حوالى 90 % من سكان قطاع غزة نزحوا مرة واحدة على الأقل منذ بدء الحرب
بعد عام على حرب غزة، تغيّرت معالم القطاع الفلسطيني تماما فيما يشعر سكانه بالإرهاق جراء النزوح ونقص المواد الأساسية، في غياب أي نهاية في الأفق.
وفيما قصفت القوات الإسرائيلية حيّه في غزة الإثنين، يقول خالد الهواجري (46 عاما) “عيشونا (حالة) رعب وكأنه اليوم الأول من الحرب”، في وقت تحيي الدولة العبرية ذكرى هجوم حماس.
وأضاف الهواجري الذي اضطر للنزوح عشر مرّات مع أفراد عائلته السبعة على مدى العام الماضي “عشنا في رعب الليلة الماضية من قصف طيران، والكوادكوبتر (مروحية رباعية) وقذائف الدبابات لم تهدأ أبدا”.
وتابع “صمدنا عاما كاملا في الشمال تحت القصف والرعب والخوف بقلوب أولادي وكنا نعيش الموت كل لحظة، ولكن ما زلنا صامدين ولن ننزح لأنه ما من مكان آمن في كل القطاع”.
وبدت مدينة غزة الإثنين مدمّرة جراء القصف الجوي والقتال إلى حد يجعل التعرّف على شوارعها مهمة صعبة.
يسير السكان على طرقات غطتها الرمال وباتت من دون أرصفة، فيما المباني مدمّرة أو في أحسن الحالات بلا واجهات، بينما يتناثر الركام في الشوارع.
وفي ظل شح الوقود وارتفاع ثمنه، لم تعد هناك أي سيارات تقريبا، إذ يعتمد معظم الناس على المشي أو الدراجات الهوائية أو عربات تجرّها الحمير.
وقال حسام منصور (64 عاما) متحدثا من شارع في مدينة غزة وحوله أكوام الركام والرمل “المعاناة كبيرة جدا. لا توجد كهرباء أو مشتقات بترولية. حتى الحطب غير متاح… الآن هناك نقص شديد جدا في جميع أنواع الأطعمة”.
وتابع “هناك العديد من أصناف الطعام التي لم نذقها منذ سنة حتى الآن. الملابس أيضا التي فقدناها في قصف البيوت لم نجد غيرها حتى الآن”.
تفيد الأمم المتحدة بأن 92 في المئة من شوارع قطاع غزة وأكثر من 84 في المئة منشآته الصحية تضررت أو دمرت جراء الحرب.
حرب طويلة
منصور الذي نزح وأبناؤه وتدمّر المبنى الذي كان يقطنه جراء القصف، يقول “حجم الدمار كبير جدا في غزة.. الشوارع شبه تبدلت وتغيّرت. قلما تتعرف على شارع في غزة”.
ويشير إلى أن “حتى الناس الذين تعرفهم منذ مدة طويلة” قد لا تتمكن من التعرّف عليهم لتغيّر ملامحهم أيضا لأسباب بينها فقدانهم الكثير من الوزن أو شدة الإرهاق الواضح عليهم.
وعلى غرار الهواجري ومنصور، عانى سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة من صعوبات بالغة فيما لا توجد أي مؤشرات على إمكانية تحسّن الوضع، حتى بعدما نقلت إسرائيل وحدات من قواتها إلى الجبهة الشمالية حيث تخوض حربا ضد حزب الله في لبنان.
وتفيد الأمم المتحدة بأن حوالى 90 في المئة من سكان القطاع الفلسطيني نزحوا مرة واحدة على الأقل منذ بدء الحرب.
وقال محمد المقيّد (46 عاما) الذي نزح من مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة “الليلة الماضية كانت من أصعب ليالي الحرب وكأن الحرب بدأت للتو”.
وأضاف “لم نكن نتخيل أن الحرب ستطول كل هذه الفترة.. عام رأينا فيه كل المعاناة والمرض والجوع والخطر والفقدان”.
يخوض الجيش الإسرائيلي حربه ضد حماس في قطاع غزة منذ الهجوم غير المسبوق على إسرائيل الذي أسفر عن مقتل 1205 أشخاص، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لفرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
من جانبها، أودت العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بحياة 41909 أشخاص على الأقل، معظمهم مدنيون أيضا، بحسب وزارة الصحة في القطاع الذي تديره حماس.
وبعد مرور عام، لم تحقق إسرائيل أحد أهدافها الرئيسية والمتمثّل بضمان استعادة جميع الرهائن الذي احتُجزوا في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ومن بين 251 رهينة خطفوا يومها، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم.
وما زال الجيش الإسرائيلي ينفّذ عمليات في غزة لإطلاق سراح الرهائن والقضاء على حماس التي تتولى السلطة في القطاع منذ العام 2007.
وفي إشارة إلى عملية عسكرية إسرائيلية جرت في شمال غزة الأحد، أفاد المقيّد عن “دخول بري مفاجئ للدبابات والناس في حالة هلع وتخرج من بيوتها دون أن تأخذ معها أي شيء، فقط تحمل أطفالها وتجري بالشوارع والنيران والقذائف من فوقهم”.
في الأثناء، تواصل حماس القتا، وأعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، إطلاق دفعة من الصواريخ باتّجاه تل أبيب الاثنين.