أخبار الآن | ألمانيا – تحقيقات (بسام سعد)

ما تزال أحداث التحرش الجماعي ليلة رأس السنة تتصدر اهتمام الرأي العام الألماني، الاعتداءات التي بدأت في محطة قطارات كولونيا، حيث قام أكثر من ألف شخص بملامح عربية وشمال إفريقية "المغرب والجزائر" حسب تقارير السلطات الألمانية، بالاعتداء الجنسي على فتيات ألمانيات ومن ثم سرقة الحقائب والهواتف المحمولة ثم الضرب والإيذاء الجسدي .

بعدها انتقلت الاعتداءات إلى ساحة "كنيسة كولنر دوم" برمي المفرقعات النارية باتجاه الفتيات مما أدى لإصابة العديد منهن بحروق. وبعد مرور أقل من أسبوعين عن الحادثة بلغ عدد شكاوي الضحايا أكثر من 500 شكوى .

نقطة تحول المجتمع الألماني .. ما بعد ثقافة الترحيب

أثارت حوادث "التحرش الجماعي" غضباً كبيرًا لدى الشعب الألماني الذي طالب "ميركل" بالتوقف عن استقبال اللاجئين وترحيلهم. ويزداد الجدل الدائر حول هذه الجريمة خاصة بعد ما يتم تداوله في المجتمع الألماني بأن المهاجرين المسلمين قد جلبوا معهم هذه الظاهرة، ووصل التوتر إلى حد الاعتداء على اللاجئين من طرف ألمان متشددين.

"صفاء" من مدينة دمشق 28 عاماً، تقيم في مدينة كولونيا منذ عام ونصف، تقول: "أصبح خروجي للشارع مقتصراً على الضرورات خوفاً من التعرض لاعتداء من قبل المتشددين الألمان"، وتتابع: أخشى من أي تصرف انتقامي كوني محجبة.

"أدهم" 32 عاماً، ابن مدينة حلب والمقيم في كولونيا، يخشى من أن تلتصق الصورة السيئة باللاجئين، ويقول: "نحن لسنا المسؤولين عن ما حدث ولسنا خائفين لأننا لم نفعل شيئاً، ولكن الألمان المتعصبون أصبح الآن لديهم مبررات لتعصبهم وحججا لإقناع الآخرين". وعلى ما يبدو أن المجتمع الألماني في حالة من انعدام الثقة والشك في تعامله مع اللاجئين الذين يستنكرون الاتهامات المعممة ويحاولون دفع التهم عنهم.

مبادرات السوريين تضامناً مع ضحايا التحرش

اللاجئون السوريون في ألمانيا هم ضحايا حرب، أتوا ليعيشوا بسلام، تحملوا أعباء الطريق هرباً من حرب طاحنة. رسائل السوريين هذه كانت مبادرات فردية وجماعية سواء عبر صفحات التواصل الاجتماعي أو عبر حملات ومظاهرات احتجاجية تضامناً مع ضحايا كولونيا .

"أحمد" 29 عاماً، مقيم في برلين، عضو في مجموعة أنشأت على الفيسبوك أسموها "سوريون ضد الاعتداءات الجنسية" يطالبون بترحيل مقترفي الجرائم بعد معاقبتهم.

يقول أحمد: جئنا لألمانيا طلباً للسلام وحماية لعائلاتنا وأطفالنا من الحرب وما حدث في كولونيا زاد من آلامنا. وفي جامعة كولونيا أنشأ شباب مجموعة سموها "رجال سوريون من أجل النزاهة" قاموا بتوزيع منشورات في جامعة كولونيا ينددون فيها بالجريمة التي حصلت ويعبرون عن تعاطفهم مع الضحايا، وعبرت المجموعة عن أسفها من الأحداث التي أساءت لسمعة السوريين واللاجئين العرب.

وفي محطة قطار برلين كانت مجموعة من الشباب توزع الورود على النساء معبرين عن رفضهم للاعتداءات الجنسية. "محمد الخطيب" 26 عاماً، رفع يافطة في محطة القطار كتب عليها "أنتم مثل أمهاتنا وأخواتنا" مشيراً لسناء ألمانيا، ويتساءل: "كيف يمكن الاعتداء على البلد الذي يساعدنا، ويرى أن من اعتدوا على النساء فئة قليلة وغالبية اللاجئين يحترمون جميع النساء".

هل الأحداث مخطط لها؟!

الكثير يتساءل كيف تمت الاعتداءات في عدة مدن "كولونيا وشتوتغارت وهامبورغ" أعنفها كانت في كولونيا.

في تصريح لوزير العدل الألماني "هايكو ماس" يقول: "إن جماعة متطرفة من الخارج هي من خططت ونظمت وحرضت على الاعتداءات التي تعرضت لها النساء في كولونيا"، ويحذر هايكو من عدم الخلط بين من قام بالاعتداءات واللاجئين، وعدم الربط بين أصل شخص وميله إلى انتهاك القانون. هايكو ينهي تصريحه بالقول: "أشعر بالخجل من كراهية الأجانب، الإحصاءات تدل أن اللاجئين يرتكبون الجرائم نفسها التي يرتكبها الألمان وبالحجم نفسه".

"كمال" 46 عاماً، جزائري الأصل ويعيش في ألمانيا منذ 18 عاماً، يذهب لأبعد من ذلك ويقول: "ستثبت التحقيقات بأن من قام بالاعتداءات مغاربة "الجزائر والمغرب" لأنه كيف يستطيع الألمان تمييز ملامح عربية عن ملامح شمال إفريقية، نحن لا نستطيع ذلك" .

كمال يرى بأن الأحداث مخططة وهدفها النهائي هو إدراج الجزائر والمغرب ضمن الدول الآمنة وبالتالي ترحيل طالبي اللجوء من هذه الدول على غرار كوسوفو وألبانيا .