مستشفيات لبنان استقبلت قتلى وجرحى الحوادث الأخيرة.. ماذا تكشف الأرقام؟
بلغ عدد من قتلوا في تفجير أجهزة الاتصالات المستخدمة من قبل عناصر حزب الله في لبنان نحو 32 شخصاً وجُرح الآلاف في يومين متاليين من الاختراقات الأمنية غير المسبوقة التي وضعت إسرائيل والموساد في خانة الاتهام.
ووصل عدد القتلى في هجوم يوم الأربعاء الذي استهدف أجهزة اللاسكي، إلى عشرين وأصيب أكثر من أربعمئة وخمسين شخصًا بجروح، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
واعتبرت أحداث يومي الثلاثاء والأربعاء وما رافقها من تدفّق سيل من الناس الملطخين بالدماء على مستشفيات لبنان مثابة اختبار لما إذا كان القطاع الصحي المتضرر من الأزمات المستمرة قادرًا على التعامل مع حدث سقوط أعداد كبيرة من الضحايا مثل ما يمكن توقعه في حرب أوسع مع إسرائيل.
ووصف العاملون في الخطوط الأمامية مشاهد جهنمية، وتحدثوا عن ضحايا بالآلاف من الانفجارات الصغيرة اندفعوا إلى المستشفى، بعضهم بأعضاء بارزة، والبعض الآخر وجوههم مفقودة أو أيديهم مفقودة أصابعهم.
وتأتي هذه التطورات وسط استمرار الأزمات في لبنان، إذ ترنح البلد من أزمة إلى أخرى في السنوات الأخيرة، بما في ذلك الانهيار المالي في عام 2019 وانفجار مرفأ بيروت عام 2020. وكانت أموال الحكومة للمستشفيات قد نضبت بشكل كبير وغادر الآلاف من الأطباء والممرضات البلاد، مما زاد من الضغط على أولئك الذين بقوا. لكن وزير الصحة فراس أبيض قال إن القطاع استجاب بشكل جيد في اليومين الأخيرين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أشهر من التحضير.
وتحدّث الأبيض عن جهود بذلها العاملون في القطاع الصحي، مشيراً إلى مبادرات قام بها الأشقاء العرب في دول الجوار.
وكانت وزارة الصحة اللبنانية قد أطلقت غرفة طوارئ صحية، في الأشهر القليلة الماضية، مهمتها التنسيق بين مختلف الجهات الصحية الفاعلة من مستشفيات ومستودعات أدوية ومستلزمات وعاملين صحيين وفرق إسعاف إضافة إلى جمع المعلومات والترصد واحتساب الموارد سواء كانت موارد بشرية أم أدوية ومعدات، تحسباً لتوسّع العمليات العسكرية في جنوب لبنان.
وأجريت أكثر من 400 عملية جراحية يوم الثلاثاء، أغلبها لإصابات في الوجه والعين.
وقال وزير الصحة: “كان ذلك اختبارًا كبيرًا جدًا. هل يمكن أن نتجه نحو اختبارات أكبر؟ لا أعرف”.
في غرف العمليات
وصف بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية شعورًا قويًا بالتشاؤم بشأن ما قد يأتي مع وصول التوترات بين إسرائيل وحزب الله إلى ذروتها، مما أثار مخاوف من حرب أوسع نطاقًا.
وقال إلياس جراده، جراح العيون المخضرم والنائب اللبناني، إنه أجرى عملية جراحية لأكثر من 12 ساعة متواصلة بعد انفجارات يوم الثلاثاء، حيث تعامل مع أخطر الحالات التي تتطلب جراحة إعادة بناء.
وقال وهو ينهار بالبكاء في عيادته في بيروت: “لم أفهم لماذا تم تدريبنا على كبح جماح مشاعرنا حتى بدأت في القيام بذلك، حتى رأيت العديد من الأشياء التي واجهناها بالأمس وتلك التي قد نواجهها في المستقبل”.
وفي حديثه لرويترز خلال استراحة قصيرة قبل العودة إلى العمل، قارن جراده حجم الإصابات بالانفجار الكيماوي الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب 2020 في مرفأ بيروت والذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 6000 آخرين.
وقال جراده: “إنك تعيد بناء كل مريض لإعادة بناء جزء من لبنان، ولإعادة لبنان إلى الحياة”.
من جهتها، لفتت دانيا الحلاق، وهي أخصائية رعاية صحية في أحد مستشفيات بيروت، إلى إنها تكافح للتعامل مع ما رأته حتى الآن.
وقالت: “اضطررت إلى إزالة الضمادات فقط لأجد أنه لا توجد مقل عيون في مكانها”.
وأضافت: “رأيت الناس يذبحون لأول مرة. هل من الممكن أن يتعافى المرء من مثل هذا المنظر؟”