ارتفاع أقساط المدارس في لبنان يزيد هموم المواطن هناك
مع بدء التحضيرات للعودة الى العام الدراسي، يتجدد هم الاسر في تأمين مستلزمات عودة أبنائهم إلى المدرسة مثل الملابس والقرطاسية والحقيبة المدرسية في ظل وضع اقتصادي صعب وارتفاعات غير مبررة في الأسعار.
وتعصف التحديات الناتجة عن الأزمة الاقتصادية في لبنان، بالعام الدراسي الجديد الذي ينطلق حضورياً بخطوات متعثرة.
وفيما امتلأت الأعمدة والجدران بالملصقات الإعلانية التي تروج للمدارس، وجد الأهالي وأولياء الأمور أنفسهم مرة أخرى تحت عبىء دفع الأقساط والكتب وكلفة النقل، حيث تتراوح أجرة نقل التلميذ الواحد بالحافلة المدرسية، ما بين 25 إلى 70 دولارًا، بحسب المسافة وبحسب تسعيرة المدرسة.
فالأهالي مع مطلع كل عام دراسي يجدون أنفسهم منغمسين في معترك شاق لتأمين المتطلبات واللوازم للأبناء، فتحوّل الموسم الدراسي إلى تجارة واستثمار مربح، ما يجعل الكثير من الأسر في مواجهة تكاليف باهظة، بينما لا تلوح في الأفق بوادر نهاية لهذه المعاناة.
“صدمة الأقساط” ضربت جميع الأهالي. هناك من يطمع بجودة التعليم فلا يتنازل إلى مدرسة بمستوى أدنى وقسط أقلّ، لا خيار أمامه غير مراكمة الأعباء المادية. وتستسلم فئة أخرى أمام التقشف، فتلجأ إلى مدرسة ذات مستوى أقل، أو إلى التعليم الرسمي.
وبدأ أولياءُ الأمور في شراء قرطاسيّة العام الجديد استعدادًا لبدء العام الدراسي، حيث بدأت المراكز التجارية في عرض كل أنواع القرطاسيات من دفاتر وأقلام وحقائب مدرسية يحتاجها الطلابُ، حيث تنوّعت الأسعار في مختلف المناطق اللبنانية.
وفي جولة على أسعار القرطاسية واللوازم المدرسية في المكتبات، يتضح أنها سجلت قفزات في سعرها، فقلم الرصاص مثلاً الذي كان يباع بـ 500 ليرة لبنانية بات اليوم يكلف نحو 5000 ليرة، فيما سعر الآلة الحاسبة بلغ 500 ألف ليرة بعدما كان نحو 35 ألفا خلال الأعوام الماضية.
بحسب موقع لبنان 24، فالدفاتر هي الأكثر تكلفة بحيث يتراوح سعر الدفتر اللازم للمادة الواحدة ما بين 300 و450 ألف ليرة فيما يحتاج الطالب إلى دفتر لكل مادة تقريباً.
إلى ذلك، قالَ محمد، صاحب المكتبة العصرية في برجا، أن مع قرب انطلاق العام الدراسي تبدأ المبيعات بالازدياد، ويصعب الآن الحكم على مدى ارتفاع نسبة أرباح مبيعاتنا بالأرقام الدقيقة ومقارنتها بالأعوام السابقة إلا بعد انطلاق العام الدراسي.
ولفتَ إلى أنَّ المكتبات ومراكز التسوُّق تتنافسُ في تقديم العروض على المُستلزمات المدرسية بكل أنواعها، خاصةً للمجموعات، حيث يتم عرض علب الأقلام أو الدفاتر بأسعار مُخفَّضة تناسبُ الأسر التي لديها أكثرُ من طالب في المدرسة، إلى جانب إطلاق عروض ترويجية مُتنوِّعة على الحقائب المدرسية المُرفقة بحافظة طعام وقارورة للمياه.
تحديات خطيرة
اعتبر رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم في بيان أنه” في ظل الارتفاع الجنوني وغير المبرر في أقساط الجامعات وبعض المدارس الخاصة في لبنان، نجد أنفسنا أمام تحديات خطيرة تمسّ جوهر رسالة التعليم في وطننا”.
وقال:”التعليم، الذي كان يومًا أداة لتحقيق العدالة والمساواة، يتحول اليوم إلى سلعة نخبوية تُباع وتُشترى، مما يخلق طبقية تربوية غير مقبولة ويعزّز الانقسامات الاجتماعية التي تعصف ببلدنا”.
