إسرائيل تواصل غاراتها على أهداف تابعة لحزب الله في لبنان
ضربت إسرائيل المزيد من الأهداف في لبنان، وضغطت على حزب الله بهجمات جديدة بعد مقتل زعيم الجماعة المدعومة من إيران حسن نصر الله وسلسلة من كبار قادتها في حملة عسكرية متصاعدة.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه قتل نبيل قاووق المسؤول الكبير في الحزب في ضربة جوية السبت على ضاحية بيروت الجنوبية، فيما أشار إلى أنّه نفّذ “ضربة دقيقة” الأحد المنطقة ذاتها.
ووجهت الهجمات سلسلة من الضربات المذهلة لحزب الله بعد ما يقرب من عام من إطلاق النار عبر الحدود، مما أسفر عن مقتل العديد من قياداته وكشف عن ثغرات أمنية هائلة، فيما يناقش وزير الدفاع الإسرائيلي توسيع نطاق الهجوم .
وفي أعقاب مقتل نصر الله – الذي لقي حتفه في غارة جوية ضخمة على بيروت يوم الجمعة – أطلق حزب الله رشقات جديدة من الصواريخ على إسرائيل، في حين قالت إيران إن مقتله سيلقى انتقاما .
وقد أدى تكثيف القصف الإسرائيلي إلى زيادة المخاوف من احتمال خروج الصراع عن السيطرة، مما قد يؤدي إلى جذب إيران وكذلك الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل.
ولم ينجح نصر الله في تحويل حزب الله إلى قوة محلية قوية في لبنان خلال فترة قيادته التي استمرت 32 عاماً فحسب، بل ساعد أيضاً في تحويله إلى المحور الرئيسي لشبكة إيران من الجماعات المتحالفة في العالم العربي.
انتشال جثة حسن نصر الله
وقال مصدر طبي ومصدر أمني لرويترز يوم الأحد إن جثمان نصر الله انتشل سليما من موقع الضربة التي وقعت يوم الجمعة. ولم يحدد حزب الله بعد موعد تشييع جنازته.
فيديو متداول للحظة انتشال جثة الأمين العام لحزب الله #حسن_نصر_الله من موقع الضربة الإسرائيلية بالضاحية الجنوبية #أخبار_الآن #لبنان pic.twitter.com/BE59ETrWkM
— Akhbar Al Aan أخبار الآن (@akhbar) September 29, 2024
ويدور القتال بين حزب الله وإسرائيل، والذي يعد أحدث جولة من الحرب بينهما في أربعة عقود من الصراع المتقطع، بالتوازي مع حرب إسرائيل في غزة ضد حماس منذ الهجوم الذي شنته المجموعة الفلسطينية المدعومة من إيران على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتقول إسرائيل إن الهدف المعلن هو جعل مناطقها الشمالية آمنة من نيران صواريخ حزب الله والسماح لآلاف السكان النازحين بالعودة، ولكن ضرباتها كان لها أيضا تأثير مدمر على المدنيين في لبنان.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن أكثر من ألف لبناني قتلوا وأصيب ستة آلاف خلال الأسبوعين الماضيين، دون أن تحدد عدد المدنيين. وقالت الحكومة إن مليون شخص ـ أي خمس السكان ـ فروا من منازلهم.
لن تتمكنوا من تدميرنا
وفي بيروت، أمضت بعض الأسر النازحة ليلتها على مقاعد مطعم “زيتونة باي”، وهو عبارة عن سلسلة من المطاعم والمقاهي على الواجهة البحرية لبيروت.
وفي صباح الأحد، قامت الأسر التي لا تملك سوى حقيبة سفر مليئة بالملابس بفرد حصائر للنوم عليها وإعداد الشاي لأنفسها.
وقالت فرانسواز أزوري، وهي من سكان بيروت أثناء ركضها في المنطقة: “لن تتمكنوا من تدميرنا، مهما فعلتم، ومهما قصفتم، ومهما شردتم الناس، سنبقى هنا. لن نغادر. هذه بلادنا وسنبقى”.
وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إنه أطلق عملية طارئة لتوفير الغذاء للمتضررين من الصراع.
