غزة تحتفل بوقف إطلاق النار.. والاتفاق بدخل حيز التنفيذ الأحد
قالت الولايات المتحدة وقطر إن المفاوضين توصلوا إلى اتفاق على مراحل يوم الأربعاء لإنهاء الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس بعد 15 شهرا من إراقة الدماء التي قتلت عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأشعلت الشرق الأوسط.
يتضمن الاتفاق المعقد مرحلة أولية لوقف إطلاق النار مدتها ستة أسابيع ويتضمن الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.
وفي مؤتمر صحفي عقده في الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن وقف إطلاق النار سيدخل حيز التنفيذ يوم الأحد. وأضاف أن المفاوضين يعملون مع إسرائيل وحماس على خطوات تنفيذ الاتفاق.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن إن “هذا الاتفاق سيوقف القتال في غزة، ويزيد المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها المدنيون الفلسطينيون، ويعيد لم شمل الرهائن مع عائلاتهم بعد أكثر من 15 شهراً في الأسر”.
مراحل اتفاق غزة
وتتضمن المرحلة الأولى وقف جميع أعمال القتال، وتنسحب القوات الإسرائيلية من مدن غزة إلى منطقة عازلة على طول حافة القطاع، ومن المقرر أن يتم توضيح تفاصيل هذه المنطقة في الخرائط التي وقع عليها الجانبان الآن.
ووفقا لوسائل إعلام، فإن المرحلة الثانية مصممة لتكون أكثر شمولاً، مع إعادة الأسرى الأحياء المتبقين وإطلاق سراح نسبة مماثلة من السجناء الفلسطينيين، إلى جانب الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.
وهذه خطوة كان نتنياهو متردداً للغاية في اتخاذها حتى الآن، وتخضع تفاصيل هذه المرحلة الثانية لمزيد من المفاوضات، والتي من المقرر أن تبدأ بعد 16 يوماً من بدء المرحلة الأولى.
أما المرحلة الثالثة فتتناول تبادل جثث الرهائن القتلى وأعضاء حماس، وإطلاق خطة لإعادة إعمار غزة، ولكن الترتيبات الخاصة بالحكم المستقبلي للقطاع لا تزال غامضة.
96 ساعة من المفاوضات
وبحسب مسؤولين أمريكيين، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن الرهائن بعد 96 ساعة مكثفة من المفاوضات في الدوحة بوساطة دبلوماسيين أمريكيين ومصريين وقطريين أقنعوا إسرائيل وحماس في النهاية بإبرام الاتفاق.
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إن الاتفاق، بعد أشهر من المفاوضات المتقطعة، اكتسب زخما بعد أن وافقت إسرائيل وحزب الله اللبناني على وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني، ووصلت المفاوضات إلى نقطة الغليان خلال الساعات الـ96 الماضية.
وكانت العقبة الرئيسية هي رفض حماس الاعتراف بعدد الرهائن الذين تحتجزهم أو من سيتم إطلاق سراحهم من بين الرهائن في المرحلة الأولى من الاتفاق.
وكان الرهائن من بين المجموعة التي احتجزتها حماس خلال هجوم الجماعة المسلحة على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، عندما قتل المسلحون أيضًا 1200 شخص، وفقًا للإحصاءات الإسرائيلية.
وقال المسؤول الأمريكي “كانت هذه هي القضية الرئيسية قبل عيد الميلاد مباشرة، وقد واصلنا الضغط على حماس وأوضحنا لها أنه لن يكون هناك اتفاق تحت أي ظرف من الظروف ما لم تقدم حماس وتوافق على القائمة الكاملة للرهائن التي ستخرج في الاتفاق”.
وفي نهاية ديسمبر/كانون الأول، وافقت حماس على قائمة الرهائن، وهو ما سرّع المرحلة النهائية نحو التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن مقابل إطلاق سراح بعض السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، بحسب المسؤول.
