أخبار الآن | منبج – سوريا – (جلال زين الدين)
يأتي عيد الفطر على أهالي منبج هذا العام ضيفاً ثقيلاً لتزامنه مع دخول المدينة شهرها الثاني من الحصار والحرب لطرد تنظيم داعش من المدينة.
وقد أُجلت الفرحة بانتظار الخلاص من الوضع المأساوي الذي طال عمره، يقول الناشط الإعلامي أبو عمر من منبج: "لم تعرف المدينة عيداً حقيقياً منذ عامين ونصف عندما سيطرت داعش على المدينة" ومع حصار المدينة زادت الأمور سوءاً يتابع أبو عمر: "اليوم غابت مظاهر العيد فأكثر من 80% عزفوا عن شراء الحلويات ولوازم العيد" فلا مكان للفرح في قلوب الناس والاعتقالات والاشتباكات والاقتحامات على أشدها فضلاً عن القصف الجوي، يقول المدرس أبو حسن من منبج: " أي عيد هذا وأنت لا تأمن على نفسك البقاء في بيتك ساعة واحدة، فمنذ يومين أمرت داعش أخي بحي الحزاونة إخلاء بيته قبل تقدم قوات سوريا الديمقراطية" فقد أخلت داعش عدداً من الأحياء من سكانها لكونها أصبحت خط جبهة.
ولا يتعلق العزوف عن شراء لوازم العيد بالأمور المالية، فكثير من الناس مازال في حوزتهم أموال، والمدينة حديثة عهد بالحصار إذ يتوفر المال والمواد لدى كثيرين، يقول محمد صاحب بسطة بالسوق: "الأسعار رخيصة إذا ما قورنت ببقية المناطق غير المحاصرة، فالكرميلا بحدود الألف ليرة، والمعمول 700 والكعك بحدود 600 والفستق بحدود 1200" وتقترب هذه الأسعار من المناطق المحررة، ولكن الناس تخشى المستقبل وتحرص على إدخار القرش.
ولم يمنع ذلك بعض العائلات ولاسيما من لديها أطفال شراء الحلوى، ولكن عمليات شراء اللباس تشهد كساداً، يقول الأربعيني عبدالقادر: "لماذا نشتري اللباس فالزيارات ممنوعة لأن تنقلك يجعل منك مشروع شهيد، فغالبية الشوارع مرصودة من القناصين، ولا ندري من يقنص مَن، ناهيك عن الاشتباكات" ويؤكد الناشط أبو عمر رواية عبدالقادر قائلاً: "تم قنص رجل على طريق الجزيرة قرب جامع الصديق" ويسمع الأهالي ليلاً أصوات اشتباكات عنيفة تجبرهم على لزوم البيوت، ولا يعرفون لصالح من جرت المعارك إلا صباحاً.
ولم يخفف داعش من قبضته الأمنية رغم الحصار، وظروف المواطنين المعيشية السيئة، بل أخذت المضايقات بعداً آخر مع قدوم العيد، يقول أبو عمر: "رغم أن هذه أيام وقفات مباركة مازال داعش يمارس تفاهاته، فقد اعتقل يوم الاثنين شخصًا في السوق لأنه يتبسم مسروراً وهو ينظر لعناصر داعش إذ عُدّ ضحكه شماتة بالتنظيم ورضًى بالحصار" ناهيك عن التدقيق بالهويات والاعتقال لأتفه سبب كتخفيف اللحية لا حلقها.
وفاقمت حالة الاضطراب التي تعيشها المدينة من الوضع، وكان لها الدور الأكبر بصرف الأنظار عن العيد ونسيان بهجته، يقول أبو عيسى من سكان طريق حلب: " كيف لي أن أفرح وقد طُردت من بيتي، وأسكن في بيت لا أعلم أيسامحني صاحبه على سكني به" إذ أمر داعش بفتح كل بيت لا يسكنه أحد لإسكان السكان النازحين من الأحياء الساخنة.
ولا يسمح التنظيم للأهالي حتى النازحين من بيوتهم مغادرة منبج، ويعد ذلك خيانة، وبالرغم من ذلك يحاول الأهالي الهرب مع أية فرصة سانحة، يقول الناشط الإعلامي أبو يوسف من منبج:" تستمر موجات الهرب من المدينة عبر طريق البازار، وهناك من يهرب من طريق قرية النواجة" وتعد عمليات الهرب مغامرة كبيرة لا تُحمد عواقبها، يتابع أبو يوسف: "تعرض البعض لعمليات قنص أثناء الهرب من طريق البازار للطريق الدولية، حيث يتوجهون غرباً لدوار المطاحن حيث قوات سوريا الديمقراطية، إذ المنطقة مرصودة بالقناصين" ومن جانب آخر يُهان ويُعاقب من يُمسك به، وقد أكد ناشطون ضرب وإهانة كل من تمسك به داعش وهو يحاول الهرب.
في هذا الجو المشحون لم تغب فرحة العيد والاستعدادات له بل غاب مجرد التفكير بالفرح، فلا يأمن الأهالي ماذا سيحدث غداً، يقول الناشط أبو عمر: " ما أن يحل الظلام حتى يبدأ حظر تجوال طوعي فضلاً عن الإلزامي لتسمع ليلاً أصوات اشتباكات عنيفة وقريبة" في أجواء الحرب هذه تغيب فرحة العيد، ويبقى العيد محصوراً في نطاقه الديني والاجتماعي الضيق فهو يأتي عقب شهر الصيام.
وتزداد معاناة أهل منبج لأن الحصار والحرب في صورتهما الحالية أمران طارئان لم يألفهما الأهالي، حسين نازح من حي الحزاونة: " منذ بداية الثورة ومنبج مقصد للسوريين، أما الآن فأهالي منبج ينزحون ويشردون" وينتظر الأهالي الفرحة بانجلاء الأمور وانتهاء الحصار والخلاص.