بعد أكثر من عام من الحرب.. دمار هائل في مختلف أنحاء قطاع غزة
حذرت وكالات الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من أن إعادة بناء غزة قد تستغرق عقودا من الزمن بعد الهجوم الإسرائيلي على القطاع، والذي كان واحدا من أكثر الحملات العسكرية دموية وتدميرا منذ الحرب العالمية الثانية.
والآن، بعد مرور أكثر من عام على الحرب، صدر تقرير جديد يتحدث من منظور القرون.
وفي تقرير عن التكاليف الاقتصادية للحرب أعده جناح التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة (الأونكتاد)، قالت الأمم المتحدة إن القتال الدائر منذ أن قتلت حماس أكثر من ألف إسرائيلي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي أدى إلى تدمير بقايا الاقتصاد والبنية الأساسية في غزة.
وبحسب التقرير، فإنه إذا انتهت الحرب غدا وعادت غزة إلى الوضع الذي كانت عليه قبل هجوم 7 أكتوبر، فقد يستغرق الأمر 350 عاما حتى يعود اقتصادها المنهك إلى مستواه الهش قبل الحرب.
قبل الحرب، كانت غزة تحت حصار إسرائيلي فرض بعد استيلاء حماس على السلطة في عام 2007، كما أثرت أربع حروب وانقسامات سابقة بين حماس والسلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب في الضفة الغربية على اقتصاد غزة.
فيما تسببت الحرب الحالية في دمار هائل في مختلف أنحاء القطاع، حيث تم تدمير أحياء بأكملها وتدمير الطرق والبنية الأساسية الحيوية. ويتعين إزالة الجبال من الأنقاض المليئة بالجثث المتحللة والذخائر غير المنفجرة قبل أن يتسنى البدء في إعادة البناء.
وقال التقرير إن النشاط الاقتصادي في مختلف أنحاء غزة ــ والذي كان ضعيفا قبل الحرب ــ توقف تماما، باستثناء الحد الأدنى من الخدمات الإنسانية الصحية والغذائية المقدمة في ظل ظروف من النقص الشديد في المياه والوقود والكهرباء، والقيود الكبيرة على الوصول.
وانخفض إنتاج البناء بنسبة 96%، والإنتاج الزراعي بنسبة 93%، والإنتاج الصناعي بنسبة 92%، والإنتاج في قطاع الخدمات بنسبة 76%.
وفي الوقت نفسه، بلغ معدل البطالة 81.7% في الربع الأول من عام 2024، وهو المعدل الذي قالت الأمم المتحدة إنه من المرجح أن يتفاقم أو يستمر طالما استمرت العملية العسكرية.
وأشار التقرير إلى أن “العمليات العسكرية المكثفة في غزة أسفرت عن كارثة إنسانية وبيئية واجتماعية غير مسبوقة ودفعت غزة من حالة عدم التنمية إلى الدمار التام”.
يضيف: “إن التداعيات بعيدة المدى لهذه الأحداث سوف تستمر لسنوات قادمة، وقد يستغرق الأمر عقوداً من الزمن حتى تعود غزة إلى الوضع الذي كانت عليه من قبل.
وتابع التقرير: “وبعد التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإن العودة إلى اتجاه النمو الذي سجل في الفترة 2007-2022 يعني أن الأمر سيستغرق 350 عاماً حتى تتمكن غزة من استعادة الناتج المحلي الإجمالي إلى مستواه في عام 2022”.
ولفت التقرير إلى إن الأشهر الاثني عشر الماضية من العمل العسكري جاءت في أعقاب فترة بين عامي 2007 و2022 عندما تأثر اقتصاد غزة بشدة بالقيود التي فرضتها إسرائيل على حركة البضائع والأشخاص.
وقالت الأمم المتحدة إن خسائر الدخل الناجمة عن القيود والعمليات العسكرية كانت “مذهلة”.
“وبحسب التقديرات الدقيقة الموضحة في هذا التقرير، فإنه في غياب هذه القيود، فمن المتوقع بحلول نهاية عام 2023 أن يكون الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة أعلى بنسبة 77.6% في المتوسط من مستواه الفعلي.
وهذا يعني خسارة تراكمية تقدر بنحو 35.8 مليار دولار من إمكانات الناتج المحلي الإجمالي غير المحققة خلال الفترة 2007-2023 ــ وهو ما يعادل 17 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة في عام 2023.
في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2023 ــ قبل بدء الحرب ــ انكمش الاقتصاد في غزة بمعدل سنوي بلغ نحو 3%. وانكمش بنسبة 22.6% في عام 2023 ككل، مع حدوث 90% من هذا الانخفاض في الربع الرابع.
وذكر التقرير أنه بحلول نهاية يوليو/تموز 2024، لحقت بعض الأضرار بـ88% من المباني المدرسية، وخرج 21 مستشفى من أصل 36 مستشفى عن الخدمة، وخرج 45 من أصل 105 مرافق صحية أولية عن العمل.
بالإضافة إلى ذلك، تضرر أو دمر أكثر من 62% من المباني السكنية، وتضرر أكثر من 59% من البنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي والنظافة بشدة، مما أثر على خدمات المياه والصرف الصحي.
وقالت الأونكتاد إن غزة سجلت في الربع الرابع من عام 2023 أكبر ركود اقتصادي لها في تاريخها الحديث.
وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 80.8% مقارنة بالربع الثالث من عام 2023، بينما انخفض الناتج المحلي الإجمالي للفرد بنسبة 81.4% خلال نفس الفترة.