بين التفاؤل والتشاؤم.. كيف علّق أهل قطاع غزة على اتفاق وقف إطلاق النار؟
“سيؤثر علينا هذا الاتفاق كثيراً، وكنت أتمنى أن تظل جبهة لبنان مساندة لنا رغم أنهم دفعوا ويدفعون ثمناً غالياً، لكننا سنتأثر كثيراً وسندفع أثماناً باهظة جداً لأنه سيتم الاستفراد بنا في غزة، ونحن نتمنى كل الخير لأهل لبنان“، هذا ما قاله الطبيب بسام بشير، طبيب الأطفال وهو نازح من شمالي القطاع إلى جنوبه، مضيفا “وأتمنى أن يمنحنا الله الصبر على تلك المعاناة والأزمات التي عانينا منها نحن وأهلنا في لبنان”.
تحدث عدد من أهالي مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة عن آرائهم ومشاعرهم حول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
واعتبر أحد الفلسطينيين أن “وقف الحرب في لبنان يمثل بارقة أمل عند أهل غزة”، وقال: “نأمل أن يؤدي الأمر إلى تحريك المياه الراكدة ووقف شلال الدماء والتوصل لاتفاق لوقف الحرب في القطاع. في الوقت نفسه نتمنى أن لا ينعكس ذلك سلباً على القطاع؛ من خلال تكثيف الجيش الإسرائيلي لضرباته وغاراته”.
ويشير شخص آخر من خان يونس إلى أنه فرح لوقف الحرب بين إسرائيل ولبنان، متمنياً أن يشهد قطاع غزة ذات المصير.
أما المهندس خليل الشيخ علي وهو نازح أيضا فيعتقد أن غزة ظلت وحيدة منذ اليوم الأول للحرب وأن الأحداث التي تجري هي في غير صالح الفلسطينيين، متمنياً أن يُترجم وقف إطلاق النار في لبنان إلى واقع عملي فيه وفي غزة، وأن لا تترك غزة وحيدة ولا يترك اطفالها ونساؤها ولا الجرحى بمفردهم، على حد تعبيره.
ويضف الشيخ علي: “غزة تحدث فيها مقتلة غير مسبوقة في التاريخ ولم يلتفت لها أحد، وإن شاء الله تنتهي كل هذه المعاناة في أقرب وقت ولا تزيد تلك المعاناة خاصة مع دخول الشتاء وما يسببه من تفاقم معاناة الناس وخاصة النازحين والمرضى في ظل غياب أي أفق أو حلول لهذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة أيضا”.
لماذا تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في جبهة لبنان ولم يحدث في غزة؟
يبدو أن ظروف الاتفاق في جبهة لبنان كانت أكثر إيجابية ومرونة مما هي عليه في قطاع غزة وذلك يعود لقيام حزب الله بتوكيل مهمة المفاوضات إلى الحكومة اللبنانية وأيضا لاعتبار أن لبنان هي دولة كبيرة ذات سيادة ولها علاقات كبيرة مع كل دول العالم، أما ما يخص القطاع فإن المفاوضات تتعثر دائما وهذا يعود لاعتبار أن حركة حماس هي من يقود التفاوض بنفسها وهي ترفض توكيل منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس بتلك المهمة.
ويعود الفشل أيضا بسبب وجود الانقسام الفلسطيني الجغرافي والسياسي بين قطاع غزة والضفة الغربية وغياب دولة ذات سيادة قادرة على إدارة ملف التفاوض أو حتى القتال ضد إسرائيل.
كما يشير بعض المراقبين إلى أن فشل جهود التوصل إلى اتفاق في غزة يعود أيضا لقيام إسرائيل باغتيال أكبر القادة التاريخيين في حماس وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري وأيضا رئيس الحركة في القطاع يحيى السنوار، وهو ما أدى لغياب قيادة قوية وقادرة على اتخاد القرارات المصيرية بينما يتحدث آخرون عن صعوبات في التواصل بين قيادة حماس خارج القطاع وداخله لا سيما عقب اغتيال السنوار.
عوامل نجاح الاتفاق في لبنان
يوضح بعض الخبراء إلى أن أحد العوامل التي ساهمت في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان وليس في غزة هو أن حماس هي من بادرت في الهجوم على إسرائيل، وبالتالي المعركة الأساسية في القطاع وليس في لبنان، حيث أعلن حزب الله فتح جبهة “إسناد” في الثامن من أوكتوبر 2023.
وبحسب هؤلاء الخبراء فإن العامل الآخر الذي عزز فرص الهدنة في لبنان هو حجم المواجهة، فقدرات حزب الله أكبر بكثير من قدرات حماس إذ أن قدرة حماس على إطلاق صواريخ تجاه مدن إسرائيلية كبرى كتل أبيب تضاءلت في الشهر الثاني من الحرب، بينما ترك حزب الله آثارا صعبة على الإسرائيليين وأوجعهم بقصف مدن المركز كتل أبيب وحيفا.
من العوامل أيضا، أن ليس لإسرائيل أسرى لدى لبنان، كما أن “دولا كبيرة وقفت إلى جانب لبنان ورفضت ما وصفته بالعدوان الإسرائيلي على بيروت مع أنها غير قادرة على إيقاف ذلك لكنها أصرت على إيجاد اتفاق لوقف تلك الحرب ومن بينها فرنسا التي أيدت الحرب على غزة وأيضا الولايات المتحدة التي شاركت في الحرب على القطاع ورفضتها في لبنان”، خصوصاً أن لبنان دولة كبيرة لديها سيادة وعلاقات دولية.