الكاتب السياسي ميشال الشماعي لـ”أخبار الآن”: الحذر من انزلاق الأمور إلى حرب أهلية مردّه إلى سببين
حذّر وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو من انهيار لبنان ومن خطر اندلاع “حرب أهلية وشيكة” فيه، قائلاً إن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في هذا البلد يمثّل “ضرورة لأمننا الجماعي”.
ولفت الوزير في تصريح لقناة “إل سي إي” التلفزيونية إلى “أن موقفنا، في الوقت الراهن، قائم خصوصا على تخوّف (…) من حرب أهلية وشيكة في لبنان”.
ودعّم الوزير تحذيره بالإشارة إلى المجتمعات النازحة و”الديناميات القوية جدا بين المذاهب” و”إضعاف حزب الله (الذي) هو نبأ سار، لن نقول عكس ذلك”. وأضاف “ترون بالفعل أنّ لبنان يمكن أن ينهار بعد أكثر”.
وإلى جانب القضايا الإنسانية، يهدف المؤتمر الدولي حول لبنان المقرر عقده الخميس في باريس إلى منح الجيش اللبناني الوسائل اللازمة “لضمان سيادة لبنان”، لا سيما إلى الجنوب من نهر الليطاني، المنطقة التي لم ينسحب منها حزب الله على الرغم من قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إنه يعتزم طلب “مساعدة أمنية” للجيش وقوى الأمن الداخلي في المؤتمر.
وفي ما يتعلق بقوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل)، أعرب لوكورنو عن أسفه “لعدم اتّخاذ الجيش الإسرائيلي على الدوام التدابير الأمنية اللازمة في عملياته”.
وقال إنه من الواضح أنّ حزب الله يستخدم وحدات اليونيفيل غطاء في عملياته، لكنّه ذكّر بأنّ مواقع هذه القوة “تعرّضت لاستهداف مباشر” من جانب الجيش الإسرائيلي الأسبوع الماضي.
وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ “تعاقب الانتصارات التكتيكية من خلال تحييد عدد معيّن من الإرهابيين، وهو ما لن نأسف له (…) لا يوفر آفاقا جلية وتلقائية لأمن دولة إسرائيل على المديين المتوسط والطويل”.
في هذا السياق، رأى الباحث والكاتب السياسي الدكتور ميشال الشماعي أن الخوف الفرنسي في مكانه، مشدداً على أن ثقة اللبنانيين بالجيش اللبناني وبحكمة قيادته كبيرة، وقال لـ”أخبار الآن”: هذه الثقة هي الضامن الوحيد في هذه المرحلة لعدم انزلاق الأمور إلى ما قد لا تحمد عقباه.
وأكّد أن “انتخاب رئيس للجمهوريّة كفيل بإعادة عجلة المؤسسات الدّستوريّة إلى السير بطريقة منتظمة، ما يعني حتمًا إعادة هيكلة تركيبة النّظام الدّستوري الذي يسيّر الدّولة إن من حيث القضاء أو الأمن والنّظام العام. وهذه المسألة وحدها كفيلة بدرء أيّ انزلاق فتنويّ.”
وأعرب عن اعقتاده أنه “بعد المواجهة مع إسرائيل، الطرف المسلّح الذي فقد قدرته السياسيّة النّاجمة عن فائض القوّة الذي مكّنه من امتلاكه سلاحه غير الشرعي سيكون قد سقط”، ما يعني بحسب الشماعي عدم قدرته على شنّ حرب بكلّ ما للكلمة من معنى، وسيكون هنالك احتمال بأن تحدث إشكاليّات متنقّلة من دون أن تنزلق الأمور إلى مستوى الحرب الأهليّة لأنّ الجيش اللبناني سيتصدّى لهذه الإشكالات.
دلالات تلوح في الأفق؟
يتخوّف مراقبون من إمكانية تكرار سيناريو الحرب الأهلية التي استمرت استمرت 15 عاماً، وانتهت سنة 1990 بعد أن خلفت دماراً وانقساماً كبيراً في البلاد.
