أخبار الآن | دمشق – سوريا (جابر المر)
في الوقت الذي يتحدى فيه الأسد كل دول العالم بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وتضج دولا كبرى من سلوك كهذا، بالتوازي مع العملية السياسية في جنيف، وقفت روسيا مع الأسد كما هو معتاد وتم الأمر، لكن الانتخابات التي اعتاد الشعب السوري على شكلها المضحك، باتت في ظل الأزمات التي تعيشها دمشق اليوم أكثر إضحاكا وإيغالا في المأساة .
حملات فخمة
في الوقت الذي يبلغ فيه سعر الدولار الأمريكي الواحد قرابة 500 ل.س، يقوم بعض المرشحين بتوزيع المعونات الغذائية للناس أملا بشراء أصواتهم كما يغدقون الكثير من النقود على حملاتهم الانتخابية، هذا وتسمح حكومة النظام للمرشحين لمجلس الشعب بأن يأخذوا قروضا من خزينة الدولة، في الوقت الذي لا يجد المواطن فيه ما يأكله، الأمر الذي استفز الناس وزاد سخطهم على المسرحية الهزلية التي يقوم بها النظام، والتي كان من الممكن أن تتحول النقود التي أعطيت "للمعاتيه" حسب تعبيرهم أن تساهم في خفض قيمة الدولار أو دعم المواد الغذائية الرئيسية.
يقول "م. ن": "إذا كان لدينا 11319 مرشحا أي من تقدموا بطلبات الترشح، ولدينا ما يقارب 400 مركزا انتخابا، وعلى الأقل هناك 3000 صورة لكل مرشح، وطبعا الصورة بأقل تقدير كلفتها تقريبًا 19 ليرة فالناتج يكون ما يقارب 9 مليار ليرة تكاليف حبر على ورق لا يسمن ولا يغني من جوع وسيذهب للقمامة ".
ديمقراطية "الصرماية"
لم تعرف سوريا الأسد يوما معنى للديمقراطية، إنما بعد الثورة باتت الشوارع مرتعا لزعران النظام وشبيحته، وفي ظل مناخ كهذا كيف تكون الانتخابات نزيهة؟.
إن كان النظام في أيام السلم وخلال عقود حكمه يخشى صناديق الاقتراع، وصل الأمر اليوم أن تجتمع آراء السوريين من مؤيد ومعارض لنظام الحكم على أن المرشحين لمجلس الشعب ما هم إلا طرفة وما يثبت أنهم دمى أو نهفات متحركة هو صورهم الانتخابية التي تشعرك أنك تقف على باب أحد الكازينوهات، فلا الجمل التي كتبت عليها منطقية ولا الأشخاص كان لأحد أن يعرف من أين أتوا أو ما هو برنامجهم الانتخابي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا أحد في سوريا يسأل عن البرنامج الانتخابي، فمن يدير البلاد هم الروس والإيرانيون دون أي برنامج لأحد.
لكن اللافت خلال أيام التصويت أن حواجز النظام كانت تسأل الناس وتخيفهم بسؤالها حول إن كانوا قد انتخبوا أو لا، يقول "ف. م": "عندما وقف الباص على أحد الحواجز وصعد العسكري لتفقد هوياتنا، سألنا إن كنا قد انتخبنا فأجبته بلا، وعندها ضربني في الباص واتهمني بالخيانة، وطلب مني النزول، أحسست هنا أني لن أعود إلى المنزل، وما أن نزلت حتى تبعني وطلب إلى الركض إلى أقرب مركز انتخابي، وأن أعود وأخبره أني مارست الفعل الديمقراطي بعد أن قال ألستم تريدون الديمقراطية يا كلاب".
من ناحية ثانية فقد وضع محرس على باب كل مركز انتخابي يجلس فيه شبيحة النظام الذين يتصيدون الناس من الشارع، يقول "ع. و": "كنت أسير بواسطة دراجتي في حي الميدان الدمشقي، فأوقفني عسكري وطلب هويتي، أعطيته إياها، ثم طلب الدراجة وأخبرني ألا أعود لأخذهما إلا بعد أن أقوم بالتصويت في داخل المركز".
الحياة المتعبة والقاسية التي يعيشها السوريون في دمشق باتت جزءا من حياة أبشع، باطنها مليء بالتعب وظاهرها كاريكاتوري، يشبه بجنونه وخبله عقل الرئيس المتحكم بالبلاد والعباد.