وقال المسؤول إن النقاط الرئيسية شملت شروط وقف إطلاق النار، وتسلسل إطلاق سراح الرهائن، وعدد السجناء الفلسطينيين الذين ستفرج إسرائيل عنهم في المقابل، والمساعدات الإنسانية المستقبلية إلى غزة.
إلى ذلك، قال مسؤول منفصل مطلع على المفاوضات إن الاتفاق يتضمن مرحلة أولية لوقف إطلاق النار مدتها ستة أسابيع ويشمل الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من غزة والإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس مقابل المعتقلين الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.
وكشف المسؤول أن الاتفاق ينص أيضا على السماح بإدخال 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة يوميا خلال فترة وقف إطلاق النار.
فرحة فلسطينية
وعقب الإعلان عن الاتفاق، احتفل الفلسطينيون في شوارع غزة، حيث يواجهون أزمة إنسانية حادة مع نقص حاد في الغذاء والمياه والوقود.
“أنا سعيدة، نعم أنا أبكي، ولكن هذه دموع الفرح”، قالت غادة، وهي أم نازحة لخمسة أطفال.
وبينما استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية في أنحاء غزة، تجمع الناس في دير البلح في وسط القطاع للاحتفال، والهتاف والرقص في الشوارع المظلمة بدون كهرباء.
وقال محمد عزايزة، وهو أب لأربعة أطفال نازح: “الحمد لله، سنكون أحرارًا في العيش مثل البشر مرة أخرى قريبًا”.
في المقابل، أبدت عائلات الرهائن الإسرائيليين وأصدقائهم فرحتهم بأخبار الاتفاق في تل أبيب.
وقالت مجموعة عائلات الرهائن في بيان “نحن، عائلات 98 رهينة، نرحب بفرح غامر وارتياح بالاتفاق على إعادة أحبائنا إلى ديارهم”.
ويأتي الاتفاق بعد أشهر من المفاوضات الشاقة والمتقطعة التي أجراها وسطاء مصريون وقطريون، بدعم من الولايات المتحدة، ويأتي قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في العشرين من يناير/كانون الثاني.
كما رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالاتفاق في تدوينة له على موقع X.
“مكسب عظيم”
وإذا نجحت الهدنة المرحلية المخطط لها، فإنها ستوقف القتال الذي أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة من غزة التي تسكنها أغلبية سكانية كبيرة، وتسبب في تشريد أغلب سكان القطاع الصغير الذي كان يبلغ تعداده 2.3 مليون نسمة قبل الحرب. ولا يزال عدد القتلى يرتفع يوميا.
وتتضمن المرحلة الأولى من الصفقة إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيليا، بمن فيهم جميع النساء والأطفال والرجال فوق الخمسين عاما.
وقال سامي أبو زهري المسؤول في حماس إن الاتفاق “مكسب عظيم”. وقالت الحركة التي تهيمن على قطاع غزة إن وفدها سلم الوسطاء موافقته على اتفاق وقف إطلاق النار وإعادة الرهائن.
وفي إسرائيل، قال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن حماس تخلت عن مطلب في اللحظة الأخيرة ولا يزال هناك عدد من البنود التي لم يتم حلها في الاتفاق. وأضاف في بيان “نأمل أن يتم الانتهاء من التفاصيل الليلة”.
وغزت القوات الإسرائيلية غزة بعد أن اخترق مسلحون بقيادة حماس الحواجز الأمنية واقتحموا مجتمعات المناطق الحدودية الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023، مما أسفر عن مقتل 1200 جندي ومدني واختطاف أكثر من 250 رهينة أجنبية وإسرائيلية.
وتشير أرقام وزارة الصحة في غزة إلى أن الحرب الجوية والبرية التي شنتها إسرائيل على غزة أسفرت منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من 46 ألف شخص، فيما يكافح مئات الآلاف من النازحين لمواجهة برد الشتاء في الخيام والملاجئ المؤقتة.