لبنان.. مخاوف من تصاعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله
شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية على جنوب وشرق لبنان يوم الاثنين، مما أسفر عن مقتل أكثر من 492 شخصا في أعنف قصف منذ حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006 وفقا لأسوشيتدبرس.
ووفق حصيلة جديدة أعلنتها السلطات اللبنانية، خلّفت الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان أكثر من 356 قتيلا، بينهم 24 طفلا، و42 سيدة وإصابة 1645بجروح”، ونزوح آلاف العائلات من المناطق المستهدفة بالغارات الإسرائيلية في ضربات تُعد الأعنف منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.
وأجبرت الغارات الإسرائيلية الكثيفة والواسعة التي طالت مناطق للمرة الأولى آلاف اللبنانيين في جنوب البلاد على النزوح من قراهم وبلداتهم، بعد استهداف المنازل السكنية الآمنة وبعض الطرقات.
هذه الموجة غير المسبوقة من النزوح شملت قرى وبلدات في الخطوط الثانية أو الخلفية للمواجهة، ومنها أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، والنبطية وصور والزهراني، وصولا إلى البلدات المحيطة بمدينة صيدا التي تعتبر بوابة العبور إلى الجنوب.
يثير التصعيد بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، مخاوف من توسّع نطاق النزاع، ما يثير قلق المجتمع الدولي.
ومساء استهدفت غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية قائد جبهة الجنوب في حزب الله علي كركي، لكن الحزب قال بعدها إنه لم يصب بأذى وتم نقله إلى مكان آخر.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الجيش يقوم “بتغيير التوازن الأمني” في شمال اسرائيل، حيث يبدي تصميما على إعادة السكان الذين نزحوا هربا من القصف المتبادل عبر الحدود.
وشدّد نتنياهو على أن “اسرائيل لا تنتظر التهديد، بل تستبقه”. ومساء، نبه المواطنين اللبنانيين إلى “الابتعاد من المناطق الخطيرة”.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي فندّد الإثنين بما وصفه بـ”مخطط تدميري” لبلاده، حيث وضعت المستشفيات في حالة تأهب في مواجهة تدفق المصابين فيما أغلقت المدارس ليومين في كل أنحاء البلاد.
ضربات من دون توقف
في مستشفى النجدة الشعبية في مدينة النبطية في جنوب لبنان، وصف الطبيب جمال بدران ما جرى بأنه “كارثة ومجزرة”، مضيفا “بين الغارة والغارة، تشن غارة، حتى أنهم قصفونا خلال انتشالنا جرحى” في بلدة دير الزهراني.
وفي بيروت ومناطق أخرى بينها جنوب لبنان تلقى سكان اتصالات الإثنين عبر الهواتف الثابتة والنقالة مصدرها اسرائيل، يُطلب فيها منهم إخلاء أماكن وجودهم.
مساء تدفّق نازحون من الجنوب إلى بيروت وصيدا، حيث خصّصت لهم مراكز إيواء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف أكثر من 1000 هدف لحزب الله الذي يطلق صواريخ منذ نحو عام على أراض إسرائيلية “إسنادا” لحماس التي تخوض حربا مع إسرائيلي في قطاع غزة.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي مساء الاثنين إن الضربات في جنوب لبنان وشرقه تستهدف “البنية التحتية القتالية التي كان حزب الله يبنيها على مدى السنوات العشرين الماضية”، مضيفا أن الجيش “يستعد للمراحل التالية” من العملية.
في هذا الصدد، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن التقديرات تشير إلى تدمير نصف صواريخ حزب الله طويلة ومتوسطة المدى خلال الضربات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه “يوسع نطاق” ضرباته على حزب الله في لبنان محذرا السكان القريبين من مخازن أسلحة حزب الله في سهل البقاع، بوجوب الابتعاد عنها.
