محادثات القاهرة تأتي بعد جولة مماثلة عقدت في الدوحة لبحث هدنة غزة
يزور وفد من حركة حماس القاهرة حيث تجري مفاوضات سعيا لهدنة في قطاع غزة، بينما تواصل إسرائيل قصفها في القطاع ما أدى إلى مقتل نحو 50 فلسطينيا في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، وأعلن الجيش الإسرائيلي من جهته مقتل ثلاثة من ضباطه.
وبعد أكثر من عشرة أشهر من الحرب التي دمّرت القطاع وخلّفت عشرات آلاف القتلى وتسببت بأزمة إنسانية كارثية، تستضيف القاهرة جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر.
وأكدت واشنطن الجمعة أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية “سي آي ايه” وليام بيرنز وصل الى القاهرة للمشاركة في المباحثات، متحدثة عن “تحقيق تقدم” في النقاشات التمهيدية التي تسبق المباحثات الموسعة.
تجري المحادثات بعد جولة مماثلة عقدت في العاصمة القطرية الأسبوع الماضي، لم تحضرها حماس.
وأعلن قيادي في الحركة السبت لوكالة فرانس برس أن وفدا من حركة حماس سيلتقي في القاهرة مسؤولين مصريين مساء السبت.
وأفاد قيادي آخر في الحركة أن “قيادة حماس بما فيها رئيس الحركة (يحيى) السنوار قررت أن المرجعية التي يتم الاستناد اليها هي خطة 2 تموز/يوليو التي وافقت عليها حماس”.
وأكد أن “موقف حماس وفصائل المقاومة مع تنفيذ خطة 2 تموز/يوليو وليس التفاوض بشأنها”.
جولة “مفصلية”
وأفاد مصدر مصري بأن جولة المفاوضات “الموسعة” ستنطلق الأحد بمشاركة مسؤولين مصريين وقطريين.
وتحدث عن “مناقشات موسعة جرت في القاهرة الجمعة والسبت للإعداد لجولة مفاوضات موسعة تنطلق الأحد”، مشيرا الى أن واشنطن “تناقش مع الوسطاء مقترحات إضافية لسد الفجوات بين إسرائيل وحماس وآليات التنفيذ”.
ورأى أن جولة الأحد ستكون “مفصلية لبلورة اتفاق سيعلن عنه إذا نجحت واشنطن في الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.
وأكد مكتب نتنياهو هذا الأسبوع تمسكه بتحقيق “جميع أهداف الحرب” قبل وقف النار، معتبرا أن “هذا يتطلّب تأمين الحدود الجنوبية” للقطاع مع مصر.
يؤشر ذلك الى تمسّك إسرائيل بإبقاء قوات في غزة خصوصا عند الشريط الحدودي بين القطاع ومصر المعروف بـ”محور فيلادلفيا”. وترفض حماس ذلك بشدة وتشدد على ضرورة الانسحاب الكامل.
وكان مكتب نتنياهو أكد الخميس التزامه “بالمبدأ القائل إن إسرائيل يجب أن تسيطر على ممر فيلادلفيا من أجل منع حماس من أن تعيد تسلّحها ما يسمح لها بأن ترتكب مجددا الفظائع التي ارتكبتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر”.
وتتمسّك حماس بموقفها الداعي إلى التقيد بالمقترح وفق الصيغة التي أعلنها الرئيس الأمريكي جو بايدن في 31 أيار/مايو، وأعلنت قبولها مطلع تموز/يوليو.
ينص المقترح على هدنة مدتها ستة أسابيع يرافقها انسحاب إسرائيلي من المناطق المأهولة في غزة وإطلاق سراح رهائن خطفوا في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ثم مرحلة ثانية تنتهي بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع.
ورأى القيادي في حماس حسام بدران أن “إصرار نتانياهو على إبقاء قوات الاحتلال في محوري طريق الشهداء (نتساريم) وصلاح الدين والشريط الحدودي مع مصر (فيلادلفيا) يعكس نوايا الاحتلال في مواصلة العدوان وحرب الابادة وعدم التوصل لاتفاق نهائي”.
وصرح لفرانس برس الجمعة “لن نقبل بأقل من انسحاب قوات الاحتلال بما في ذلك من محور فيلادلفيا ونتساريم”، معتبرا أن واشنطن “تتحمل مسؤولية الضغط عليه (نتنياهو) لتحقيق وقف إطلاق النار”.
مع تواصل المعارك، يتضاءل احتمال التوصل الى هدنة بالنسبة لكثيرين.
ومن هؤلاء عائلات الرهائن الذين التقى وفد منهم نتنياهو الجمعة لحثّه على إبرام اتفاق. وأعربت ابنة أحدهم عن شعورها بأن الاتفاق ليس وشيكا.
وقالت إيلا بن عامي التي خُطف والدها أوهاد في الهجوم، في بيان صادر عن منتدى عائلات الرهائن “غادرت بانطباع ثقيل وصعب أن هذا لن يتمّ قريبا”.
“القضاء” على حماس
أسفر هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر عن مقتل 1199 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
كما خُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 105 منهم محتجزين في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش وفاتهم.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت مقتل ثلاثة ضباط احتياط في وسط القطاع، ليرتفع إلى 338 عدد قتلاه منذ دخوله قطاع غزة في 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وتوعد نتنياهو بـ”القضاء” على حماس ويشن الجيش منذ ذلك الحين قصفا مدمرا وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بمقتل ما لا يقل عن 40334 شخصا وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وفي قطاع غزة المحاصر والمدمر والذي يعاني كارثة إنسانية تهدد سكانه البالغ عددهم حوالى 2,4 مليون نسمة، أعلن الدفاع المدني السبت مقتل 14 شخصا بينهم أربعة أطفال وأربع نساء في غارات إسرائيلية على القطاع.
قتل 11 من هؤلاء في قصف منزل في خان يونس جنوب القطاع، بحسب مصدر طبي.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه “خلال اليوم الماضي، تم القضاء على العشرات من الإرهابيين في مواجهات عن قرب وضربات جوية إسرائيلية في منطقة تل السلطان في رفح” أقصى جنوب القطاع.
وأضاف الجيش أن قواته “بدأت الجمعة عملية مستهدفة البنية التحتية للإرهاب في منطقة مدينة غزة (…) وقضت حتى الآن على عدد من الإرهابيين وفككت مواقع البنية التحتية للإرهاب”.
ويخشى المجتمع الدولي تصعيدا عسكريا إقليميا أكبر بعد توعّد إيران وحزب الله بالردّ على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في 31 تموز/يوليو في طهران والمنسوب إلى إسرائيل، واغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية في ضربة إسرائيلية.
وأعلن حزب الله الذي يتبادل القصف بشكل شبه يومي مع الجيش الإسرائيلي على الحدود منذ أن فتح “جبهة إسناد” في بداية الحرب في غزة، مسؤوليته عن أكثر من 10 هجمات السبت على القوات والمواقع الإسرائيلية، خصوصا بطائرات مسيّرة متفجرة.
في المقابل، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية عن غارات إسرائيلية على جنوب لبنان.