أخبار الآن | ريف دمشق – سوريا – (أحمد الدمشقي)
تعيش مدينة الزبداني هذه الأيام على وقع المعارك العنيفة التي تدور على أطرافها وفي الجبال المحيطة بها، فيما يستمر النظام بإمطار المدينة بعشرات البراميل المتفجرة يومياً، فبعد تحرير الثوار منذ أشهر عدداً من الثكنات والحواجز المحيطة بالزبداني والتي تقوم بقصف المدينة وقنص المدنيين ليلاً نهاراً، عاود الثوار الكرة منذ يومين، وحرروا عدداً من حواجز النظام والقضاء على العشرات من جنوده، وتدمير مدرعاتهم، كما سيطر الثوار نتيجة الهجوم على عدد من النقاط القريبة من بلدة هريرة شرق الزبداني، وبالتزامن تصدى الثوار لآخر المحاولات المتكررة الهادفة إلى استعادة السيطرة على نقاط الجبل الغربي المطل على مقطة المصنع الحدودية، مما أدى إلى مقتل عدد كبير من قوات النظام وميليشيا حزب الله وتدمير عدد من آلياتهم.
تعتبر الزبداني إحدى قلاع الثورة السورية، فهي من أولى المدن المنتفضة في وجه نظام الأسد والتي شهدت عدداً من أجمل المظاهرات المطالبة بالحرية، ونصرة لباقي مناطق سوريا، ولإسقاط النظام.
واشتهرت المدينة بمظاهراتها كل يوم جمعة، والتي شكلت عبئاً على عناصر الأسد في المدينة، حسب ما روى السيد أبو نضال الشامي مدير المكتب الطبي في المدينة لـ"أخبار الآن" والذي تحدث عن قمع قوات الأسد للمظاهرات في المدينة والتنكيل بها حالها كحال باقي المدن السورية، فيما ودعت الزبداني أول شهيد لها في الشهر الثاني من عمر الثورة في إطلاق نار على المظاهرة ليصعد الثوار من حراكهم السلمي المنادي بإسقاط النظام الذي اندفع بشكل أكبر في محاولة منه للقضاء على الحراك في المدينة لكنه فشله في ذلك، مما دفعه لتطويق المدينة الحدودية بالحواجز والآليات العسكرية الثقيلة والقناصة، ومن ثم بدأ بقصف الزبداني باكراً من عمر الثورة في الشهر الاول من عام 2012، حيث أدى القصف إلى سقوط عدد كبير من المدنيين بين شهيد وجريح، ودمرت عشرات المنازل فوق رؤوس أصحابها، ثم لجأ النظام إلى تشديد حصاره على المدينة، حيث منع المواد الغذائية، وقطع الماء والكهرباء والدواء والوقود الأساسي في حياة سكان المنطقة المرتفعة عن سطح البحر، والتي تضربها عدد من العواصف الثلجية كل سنة، وهذا مادفع الاهالي إلى النزوح من منازلهم باتجاه القرى والبلدات المجاورة كمضايا وسرغايا وبلودان والروضة، فيما آثر حوالي 3500 من أصل قرابة 40000 وهو عدد سكان الزبداني البقاء في المدينة خوفاً من ملاحقة قوات الأسد، ولانعدام القدرة على تحمل نفقات النزوح.
وبيّن أبو نضال الشامي أن غارات طيران الاسد بالبراميل المتفجرة على المدينة، بدأت منذ منتصف 2012 وهو ما أدى إلى تدمير البنى الأساسية، وقسم كبير من مباني المدينة وسقوط عدد كبير من من الضحايا معظمهم من الأطفال والنساء، وأوضح الشامي أنه مع تشديد الحصار ومنع الدخول والخروج من وإلى المدينة، ساءت حالة المدنيين بشكل كبير في ظل معاناة يومية لتأمين قوت اليوم وبعض الأخشاب لدرء البرودة الشديدة، معتبراً أن النظام عمد الى تركيع الاهالي من خلال الاعتقالات العشوائية التي نتج عنها استشهاد العشرات من أبناء الزبداني على أيدي سجاني النظام في أقبية الفروع الأمنية تم التعرف مؤخراً على 39 منهم من خلال الصور المسربة مؤخراً.
ونوه الشامي إلى أن الزبداني محاطة اليوم بأكثر من 83 نقطة وحاجز وثكنة عسكرية مهمتها قصف المدينة بمختلف أنواع الأسلحة وقنص من في المدينة، بالتزامن مع غارات الطيران المروحي اليومية بالبراميل المتفجرة، والتي تصاعدت في الأيام الأخيرة انتقاماً من الثوار لتحريرهم عدداً من مواقع النظام، وسجل سقوط 50 برميل في يوم واحد، وهو ما زاد من مأساة الأهالي وصعب من مهمة المسعفين بنقل الجرحى إلى المشفى الميداني الوحيد في المدينة، والذي يعاني من الاستهداف المتواصل والحصار المفروض على المدينة، حيث حال دون دخول المواد الطبية والأدوية اللازمة لعلاج المصابين والمرضى، بحسب أبو نضال.
أربعة أعوام مرت على الثورة في الزبداني التي تعتبر من أجمل المناطق السورية، وأهم الوجهات السياحية زفت المدينة خلال هذه الفترة أكثر من 500 من أبنائها، ودمر 80% من منشآت المدينة ومبانيها، وشرد معظم أهاليها، لكن ذلك لم يثني الثوار عن مواصلة ثورتهم ضد بشار الأسد وهو ماتوجوه مؤخراً بتحرير عدد من الحواجز والنقاط العسكرية، واغتنام 4 دبابات وعدد من المدافع، وكميات كبيرة من الذخيرة والقضاء على عدد من قوات الأسد ومرتزقة حزب الله الذين كانوا يقصفون ويقنصون أهالي المدينة ليلاً نهاراً، وسط صمت اعلامي دفع الكثر إلى إطلاق لقب المدينة المنسية على الزبداني.