وزير الري المصري السابق يتحدث لأخبار الآن حول التصريحات الإثيوبية الأخيرة بشأن سد النهضة
وجه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خطابا إلى رئيس مجلس الأمن، إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي، رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، حول المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة.
خريطة توصيحية لموقع سد النهضة في إثيوبيا
وأكد الوزير في الخطاب “رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقا صريحا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021″، وفق بيان “الخارجية المصرية”.
وتقوم إثيوبيا ومصر والسودان بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق اتفاق إعلان المبادئ، بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا.
— Egypt MFA Spokesperson (@MfaEgypt) September 1, 2024
وإذا لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة، وفق المادة العاشرة من “إعلان المبادئ” الموقع في 23 مارس 2015.
وأشار البيان المصري إلى أن “تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلا للدولة المصرية”.
واعتبر البيان أن اكتمال بناء السد “يمثل استمرارا للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلا من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك”.
حول هذا الموضوع تواصلت أخبار الآن مع وزير الري المصري السابق د. محمد نصر علام، والذي قال: “السد وتصرفات الإدارة الإثيوبية المنفردة تمثل تهديدا للوجود المصري، والدولة لن تتردد في استخدام كل ماهو متاح من سبل للدفاع عن شعبها وسيادتها”.
وفيما يتعلق بتأثير ذلك على الاقتصاد المصري قال: “الزراعة ومنذ 7000 عاما، تعتمد على النيل كمصدر المياه، وكذلك الصناعة والملاحة والسياحة والشرب.. ونصيب المواطن المصريين من المياه 500 متر مكعب سنويا، وتعانى البلاد فجوة غذائية تقدر بعشرة مليار دولار سنوياً”.
“آثار سلبية خطيرة على مصر والسودان”
أوضح الخطاب المصري لمجلس الأمن أن “انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاما من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل لحل”.
وأضاف البيان أن “إثيوبيا تسعى لإضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المناقضة للقانون الدولي، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها أن تلك السياسات تنطلق من حق الشعوب في التنمية”.
وشدد الخطاب على أن “مصر لطالما كانت في طليعة الدول الداعمة للتنمية بدول حوض النيل، وأن التنمية تتحقق للجميع في حالة الالتزام بالممارسات التعاونية المنعكسة في القانون الدولي وعدم الإضرار بالغير وتعزيز الترابط الإقليمي”.
وأكد وزير الخارجية المصري في خطابه لمجلس الأمن أن “السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان، وبالرغم من أن ارتفاع مستوي فيضان النيل في السنوات الأخيرة وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لسد النهضة في السنوات الماضية”.
ومصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه”، حسبما ذكرت الخارجية المصرية.
“حق مصر في الدفاع”
الأسبوع الماضي، اجتمعت اللجنة العُليا لمياه النيل برئاسة برئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وأكدت “حق مصر في الدفاع عن أمنها المائي واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك على مختلف الأصعدة”.
وفي اجتماعها، تناولت اللجنة سبل تعزيز التعاون في حوض النيل على ضوء اقتناع مصر بضرورة تضافر الجهود لاستقطاب التمويل لتنفيذ المشروعات التنموية بدول حوض النيل، وفقا للممارسات التعاونية المتفق عليها دوليا.
وأشارت اللجنة إلى ضرورة “تكريس الرخاء والازدهار للجميع، وتجنب الانجراف لآفاق التوتر وتقاسم الفقر التي يمكن أن تنتج عن السياسات الإثيوبية غير التعاونية”، على حد وصف الخارجية المصرية.
وتعتبر مصر سد النهضة تهديدا وجوديا وتؤكد على حقها التاريخي في مياه النيل إذ تعتمد عليه في 97 في المئة من احتياجاتها المائية، وخلال الأعوام الأربعة الماضية كانت القاهرة تصدر بيانات تطالب أديس أبابا بالعودة للتفاوض والتوصل إلى حل توافقي.
وأعلنت إثيوبيا، الثلاثاء الماضي، انتهاء أعمال البناء الخرساني لسد النهضة، والانتقال لمرحلة التشغيل.
وأكدت إثيوبيا، أنها قامت بتشغيل توربينين جديدين على سد النهضة الكبير ما يتيح لها مضاعفة إنتاجها من الكهرباء بفضل هذا السد الضخم الذي بنته على نهر النيل وشكل مصدرا للتوتر مع جيرانها، وخصوصا مصر.
وأوضحت الهيئة المسؤولة عن تشغيل السد أن “التوربينين اللذين يولدان 400 ميغاواط لكل منهما بدأ تشغيلهما الآن، بالإضافة إلى توربينين يولدان 375 ميغاواط لكل منهما، ليرتفع إجمالي الإنتاج إلى 1550 ميغاواط”.
وقالت الهيئة إن “مفيضات السد تصرف 2800 متر مكعب في الثانية من المياه الإضافية باتجاه دول المصب”.
وتم تشغيل أول توربينين، من إجمالي 13 توربينا من المخطط أن توضع على السد، في فبراير وأغسطس 2022.
وبدأ العمل بسد النهضة في عام 2011 بتكلفة 4 مليارات دولار، وهو يعد أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا، إذ يبلغ عرضه 1.8 كيلومتر وارتفاعه 145 مترا.
وتتوقع إثيوبيا أن ينتج عندما يعمل بكامل طاقته 5000 ميغاواط، وهو ضعف الإنتاج الحالي للبلاد، مع سعة تخزين إجمالية تبلغ 74 مليار متر مكعب.
وفي أبريل، قدر البنك الدولي أن الحكومة الإثيوبية “حققت تقدما مشجعا في برنامج كهربة البلاد ووسعت تغطية الشبكة إلى ما يقرب من 60 بالمئة من البلدات والقرى”، وذلك في بيان أعلن فيه بدء تنفيذ خطة لتحسين شبكة الكهرباء في إثيوبيا.
وأشار البنك إلى أن “نقص الكهرباء في إثيوبيا ما زال يؤدي إلى تفاقم الفقر”.
وكانت مصر أرسلت أسلحة إلى الصومال في وقت سابق بخطوة أثارت حفيظة الإثيوبيين، حيث لم تمضِ سوى ساعات على وصول طائرتين عسكريتين مصريتين محملتين بالأسلحة والمعدات العسكرية إلى الأراضي الصومالية، حتى خرج بيان إثيوبي حاد اللهجة، يتهم جارتها مقديشو بزعزعة الاستقرار في المنطقة.
البيان الإثيوبي لم يسمِ مصر، لكنه قال “يتعين على القوى التي تحاول تأجيج التوتر لتحقيق أهداف قصيرة الأجل أن تتحمل عواقب وخيمة”، في تطور ينذر بزيادة التوتر في القرن الأفريقي.
واتفق خبراء من مصر وإثيوبيا تحدثوا لبي بي سي على أنه “لن تقع مواجهة مباشرة بين القاهرة وأديس أبابا”، إلا أن خبير في برنامج أفريقيا بمركز تشاتام هاوس بلندن أكد أن “الأزمة قد تتفجر وتذهب الأوضاع إلى أبعد من المتوقع”.