أخبار الآن | منبج – سوريا – (جلال زين الدين)
فرضت قوات سورية الديمقراطية حصاراً محكماً على مدينة منبج من ثلاث جهات إذ سيطرت شمالاً على قرية عون الدادات، وسيطرت شرقاً على قرية المنكوبة المحاذية لمدينة منبج، وسيطرت قبل أيام على القرى جنوب منبج، وبقي الغرب مفتوحاً نحو مدينة الباب المعقل الرئيس للتنظيم في ريف حلب.
ويلوح بالأفق القريب سيناريو عين العرب مع اختلاف القوى، يقول الناشط الإعلامي أبو زيد من منبج: "انسحاب عناصر داعش من قرى منبج يشبه لحد كبير انسحاب قوات الحماية الكردية من ريف عين العرب، فالتنظيم يهدف لتوريط قوات سورية الديمقراطية في معركة استنزاف طويلة لا يستطيعون تحمل تكاليفها" فالتنظيم لا يستطيع القتال في مناطق مفتوحة يكون القول الفصل فيها لطائرات التحالف الذي كثَّفَ من ضرباته التي مكنت القوات الديمقراطية من تحقيق تقدم سريع، ويؤكد السيد حسن النيفي رئيس المكتب السياسي لمحافظة حلب الحرة سابقاً ذلك قائلاً: "أعتقد أن تنظيم داعش سينكفئ من القرى المحيطة بمنبج، ويحاول التمركز داخل المدينة مستغلاً الكثافة السكانية التي تجعل خصومه يتريثون باستخدام السلاح الثقيل".
ويُستَبعدُ مراقبون تكرار سيناريو عين العرب لاختلاف الظروف، يقول النقيب أبو علي المتواجد في تركيا : "القوات الكردية كانت تتلقى دعماً جوياً، وقُدّم لها إمداد جوي وبري بل وصل الأمر لدعمها بمقاتلين من دول أخرى خلافاً للتنظيم الذي قُطع عنه كل شيء" فالتنظيم في موقف لا يُحسد عليه، إذ سيكون الزمن عاملاً ضاغطاً على التنظيم، خلافاً للقوات المهاجمة التي يتوفر لها مختلف أنواع الدعم.
ويرى ناشطون أن داعش خدمت أعداء الثورة، وأعادت تسويق النظام، ومهمتها في طورها الأخير، ويدللون على ذلك، بتراجع داعش المستمر خلال السنة الماضية وهذه السنة، ولم تستطيع استعادة منطقة مهمة خسرتها.
وتقوم داعش بالانسحابات المتتالية من القرى يقول سامر من مدينة منبج:" داعش تنسحب من قرية، تخرج القرية التي تتوجه إليها قوات سورية الديمقراطية إلى الكروم والأراضي الزراعية، ثم تحدث مواجهات بسيطة لتنسحب داعش" ويعقب سامر على ضعف داعش يقول:" كان هناك 8 عناصر فقط من داعش في محور المنكوبة الذيابات عين النخيل، وانسحبوا لأن التنظيم لم يؤازرهم أو يرسل لهم ذخيرة".
ولا يستطيع التنظيم في الوقت عينه التخلي عن مدينة منبج لأن ذلك يؤدي حتماً لنهايته غرب الفرات، يقول الناشط أبو زيد: " سيستبسل التنظيم للحفاظ على منبج التي تعد نقطة وصل بين الرقة وجرابلس والباب، وسقوطها يعني سقوط جرابلس فوراً ثم الباب والريف الشمالي لاحقاً" وربما هذا ما يفسر انسحاب التنظيم من قرى ريف حلب الشمالي.
وما يؤكد حرص التنظيم على منبج الخطاب التحريضي الجهادي، وحالة الاستنفار التي تعيشها منبج، يقول أحد عناصر الحيش الحر السابقين من منبح: "استفاد التنظيم من تجاوزات قوات الحماية الكردية بحق العرب في صرين وتل أبيض وعين العرب لتحريض أهالي منبج مما دفع عدداً من الشباب المتحمس لمبايعة التنظيم بيعة قتال لا حبّاً بالتنظيم بل منعاً لدخول القوات الكردية".
ويؤكد ناشطون من منبج أن حالات الهروب لعناصر داعش من المدينة إلى الآن غير ظاهرة بشكل واضح رغم ارتباكهم وتخوفهم، وهي تحصل ولكن بشكل قليل، يقول أبو زيد:" رأيت عنصرين أعتقد أنهم من الصين عند مكتبة بيدان يجهزان للرحيل، ولكن ترحيل العوائل يمكن ملاحظته بشكل أكبر، يقول الجامعي عمر من منبج: "رأيت عدة بولمانات في شارع الوادي وهي تقوم بتحميل عوائل العناصر دون أن نعرف وجهتهم" إذ يستحيل أن يسمح التنظيم لعناصره المغادرة في هذه الظروف دون تخطيط مسبق.
وتُرضي معركةُ الاستنزاف المتوقعة الأتراك الراغبين بإضعاف قوات الحماية الكردية، يقول أبو زيد: " ينظر الأتراك لداعش والتنظيمات الكردية على أنها تنظيمات إرهابية، بل ويفضل الأتراك داعش لأنها لا تشكل حقيقة خطراً على الأمن القومي التركي" وهذا ما يرشح طول معركة منبج خلافاً للشدادي التي حسمت الطائرات المعركة فيها سريعاً مما دفع التنظيم للانسحاب منها.
ويتوقع أن تكون معركة منبج مختلفة عن معركة عين العرب لأنها معركة دفاع، وتختلف عن معركة الشدادي وصرين وتل أبيض لأنه لم يعد ثمة مكان للانسحاب، وبالتالي ستكون معركة منبج معركة حياة أو موت.