مليون نازح
من جانبه، أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي أن عدد النازحين جراء الضربات الإسرائيلية المتواصلة في لبنان قد يكون وصل إلى “مليون شخص”، معتبرا أن عملية النزوح هذه ربما هي “الأكبر” في البلاد.
وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي “هناك 778 مركز إيواء، يضمون حتى الآن 118 ألف شخص” لكن “المقدر أن عدد النازحين أكبر بكثير من هذا العدد وقد يصل لحد المليون شخص” نزحوا في الأيام الأخيرة من جنوب البلاد وشرقها ومن الضاحية الجنوبية لبيروت.
بدوره، أعلن برنامج الأغذية العالمي الأحد مباشرة عملية طارئة لتقديم المساعدات الغذائية لمليون شخص تضرروا من التصعيد الأخير في لبنان.
وأكد البرنامج ومقره في روما أنه يقوم “بتوزيع حصص غذائية جاهزة للأكل وخبز ووجبات ساخنة وطرود غذائية على الأسر في الملاجئ في جميع أنحاء البلاد”.
العمل العسكري
وأعلن الجيش الإسرائيلي يوم الأحد أن سلاح الجو ضرب عشرات الأهداف بما في ذلك منصات إطلاق ومخازن أسلحة بينما قالت البحرية إنها اعترضت ثمانية مقذوفات قادمة من اتجاه لبنان وواحدة من البحر الأحمر.
وسُمع تحليق طائرات مسيرة في أجواء مختلف أنحاء العاصمة اللبنانية طوال الليل وعلى مدار نهار الأحد.
وقد توج مقتل نصر الله أسبوعين مؤلمين بالنسبة لحزب الله، بدءاً بتفجير آلاف أجهزة الاتصالات التي يستخدمها أعضاؤه. وكان من المفترض على نطاق واسع أن تكون إسرائيل هي التي نفذت هذا العمل، لكنها لم تؤكد أو تنفي ذلك.
وفي الوقت نفسه، أدت الغارات الجوية الإسرائيلية على معاقل حزب الله في جنوب لبنان، وسهل البقاع بالقرب من الحدود السورية، وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى مقتل عدد من كبار القادة الآخرين في المجموعة.
مخاطر التصعيد
وقد تزايدت المخاوف بشأن احتمال اندلاع صراع أوسع نطاقا. وقد حشدت إسرائيل ألوية احتياطية وتقول إنها مستعدة لكل الخيارات، بما في ذلك عملية برية.
وقال حزب الله إنه لن يوقف إطلاق النار إلا بعد انتهاء الهجوم الإسرائيلي على غزة.
ولم تظهر الجهود الدبلوماسية أي مؤشرات على إحراز تقدم. وقال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري خلال اجتماع لمجلس الوزراء يوم الأحد إن الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار لا تزال جارية.
وفي تعليقه على ما جرى، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن السبت “حان وقت وقف إطلاق النار” عندما سئل عن احتمال شن إسرائيل هجوما بريا، لكنه أشاد أيضا بمقتل نصر الله باعتباره إجراء من العدالة لضحايا هجمات حزب الله.
وفي إيران، التي ساعدت في إنشاء حزب الله في أوائل الثمانينيات، نعى كبار الشخصيات مقتل أحد كبار أعضاء الحرس الثوري الذي قُتل إلى جانب نصر الله، ودعت طهران إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن تصرفات إسرائيل.
وقالت مصادر لرويترز إن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي تم نقله إلى مكان آمن في إيران بعد مقتل نصر الله.
ولطالما كانت ترسانة حزب الله موضع خلاف في لبنان، البلد الذي عرف تاريخيا بالصراعات الأهلية. ويقول منتقدو حزب الله اللبنانيون إن الجماعة جرّت البلاد من جانب واحد إلى صراعات وقوضت الدولة.
لكن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي قال إن مقتل نصر الله “فتح جرحا في قلب اللبنانيين”. وكان الراعي قد انتقد في السابق حزب الله الإسلامي الشيعي واتهمه بجر لبنان إلى صراعات إقليمية.