ما هو التالي بعد الهجمات المتبادلة بين حزب الله وإسرائيل؟
بعد نحو شهر من حبس الأنفاس، وقع رد حزب الله على مقتل القيادي فؤاد شكر، وشكّل إطلاق النار عبر الحدود صباح الأحد تصعيداً كبيراً بعد 11 شهرًا من الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل.
الأحداث كان لها روايتين، إسرائيلية وأخرى من حزب الله، فقد أعلن حزب الله أنه “أنجز” المرحلة الأولى من هجومه على إسرائيل، في حين أعلنت إسرائيل أنها أحبطت “جزءا كبيرا من الهجوم” الذي شنّه حزب الله وذلك من خلال تنفيذ ضربة استباقية قبيل انطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، الأمر الذي منع حدوث هجوم أكبر.
لكن هل انتهاء هجوم حزب الله يعني أن كرة الرد باتت الآن في ملعب إسرائيل؟ وهل المرحلة الأولى، كما أسماها حزب الله تحتّم وجود مرحلة ثانية؟ أم أن ما يحصل خفف من مخاوف حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط؟
أكّد الكاتب والمحلل السياسي محمد خلفان الصوافي أن حالة التصعيد في المنطقة ستبقى، لأن الأمر ليس متعلق بحزب الله فقط خصوصاً أن هناك تنظيمات أخرى وهناك إيران التي تهدف إلى إبقاء حالة التصعيد. وقال لـ”أخبار الآن”: الحالة لن تصل إلى حرب شاملة حتى وإن كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد استقدمت سفنها الحربية لدعم لإسرائيل فهي من باب الردع.
واعتبر أن حزب الله هو في وضع الخاسر الأكبر استراتيجياً لأن رده غير مقنع مقارنة بحجم الخطابات السياسية والوعيد، على حدّ تعبيره.
ورأى أن إسرائيل حققت مبتغاها مرتين. أولاً من خلال اغتيال فؤاد شكر وغيره من القياديين، وثانياً أنها قامت بعملية استباقية الأحد لإنهاء حالة القلق النفسي المبني على انتظار رد الحزب.
وكان الجيش الإسرائيلي أكّد أن حزب الله “كان يستعد لتوجيه ضربات بآلاف الصواريخ”، مشيرًا إلى تدمير “آلاف منصات” إطلاق الصواريخ التابعة له، في جنوب لبنان، وذلك في سلسلة ضربات واسعة شاركت فيها “نحو 100 طائرة” حربية.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي في تصريح صحفي أن الجيش قام بشن هجوم استباقي عندما رأى تحركات لحزب الله واستعدادات لتنفيذ عملية إطلاق واسعة النطاق.
في هذا السياق، قال الكاتب محمد خلفات الصوافي لـ”أخبار الآن” إنه “يكفي أن ندرك أن المبادرة جاءت من إسرائيل، رغم أن الجميع كان ينتظرها أن تأتي من حزب الله أو محور المقاومة، حتى نعرف حالة التراجع العسكري والإذلال الذي يعيشه حزب الله، بفعل عمليات الاغتيال المتكررة لقياداته.”
من جانبه، أكّد الكاتب الصحافي جورج شاهين أن حزب الله مكشوفاً ليس عن طريق الإستخبارات القريبة أو الوشايات الشخصية، بل عن طريق تكنولوحيا المعلومات التي تجاوزت القدرات البشرية كأن تتكل الجهات على عميل أو مخبر.
وقال عبر “أخبار الآن”: خزان المعلومات لدى إسرائيل مليئ بالمعلومات الدقيقة عن مسؤولي الحزب. وهي ترصد تحركاتهم من أصغر الأعضاء حتى أعلى المستويات.
عودة قواعد الاشتباك
لفت شاهين في حديثه لـ”أخبار الآن” إلى “أننا عدنا الى قواعد الاشتباك التي كانت قائمة قبل الأحد بدليل أن إسرائيل استأنفت عمليات الاغتيال اليوم على طريق صيدا، وحاولت اغيتال أحد قادة حماس كما استعادت الطائرات الإسرائيلية عمليات خرق جدار الصوت فوق بيروت وبعض المناطق الأخرى.”
وشدد على أن لا حرب شاملة بدليل أن حزب الله وإسرائيل، أعلنا سوياً أن ما جرى الأحد انتهى، كما تم تفكيك الاجراءات الاستثنائية التي أعلنت في إسرائيل ودعا نصرالله بيئته واللبنانيين إلى العودة إلى مناطقهم وممارسة حياتهم الطبيعية.
وقال: يمكن القول أن معركة في هذه الحرب قد طويت وهي المعركة التي كان يتوقعها الجميع وما علينا سوى ترقب النتائج المترتبة على الرد الإيراني بعد اغيتال إسماعيل هنية، وبانتظار الرد الذي هدد به الحوثيون منذ أن نفذت إسرائيل عملية الحديدة.
ماذا عن الرد الإيراني؟
ذكرت بعض التقارير أن التصعيد الأخير أظهر أن إيران وحلفاءها من الجماعات المقاتلة غير الحكومية في المنطقة لا تستطيع تحمل احتمال اندلاع حرب أوسع نطاقاً.
وقد أوضح محمد خلفان الصوافي عبر “أخبار الآن” أن إيران لن ترد مباشرة على إسرائيل. وقال: إيران لا تريد المواجهة العسكرية فهي تدرك رد فعل الولايات المتحدة على ذلك، وستسعى، بدلاً من ذلك، إلى تحقيق مصالح أخرى قد تكون متعلقة بالملف النووي.
وأعلن نصرالله مساء الأحد أن كل طرف في “محور المقاومة” سيقرر كيف يرد بطريقته، حيث سيكون هناك رد لإيران وللحوثيين بعد رد حزب الله.
مع ذلك، تحدث شاهين عبر “أخبار الآن” عن “معلومات دقيقة تقول إن إيران تعهدت للوسطاء في عمان وفي المفاوضات الجارية في أكثر مكان في العالم أنها لن تجر المنطقة إلى حرب”.
وأشار إلى أن إيران لا تريد أن تكون مشاركة بشكل مباشر، وخصوصاً بعد تجربة نيسان الماضي. وقال: إيران تراهن على أذرعها في المنطقة، وهي تخوض المواجهة من باب مصالحها الكبرى فيما الأذرع تقاتل على الأرض، كلٌ على قياسه.
ما التالي؟
يبدو أن خطر اندلاع صراع شامل أصبح أقل كثيراً في أعقاب تبادل إطلاق النار يوم الأحد، بحسب سي إن إن. ومع ذلك فإن التهديد الإيراني المفتوح سوف يستمر في المساهمة في حرب الأعصاب، وسوف تظل المنطقة على حافة السكين طالما استمرت الحرب في غزة.
وعن هذا الموضوع، يقول الصوافي لـ”أخبار الآن”: يبدو أننا أمام مرحلة جديدة لتشكيل المنطقة برغبة أمريكية تقوم بترتيبها مع إسرائيل، لذا سينتهي كل هذا التصعيد بحالة من الحوارات والمفاوضات تكون نتيجتها قبول نصرالله وزعيم حماس يحيى السنوار بشروط إسرائيل.