أخبار الآن | أنطاكيا – تركيا ( جمال الدين العبد الله)
عدد كبير من السوريين انتقل إلى الأراضي التركية لأسباب متعددة، فمنهم من ترك بلده جراء اتباع قوات نظام الاسد لسياسة الأرض المحروقة وتضررهم، والبعض الآخر نقل تجارته وأعماله إليها كون سوريا قد دُمرت على أيدي العائلة الحاكمة، والبعض الآخر تقطعت بهم السبل فانتقلوا إلى تركيا التي فتحت أبوابها للسوريين.
ومع إقبال شهر رمضان المبارك اضطر العديد من أرباب العائلات السورية إلى العمل المضاعف وذلك لضمان تغطية النفقات الزائدة خلال الشهر، منهم من ضاعف عمله، والبعض الآخر اتجه إلى عمل لا يكون وقته إلا خلال شهر رمضان، وهو المشروبات الرمضانية من "السوس والخرنوب" التي حملوا طريقة تحضيرها معهم من سوريا.
الأهمية الاستراتيجية وسير المعارك في منبج
التقت أخبار الآن مع "أبو مصطفى" أحد السوريين المقيمين في إقليم هاتاي الحدودي -أنطاكية- حول فكرة بيع المشروبات الرمضانية؛ يقول أبو مصطفى: "في البداية كنت أعمل في البناء إلى أن تعرضت لحادث وأصيبت قدمي فبت عاطلاً عن العمل في المنزل منذ عدة أشهر، ومع إقبال الشهر الكريم وبالرغم من أن كل أولادي يعملون، قررت افتتاح بسطة للسوس والخرنوب واللَّذين تعلمت صناعتهم منذ أكثر من ثلاثين عاماً".
يُكمل أبو مصطفى: "تشجعت على الفكرة لكوني اقطن في حي المزرلك الشعبي الذي يسكنه العديد من السوريين، لم يكلفني الأمر سوى طاولة وضعتها أمام منزلي، وأكياس السوس والخرنوب والليمون، الذي أقوم بتحضيره صباحاً، والمواد الأولية متوافرة بشكل جيد في تركيا، والإقبال جيد نوعاً ما، حيث أقوم ببيع الكيس الواحد ذو الليتر والنصف بمبلغ ليرة تركية واحدة، هذا عمل فقط في شهر رمضان، ويغنيني حالياً عن بعض المصاريف".
حي الوعر في حصار كامل.. ولجنة المفاوضات تناشد الأمم المتحدة
المائدة السورية الرمضانية في تركيا
حمل النازحون السوريون في تركيا معهم ذكرياتهم وحنينهم إلى بلادهم التي تركوها مجبرين، لكن أجواء بعض الأحياء التركية "والتي ساهم السوريون بشكل كبير فيها" مكنتهم من إعادة بعض تلك الذكريات إلى الموائد الرمضانية، وذلك عبر بعض المواد السورية التي تُباع في تركيا من قبل السوريين، والتي دخلت موائد المضيفين الأتراك أيضاً.
حيث يروي "حمادة" أحد الشباب من مدينة اللاذقية والذي قدم إلى تركيا منذ حوالي السبعة أشهر، واستقر حالياً في أنطاكية، حياته الرمضانية في تركيا: "لم أكن أتوقع أبداً أن أجد ما أراه اليوم في الشوارع التركية، بسطات العرقسوس والخرنوب، والتمر الهندي والخرنوب، وخبز رمضان، كل ذلك يُعيدني بذاكرتي إلى حي الصليّبة في مدينة اللاذقية، بالرغم من اختلاف المكان، لكن الأشخاص هم ذاتهم".
وتُكمل "أم يزن": "من المعروف في تركيا أن المحلات التجارية تُغلق باكراً ومن النادر أن ترى بعض الأشخاص يسيرون في الطرقات، إلا أن شهر رمضان له نكهة أخرى، فمعظم العمال السوريين يأتون قُبيل آذان المغرب، وبعد الإفطار يخرجون مع عائلاتهم في نزهات تعوّض فترة الصيام، إلى أن ترى بعض الشوارع التركية سوريةً بالكامل".
أثبتت الظروف الراهنة أن الشعب السوري لا يُمكن أن يُكسر، فنسبة كبيرة منه قام بأعمال خلال شهر رمضان لتوفير بعض الأموال لتعينهم على مصاريف الشهر الفضيل، والبعض الآخر، نقل معه ذكرياته وأفكاره ليراها حقيقة في مكان غير بلدهم، ولا زال اللاجئون السوريون في تركيا وغيرها ينتظرون العودة إلى بلادهم في أسرع وقت.