ويعتبر الشماعي أن الحذر من انزلاق الأمور إلى مستوى الحرب الأهليّة مردّه إلى سببين، أولاً أن النّازحين من الطائفة الشيعية بمعظمهم يمتلكون أسلحة. وقال: بسبب العدائيّة التي أسسها حزب الله في المجتمع اللبناني نتيجة لحملاته من 7 أيار في بيروت إلى 14 تشرين في عين الرمانة والجبل ما بينهما، زد على ذلك أنّ الشعور بالفوقيّة والتعالي الوطني لا زال ينبض في عروق هذا المكوّن الحضاري اللبناني بغضّ النّظر عن الخسائر التي مني بها.
ثانياً، عدم تبدّل القرار السياسي حتّى اللحظة الذي ما زال بيد محور إيران وهذا ما يعطي حزب الله ومؤيديه الدّفع التسلبطي اكثر فأكثر، حيث لا زالوا يشعرون بأنّهم فوق القانون والمحاسبة، بحسب الشماعي.
أخطر الأزمات
مرجعيون، وهي بلدة ذات أغلبية مسيحية في جنوب لبنان، فتحت مدارسها وكنيستها الشهر الماضي لإيواء عشرات الأشخاص الفارين من القصف الإسرائيلي على القرى المسلمة.
وقال سبعة من السكان لرويترز إن بعض السكان شعروا بالقلق، وخشوا أن يكون من بين الساعين إلى اللجوء أشخاص مرتبطون بحزب الله. لكنهم أرادوا الحفاظ على العادات المحلية للجيرة الطيبة وكانوا يعرفون أن الفارين من الهجوم الإسرائيلي المتوسع ليس لديهم مكان يذهبون إليه.
لقد نجت مرجعيون من وطأة الهجمات الإسرائيلية على حزب الله خلال العام الماضي. لكن السكان سرعان ما شعروا بأن الحرب قد وصلت.
في السادس من أكتوبر، قُتل اثنان من السكان المحليين – مدرس وضابط شرطة – على مشارف مرجعيون في غارات بطائرات بدون طيار إسرائيلية استهدفت رجلاً شيعيًا على دراجة نارية، وفقًا لمصدرين أمنيين وسكان محليين.
وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، أطلق رجل نازح سعى إلى الاحتماء في مطرانية مرجعيون النار في الهواء وهدد الموظفين بعد أن طُلب منه الانتقال إلى مكان مختلف، وفقًا لثلاثة من السكان وفيليب أوكلا، كاهن كنيسة مرجعيون الأرثوذكسية.
عندها تبخرت روح الترحيب في مرجعيون بسرعة. وقال أوكلا لرويترز عبر الهاتف من البلدة، معربًا عن مخاوف بعض السكان من أن يجتذب النازحون العنف: “لا يمكنك دعوة النار إلى منزلك”.
هذه الأزمة تنطبق على العديد من المناطق اللبنانية، وقد وصفها الكاتب ميشال الشماعي في حديثه لـ”أخبار الآن” بـأنها “أخطر الأزمات التي عصفت بلبنان الحديث.”
وقال: من تمّ تهجيرهم ، دمّرت منازلهم سواء أكانت في ضاحية بيروت أم في الجنوب أو البقاع، وتمّ إحراق أراضيهم بالفوسفور الأبيض. ما يعني أنّ نيّة إسرائيل هي عدم عودة هؤلاء.
وأضاف: ونتيجة للعدائيّة التي نجحت منظّمة حزب الله بزرعها بين اللبنانيين نتيجة لغزواتها في البيئات اللبنانية المختلفة، ونتيجة لارتكاباتها بحقّ الشعب السوري، يبقى احتمال ذهاب قسم كبير من هؤلاء إلى العراق هو الأقرب، ولاسيّما مع تقديم إغراءات مادّيّة واجتماعيّة من قبل الحشد الشعبي في محافظتي ديالا والنّجف.
وشدد على أن أفضل طريقة للتعامل مع ازمة النّزوح تكمن على مرحلتين، الأولى حصر مراكز الإيواء في المناطق التي هجّروا منها بعد الانتهاء من الحرب، والثانية تأمين مساكن للنازحين في قراهم التي هجّروا منها بعد الانتهاء من الحرب ولو بيوتًا جاهزة لكن من المهمّ إعادتهم إلى منازلهم وأرزاقهم.
View this post on Instagram