صفارات إنذار في حيفا
أما حزب الله فأعلن الاثنين أنه قصف قاعدة اسرائيلية غرب طبريا ومقرا عسكريا “بعشرات الصواريخ”، لافتا إلى أنه استهدف “المخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة نيمرا” و”مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف”.
وكان الحزب أعلن الإثنين قصف ثلاثة أهداف في شمال إسرائيل.
مساء الإثنين هرع سكان في مدينة حيفا بشمال إسرائيل الى الملاجىء بعد إطلاق صفارات الانذار. وكانت شوارع المدينة التي كانت تحلّق فوقها طائرات مقاتلة بصورة منتظمة، مهجورة الاثنين.
وقال عوفر ليفي، وهو عنصر في الجمارك يبلغ 56 عاما ويعيش في كريات موتسكين في شمال إسرائيل “لست خائفا على نفسي بل على أطفالي الثلاثة”. وأضاف “وقعت ابنتي في أحد الأيام أثناء توجّهها إلى أحد الملاجئ عندما سمعنا صافرات الإنذار. هذا يقلقني. لا يمكن أي بلد أن يعيش هكذا”.
تصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ الأسبوع الماضي، عقب سلسلة تفجيرات الثلاثاء والأربعاء طاولت الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها عناصره في عملية نُسبت إلى الدولة العبرية، وتسببت بمقتل 39 شخصا و2931 جريحا، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.
وتلقّى الحزب سلسلة ضربات في الأيام الأخيرة، شملت تفجير آلاف أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره يومي الثلاثاء والأربعاء في عملية نسبها لإسرائيل، وغارة جوية قرب بيروت استهدفت اجتماعا لقيادة قوات النخبة التابعة له أسفرت عن مقتل نحو 50 شخصا بينهم قائدان عسكريان وعدد من رفاقهما، إضافة الى ضربات جوية مكثفة من سلاح الجو الإسرائيلي على أهداف في جنوب لبنان خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وحذّرت قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) الاثنين من “عواقب بعيدة المدى ومدمرة”، معربة عن “قلقها البالغ على سلامة المدنيين في جنوب لبنان وسط حملة القصف الإسرائيلي الأكثر كثافة منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي”.
“تجنّب حرب أوسع نطاقا”
وفي خضم التصعيد، صدرت دعوات إلى التهدئة أو مغادرة الرعايا الأجانب.
وحضّت الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسية لإسرائيل، مواطنيها على مغادرة لبنان، مؤكدة في الوقت عينه مواصلة العمل على لجم التصعيد.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن الاثنين “نعمل على احتواء التصعيد”، وكان أشار إلى أن الولايات المتحدة “ستبذل قصارى جهدها لتجنب اندلاع حرب أوسع نطاقا”.
إلى ذلك، حضّت الصين رعاياها على مغادرة إسرائيل “في أسرع وقت ممكن”.
ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من نيويورك إلى عقد “اجتماع طارئ” لرؤساء الوفود العربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل العمل على “وقف سلوك” إسرائيل “الإجرامي” في لبنان.
من جهتها طلبت مصر تدخل مجلس الأمن الدولي “لوقف التصعيد الاسرائيلي” في لبنان، فيما اعتبرت تركيا أن الهجمات الإسرائيلية في لبنان تهدد بدفع الشرق الأوسط إلى مزيد من “الفوضى”.
ودعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الإثنين إلى وقف فوري للتصعيد في لبنان “قبل فوات الآوان”، مجددا إتهامه إسرائيل بدفع المنطقة نحو “حرب اقليمية شاملة”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش حذّر الأحد من خطر تحوّل لبنان إلى “غزة أخرى”.
وحذرت وزارة الخارجية الايرانية إسرائيل الاثنين من “تداعيات خطيرة” للضربات التي يشنها جيشها على مواقع لحزب الله في لبنان.
اندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، مع شنّ حماس هجوما تسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على غزة، ما أسفر عن سقوط 41455 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.