أخبار الآن | اللاذقية – سوريا (حلا محمد)
مدفع رمضان، آذان المغرب، مائدة الإفطار، صلاة التراويح، كل ذلك تغير في مدينة اللاذقية، تلك المدينة الساحلية التي طالتها يد الإجرام الأسدية في بداية صرخات أبنائها طلباً للحرية، وتقطيع أوصالها واعتقال شبابها، حتى ليغدو مجرد ذكر شهر رمضان الكريم الذي كان يبعث على السعادة والراحة، ذكرى مؤلمة للعديد من أهالي اللاذقية.
لم الشمل.. مأساة السوريين المغيّبة
وغير تلك الذكرى المؤلمة، فقد ارتفعت الأسعار ارتفاعاً جنونياً أمسى معه معظم أهالي المدينة غير قادرين على تأمين قوت يومهم، بسبب رواتبهم التي أصبحت لا تساوي إلا بضع عشرات من الدولارات، بالإضافة إلى حالات الفقر والبطالة والتي تعاني منها العديد من عائلات المدينة الساحلية.
حيث يقول العم "أبو وحيد" والذي عاصر أيام اقتحام قوات الأمن والجيش لمنطقة "الرمل الفلسطيني" في مدينة اللاذقية، وفقدان أحد أبنائه وابتعاده عن الآخر: "كلما حل شهر رمضان علينا أتذكر أصوات المدافع الثقيلة من البر والبحر على المساكن البسيطة في حي الرمل الفلسطيني، تختلط أصواتها مع أصوات مدفع الإفطار، فقدت أحد أبنائي مباشرة أثناء اقتحام الأمن، بينما هرب الآخر نحو تركيا، وتعرضت للضرب المبرح من عناصر الشبيحة، وسرقة وتخريب منزلنا".
هدية النظام وروسيا في رمضان .. مجازر وغارات على أحياء حلب
ويكمل "أبو وحيد": "طال التخريب والتهجير معظم أبناء المنطقة ونشر الحواجز والاعتقال التعسفي تحت حجة الإرهاب، بقيت وزوجتي لأشهر لا أخرج من الحي، تخوفاً من عناصر الأمن على الحاجز الذي كان متواجداً في مدخل الحي. إلى الآن أتذكر أصوات جموع المتظاهرين بعد صلاة التراويح، المنادية بالحرية والممتزجة برائحة البحر، هذا خامس شهر رمضان يمر علينا، واللاذقية لم تعد كما كانت".
ارتفاع الأسعار وجشع التجار يبلغ حدّه في رمضان
من المعروف أنه ومع اقتراب شهر رمضان، يقوم جميع الصائمين بتجهيز وتحضير المؤونة التي يحتاجونها في الشهر الكريم، وذلك أيضاً يعتبره التجار فرصة لا تعوض في نهب المواطن السوري وإجلاء بضع الآلاف من الليرات المتبقية في "جيبه المثقوب"، حيث تشهد مدينة اللاذقية غلاءً غير مبرر لجميع أسعار المواد التموينية والغذائية.
يقول "أبو مهند" أحد الموظفين في إحدى المؤسسات الحكومية بمدينة اللاذقية: "لا يتجاوز راتبي الأربعين ألف ليرة سورية، أي أقل من مائة دولار، ومع اقتراب رمضان ترتفع الأسعار، ما الذي قد أقوم بتموينه؟ إذ كيلو الرز تجاوزت الأربعمائة والخمسين ليرة، وطبق السلطة قد يكلفني الخمسمائة ليرة!، إذا عشنا فقط على السلطة يومياً أفقد نصف راتبي".
ويُكمل أبو مهند حديثه بعد تنهيدة طويلة: "قد أعمل بعد دوامي اليومي بعمل آخر، بعيداً عن عمل مؤسسات الدولة، سأعمل على بسطة لبيع الذرة في الكورنيش البحري، فالحركة تنشط في مدينة اللاذقية في الشهر الكريم خصيصاً بعد صلاة التراويح، التي لم تعد كما كانت، فأصبحت المساجد تمتلئ بعناصر الأمن وسياراتها".
"أطفال لا جنود" حملة للحد من ظاهرة تجنيد الأطفال في جبهة النصرة
لرمضان اللاذقية نكهة خاصة!
العادات الرمضانية في مدينة اللاذقية مميزة عن باقي المحافظات السورية، وذلك لكونها على البحر الأبيض المتوسط، حيث يتشارك الجيران في البناء الواحد "السكبة" لترى مائدة واحدة عليها العديد من أصناف الطعام، لينطلق بعدها أرباب البيوت وأبنائهم إلى صلاة التراويح، ثم السهر في المنزل، أو السير على الكورنيش البحري مع الأصدقاء إلى وقت السحور. ولكن ذلك كان سابقاً، فلا يزال بحر اللاذقية، ينتظر أبناءه المغيبين في معتقلات النظام، والنازحين خارج المدينة، لقراءة الفاتحة على قبور شهداء المدينة على طول خمس سنوات.
الغوطة قبل رمضان.. يرتفع الدولار ترتفع الأسعار، ينزل الدولار ترتفع الأسعار