وأكد أنّ” حق التعليم لا يجب أن يكون مرهونًا بقدرة العائلات على دفع الأقساط المتضخمة التي تزداد عامًا بعد عام دون مبرر حقيقي، مما يضع عبئًا إضافيًا على كاهل الأسر اللبنانية التي تعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة.. وهنا، ومنعاً للتعميم المجحف، نشكر المدراس الخاصة التي حافظت على الاتزان في تحديد الأقساط وأخذت أوضاع الناس القاسية بعين الاعتبار.. ونرفض الهجمة الممنهجة والمشبوهة على الجامعات والمدارس الكاثوليكية وتحميلها وحدها وزر ومسؤولية أزمة تضخم الأقساط”.
وأضاف:” إن رسالة التعليم، منذ نشأتها، كانت تقوم على المبادئ الإنسانية والروحية التي تعزّز قيم المساواة والعدل والازدهار العلمي والثقافي والاجتماعي.. إلا أن بعض الجامعات والمدارس قد انحرفت عن هذه الرسالة السامية، وسعت إلى تحويل التعليم إلى تجارة بحتة، غير عابئة بالنتائج الوخيمة التي تترتب على هذه السياسات الجائرة.. إن هذا الارتفاع غير المبرر في الأقساط لا يقتصر تأثيره على الشق الاقتصادي فحسب، بل يمسّ جوهر المجتمع اللبناني، حيث يؤدي إلى تهميش شريحة كبيرة من المواطنين، وحرمانهم من حقهم الأساسي في التعليم الجيد”.
وتابع: ” إننا نؤكد أن التعليم يجب أن يكون حقًا للجميع، دون تمييز أو تفرقة.. ومن هنا، ندعو إلى تعزيز دور الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية في لبنان، ورفع مستواها لتكون خيارًا موازياً وقويًا أمام الجامعات والمدارس الخاصة. إن الواقع يثبت أن الجامعة اللبنانية والعديد من المدارس الرسمية في لبنان قد حققت نجاحات باهرة وتفوقت في مستواها التعليمي على بعض الجامعات والمدارس الخاصة، مما يدحض الادعاء بأن الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية أقل كفاءة أو جودة.. لذلك، يجب أن نعمل جميعا على دعم الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية، وتوفير الإمكانات والموارد اللازمة لها لتستمر في أداء دورها التربوي والاجتماعي على أكمل وجه”.
وشدد على أنه “لا ينبغي أن يخجل الأهالي من إرسال أبنائهم إلى المؤسسات التربوية الرسمية التي تستوفي المعايير التربوية والتعليمية المطلوبة.. إن الاعتزاز بهذه المؤسسات الوطنية هو خطوة أساسية نحو تعزيز الثقة بالنظام التعليمي اللبناني، وتحقيق العدالة التعليمية التي هي حجر الزاوية في بناء مجتمع سليم ومتوازن”.
وأردف: “نحن نعتبر أن هذا الارتفاع الفاحش في الأقساط، بلا مبرر منطقي، هو بمثابة مؤامرة على الشعب اللبناني وعلى أجياله الصاعدة، تهدف إلى دفعهم نحو اليأس والإحباط، ووقف التفكير ببناء عائلة، والاستسلام لهاجس الهجرة كحلّ للهروب من هذا الواقع المرير. إننا نرفض هذه السياسات الجشعة التي تسعى إلى تدمير أحلام الأجيال القادمة، ونطالب المسؤولين والمعنيين بالتحرك الفوري لوضع حد لهذه الأزمة، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان حق التعليم للجميع، بعيدًا عن استغلال حاجات الناس وتحويل التعليم إلى رفاهية لا يقدر عليها سوى القليلين”.
وختم المطران ابراهيم: ” نحن نؤمن أن التعليم هو الحجر الأساس في بناء مستقبل لبنان، وأن ضمان حق الجميع في الحصول على تعليم جيد وعادل هو مسؤولية وطنية وأخلاقية تقع على عاتق الدولة أولا، وعلى عاتقنا جميعًا.. لذلك، ندعو إلى وقفة وطنية شاملة لدعم المؤسسات التربوية الرسمية، وضمان استمرارية التعليم كحق مكتسب لكل طالب لبناني، ليكون التعليم جسرًا للعدالة الاجتماعية، وليس أداة لخلق طبقات اجتماعية متناحرة”.
وللحصول على معلومات أكثر حول هذا القضية تواصلت أخبار الآن مع وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، دون أن تحصل على إجابة.