تقاذف للمسؤولية وغضب على مواقع التواصل بعد انقطاع التيار الكهربائي في لبنان

أعلنت شركة كهرباء لبنان عن توقف التيار الكهربائي عن جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك المرافق الأساسية كمطار بيروت والمرفأ، ومضخات المياه والسجون.

وأوضحت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان لها السبت، أنها استنفدت جميع الإجراءات الاحترازية “من أجل إطالة فترة إنتاج الطاقة بأقصى حدودها الدنيا الممكنة، في ظل الظروف الحالية المختلفة”.

وأفادت المؤسسة بخروج آخر مجموعة إنتاجية لمعمل الزهراني (في الجنوب) عن الخدمة بالكامل، “جراء نفاد خزين المعمل من مادة الغاز أويل بالكامل”، ما أدى إلى توقف التغذية بالتيار الكهربائي كلياً على جميع الأراضي اللبنانية.

لبنان غارق في الظلام.. كيف تبدو الصورة؟

وأكدت مؤسسة كهرباء لبنان أنها ستقوم مجدداً بإعادة تشغيل المجموعات “التي وُضعت خارج الخدمة قسرياً، فور “تأمين” الوقود، ومن ثم إعادة التيار الكهربائي والتغذية “تدريجياً” كما كانت سابقاً.

ويُعد انقطاع التيار الكهربائي إحدى المشكلات الأساسية التي يعاني منها لبنان. وطبقاً للبنك الدولي، فإن ما يقرب من نصف الدين العام أي حوالي 40 مليار دولار يعود إلى قطاع الكهرباء.

ويعتمد الكثير من الناس في البلاد، التي شهدت انهيار عملتها منذ اندلاع الأزمة في أواخر عام 2019، على المولدات الخاصة أو يكافحون لساعات طويلة في اليوم، تصل إلى 12 ساعة، بدون كهرباء.

لبنان غارق في الظلام.. كيف تبدو الصورة؟

وتواجه شركة كهرباء لبنان التي تديرها الدولة نقصاً حاداً في السيولة، في الوقت الذي تكافح فيه البلاد أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990.

الجدير بالذكر أنه في السنوات التي سبقت انفجار مرفأ بيروت في عام 2020، كان اللبنانيون يعيشون دون كهرباء لمدد قد تصل إلى 22 ساعة في اليوم.

إمدادات العراق

منذ 3 سنوات، أبرمت الحكومتان العراقية واللبنانية اتفاقاً بتزويد لبنان بالوقود لإنتاج الطاقة ليرفع من ساعات التغذية. إلا أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري يرفض تحويل الأموال لسداد ثمن شحنات الوقود العراقي من الاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبية دون صدور قانون من مجلس النواب يُتيح له ذلك، بسبب عدم وجود رصيد للوزارة ومؤسسة الكهرباء.

ويتقاذف المسؤولون في لبنان، مسؤولية الأزمة الراهنة. فبينما يُحمّل وزير الطاقة وليد فياض، مصرف لبنان المركزي مسؤولية ما آل إليه الوضع نتيجة عدم تسديد المستحقات لدولة العراق، يطالب المصرف المركزي بتشريع من مجلس النواب يجيز له ذلك.

غضب على السوشيل ميديا

انقطاعات الكهرباء ليست بالأمر الجديد على يوميات اللبنانيين، فقد أصبحت عبارة “راحت الكهربا” من بين أوائل العبارات التي ينطقها الأطفال، لكن الغرق في الظلام الدامس أغضب اللبنانيين المقلين أصلاً بالأزمات. وقد شكّلت مواقع التواصل الاجتماعي فُسحة للتعبير عن اعتراضهم وتوجيه الاتهامات للسياسيين والأحزاب المسؤولة عن هذا التدهور الكبير.

ويحمّل جزء كبير من اللبنانيين المسؤولية لـ”التيار الوطني الحر” الذي يتزعمه الوزير السابق جبران باسيل، صهر رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، نظراً لتعاقب وزراء تابعين للتيار في تولّي وزارة الطاقة على مدى سنوات طويلة، وتمسّك التيار بهذا المنصب عند تشكيل الحكومات، من دون أن يكون هناك أي تقدّم أو تحسّن في توفير الكهرباء.

في هذا السياق، نشط وسم “تيار العتمة” على منصة إكس، وتوالت التغريدات المناهضة لسياسة التيار الوطني الحر في إدارة قطاع الكهرباء، والفشل في تأمين الطاقة كما كانت الوعود.

 

واستغرب البعض كيف أن بلد بكامله يغرق في ظلام دامس، رغم الأموال التي تتقاضاها الدولة من المواطنين.

وتأتي تطورات أزمة الكهرباء على وقع التخوّف من اندلاع حرب واسعة النطاق بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب، ما زاد من استياء اللبنانيين.

مساعٍ لاحتواء الأزمة

طلب وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال، وليد فياض، من “مؤسسة كهرباء لبنان” والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني “وضع إنتاج المصلحة من المعامل المائية، الذي يتراوح بين 80 و100 ميغاواط، على الشبكة العامة لكهرباء لبنان، لتأمين الطاقة اللازمة لخطوط الخدمات العامة العائدة للمرافق العامة ومحطات ضخ المياه ومحطات الصرف الصحي”. ودعت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي إلى ترشيد استخدام المياه بالحدود القصوى بسبب خفض مدة التغذية بالمياه، معلنة أنها “ستبادر إلى تشغيل المولدات لتغطية انقطاع التيار الكهربائي، ولكن ذلك لا يكفي لتوفير الكمية الكافية من المياه لتغذية كل المدن والبلدات التي تقع في نطاق صلاحيات المؤسسة”.

لبنان غارق في الظلام.. كيف تبدو الصورة؟

من جهته، أكد المدير العام للطيران المدني في مطار بيروت، فادي الحسن، أن مطار رفيق الحريري الدولي، المطار المدني الوحيد في البلاد، “يُؤمّن الطاقة الكهربائية حالياً من المولدات”، معرباً عن أمله في ألّا تطول الأزمة.