أخبار الآن | أورفا – تركيا (نجم الدين النجم)
يقطن في مدينة شانلي أورفا التركية أكثر من نصف مليون لاجئ سوري جاؤوا من مختلف المناطق السورية، وتعتبر هذه المدينة من أكثر المدن استيعاباً للاجئين في تركيا.
في أورفا تجد السوريين أينما حط نظرك فتراهم يكدون ويعملون بجد في سبيل لقمة العيش الكريمة، لكن ورغم ذلك شكلت اللغة التركية عائقاً كبيراً وصعبت على الكثير من السوريين أمورهم الحياتية في مدينة شحيحة بفرص العمل التي تعتبر من أهم الضرورات لتعلم اللغة والاندماج في المجتمع.
الأسطة خليل .. الأخ الأكبر
"الأسطه خليل" أو الأخ خليل كما يحلو للناس مناداته، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات يقضي معظم يومه في مساعدة اللاجئين السوريين، فيصطحبهم بسيارة الأجرة التي يمتلكها لكل الدوائر الحكومية والمنظمات الإنسانية والمشافي والمحاكم وأقسام الشرطة لمساعدتهم على قضاء حوائجهم وحل مشكلاتهم، كونه يتقن اللغة العربية بشكل جيد ويمتلك علاقات واسعة ودراية كبيرة في عمل المؤسسات والدوائر الحكومية وغير الحكومية في المدينة.
في حديث أجرته معه أخبار الآن يقول الأسطه خليل: "أقضي كل أيامي مع الأخوة السوريين في أورفا، وأحاول مساعدتهم قدر ما أستطيع فهذا واجبنا اتجاه بشر هربوا من الظلم والنار، والسوريون معروفين بكرمهم وسخائهم وخبِرت هذا جيداً عندما كنت أزور بعض أقاربي في سوريا منذ عدة سنوات".
ويضيف: "القليل من السوريين يتقن اللغة التركية وأنا أقوم بمهمة الترجمة وتسيير الأمور حسب درايتي في شؤون الدولة، فأحاول تجاوز الصعوبات القانونية واللغوية في سبيل أية مصلحة تعود بالفائدة على أشقاءنا السوريين".
ويأخذ خليل مبالغ بسيطة تقتصر على ثمن البنزين الذي تستهلكه سيارته بيد أن بعض الناس تجود عليه وتكرمه جراء جهوده المبذولة في تحقيق مصالحهم وتسيير أعمالهم.
يتابع الأسطه خليل: "أحياناً لا آخذ أجرتي عندما أرى أخي السوري في حالة صعبة وأجعل خدمتي له كخدمة لله عز وجل ولكن سرعان ما يعوضني الله بكرم وافر من سوري آخر ميسور الحال فأكون بذلك سعيداً ومرتاح الضمير تجاه ربي وعائلتي التي أعمل من أجلها".
اندماج وتكيّف
بعد ثلاث سنوات من الاختلاط شبه الدائم بين خليل والسوريين في مدينة أورفا أصبح يتمتع بشهرة كبيرة، فالعشرات أصبح لديهم رقم هاتفه إذ لا يتوانى أبداً عن مساعدتهم في أي وقت كان، نهاراً أو ليلاً.
يقول أحمد عز الدين: "تعرفت على الأسطه خليل عن طريق أحد الأصدقاء، كانت أمي مريضة وتوقعت أن يحدث لها مكروه ما في أي وقت فنصحني صديقي بالاستعانة بخليل عند حدوث طارئ ما، وفعلاً تدهورت صحة أمي في إحدى الليالي فاتصلت به وطلبت مساعدته خصوصاً أن والدتي ليس لديها كيمليك "بطاقة اللجوء" فلبى ندائي وذهبنا لإحدى المشافي التي امتعنت عن استقبالنا كوننا لا نملك كيمليك إلا أنه وبفضل الأسطه خليل الذي استطاع اقناعهم، دخلنا المستشفى وتلقت أمي العلاج في الوقت المناسب".
ويتحدث فراس عبد الله عن تجربته: "الصيف الماضي كنت أمشي منتصف الليل في أحد الأحياء في أورفا، فما لبث إلا أن قبض علي رجلين من الشرطة دون أن أعلم السبب، وسجنت في المخفر بضع ساعات ليتبين أنه قبض علي كمشتبه به بعد جريمة حصلت قريبة من الحي الذي كنت فيه، وفي هذه الأثناء اتصل أحد أصدقائي بالأسطه خليل الذي حضر فوراً لدائرة الشرطة ولعب دور الوسيط بيني وبين المسؤولين هناك كي يفرجوا عني بعد تحقيق بسيط أجروه على عجل ليوفر بذلك علي عناء الاعتقال بضعة أيام وربما أسابيع".
ويقول محمد أمين: "كنت بحاجة ماسة لفرصة عمل كي أعيل عائلتي وواجهت مشقة كبيرة في البحث عن عمل مناسب يحفظ لي كرامتي لكن دون جدوى، وبقيت على هذه الحال عدة أشهر حتى أخبرني أحد أقاربي أن له صديقاً تركياً كلّمه بشأني ووعده بفرصة عمل جيدة لي، وماهي إلا بضعة أيام حتى اتصل بي قريبي ليقول أن الأسطة خليل قد أمن لي عملاً جيد المردود في أحد المصانع، وفعلاً باشرت بالعمل وأنا مستمر فيه الآن منذ 5 شهور".