقي أفراد الكتيبة العسكرية من بين القتلى والجرحى والأسرى”.

على الفور، تحدثت حسابات ناطقة بالعربية على منصة إكس عن فرضية أن يكون هذا الجندي المقتول حاملًا لجنسية عربية. وتحدث منشور على منصة إكس يتضمن صورة غرافيك أخرى مزيفة نسبت هذه المرة لقناة “العربية” الإخبارية السعودية، وحصدت أكثر من 89 ألف مشاهدة، عن أن هذا الجندي المقتول يحمل الجنسية السعودية.

ولكن، بحسب فريق تحرير منصة التحقق من الأخبار الزائفة في سوريا “تأكد”، فإن الأمر لا يعدو كونه إضافة لشعار قناة “العربية” للمنشور كما أن شكل الغرافيك الموجود في الصورة لا يتطابق مع ذلك الذي تستخدمه القناة السعودية.

من جهة أخرى، تبنى عدد كبير من الحسابات فرضية أن هذا الجندي كان يحمل الجنسية المغربية، وربطوا الإعلان الصادر عن حماس بالادعاءات التي تتحدث عن وجود “أربعة آلاف جندي مغربي في قطاع غزة” التي تم تداولها قبل نحو أسبوعين.

على فيسبوك، تداولت صفحات مقربة من المعارضة المغربية وأخرى مساندة لجبهة البوليساريو منذ يوم 4 حزيران بطاقة هوية مزعومة للجندي المقتول، والذي قيل إنه عثر عليه من قبل مقاتلي القسام. وقيل إن إسم هذا الجندي هو “يحيى حلفية”، وهو مواطن مغربي ولد في سنة 2003 وأصيل منطقة عين السبع، وهو حي شعبي في الدار البيضاء.

يكفي أن نلاحظ بالعين المجردة أن الصورة الموجودة في بطاقة الهوية تعرضت لتعديل رقمي. من خلال مقارنة بطاقة الهوية المنشورة مع شكل بطاقة الهوية في المغرب، نلاحظ أن شكل الأرقام مختلف عن رقم الهوية الوطنية الموجود في أسفل البطاقة على اليسار. كما أن الصورة التي تمت إضافتها لبطاقة الهوية أكبر من المساحة المخصصة لها في الأصل.

حقيقة مشاركة جنود مغاربة في القتال بجانب الجيش الإسرائيلي في غزة

(الشروق)

من جهة أخرى، تحدثت حسابات موالية للمغرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن رواية أخرى، إذ قالوا إن الرجل المقتول في غزة يحمل الجنسية الجزائرية ويدعى أحمد بن طالب، ولد في سنة 1995 بمدينة عين الصفراء.

ولكن، بحثًا عكسيًا عن الصورة يكشف أن الصورة الأصلية لبطاقة الهوية الجزائرية تعود لسنة 2017، وتتعلق ببطاقة هوية تمت تعديلها لتشبه وجه الجندي الذي قتلته كتائب القسام، فيما لم يتم إدخال أي تعديل على باقي البيانات الموجودة في البطاقة. كما أن الشاب الجزائري الذي تعرضت بطاقة هويته للفبركة نفى بنفسه في مقطع فيديو نشر على فيسبوك أنه قاتل كمرتزق في قطاع غزة.

مناورات الأسد الأفريقي

في 4 يونيو، نشرت صفحة على فيسبوك تدعم جبهة البوليساريو صورة لجندي زُعم أنه مغربي يشارك في تدريبات عسكرية مع جنود إسرائيليين. ومع ذلك، أظهرت التحقيقات أن الصورة التقطت في 31 مايو 2024 خلال مناورات “الأسد الأفريقي 2024” وأن الصورة تم التلاعب بها. الشخص الذي يظهر في الصورة لا يشبه الجندي المزعوم الذي ادعوا أنه قُتل في غزة.

الادعاءات بأن أربعة آلاف جندي مغربي يقاتلون إلى جانب الجيش الإسرائيلي في غزة هي شائعات لا أساس لها من الصحة. هذه الشائعات تأتي تستهدف تشويه الحقائق وزيادة التوترات الإقليمية.