أخبار الآن | دبي – الامارات العربية المتحدة – (مواقع)

 

قبل أعوام شرع الأسد بتطوير مخزون الأسلحة الكمائية لديه في مهمة شديدة السرية؛ لإنتاج كميات هائلة من غاز الخردل الذي هو سلاح من أيام الحرب العالمية الأولى، عبارة عن غاز حارق يتسبب بتقرحات للجلد

وذكر تقرير لمجلة فورين بولسي الامريكية ان يين عامي 2004 و2007 أنتجت سوريا حوالي 385 طناً مترياً من خردل الكبريت، وهي كمية تكفي لملء آلاف القنابل. لكن الأسد لم يعترف سوى ببناء 15 صاروخ سكود، قادرة على حمل 5-6 أطنان مترية من المادة الكيميائية، والنتيجة وجود فرق شاسع بين الرقمين ترك لدى مفتشي الأسلحة شكوكاً حول ما إذا كانت سوريا قد احتفظت باحتياطي ذخائر كيميائية لاستخدامها تكتيكياً دون الإفصاح عن وجودها.

وهذا الرأي هو ما توصل إليه تقرير شديد السرية مكون من 75 صفحة وضعته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية OPCW والذي حصلت مجلة فورين بوليسي الأميركية حصرياً على حق الاطلاع عليه حسب تقرير للمجلة نشرته الأربعاء 31 أغسطس/آب 2016.

ادعاءات الأسد أثارت المخاوف والحذر لدى الكثيرين، ففريق مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية OPCW عبروا بادئ الأمر عن تشككهم بمزاعم سوريا أنها لا تنوي تحميل رؤوس صواريخ سكود سوى بمادة خردل الكبريت، وكذلك تشكك معهم أفراد مؤسسة "فريق تقييم التصريحات" DAT، حيث أشار المفتشون إلى أن المادة الحارقة هذه "يكون حملها أفضل على رؤوس ذخائر تكتيكية أصغر نوعاً" مثل القذائف المدفعية، والصواريخ الحربية، لا عبر الصواريخ متوسطة المدى.
الأسد احتفظ بكميات من الأسلحة المحرمة
وذكر تقرير مؤسسة "فريق تقييم التصريحات" DAT أن "التضارب بين كمية خردل الكبريت المنتجة وبين القدرة الاستيعابية للذخائر المصممة لحمله ونقله قد يشير إلى أن بعض الذخائر و/أو وسائل تحميل خردل الكبريت لم يصرح عنها"

وفي اجتماع للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية OPCW عقد في يوليو/تموز قال كينيث وورد ممثلاً للولايات المتحدة "إننا نظل قلقين جداً من أن المواد الحربية الكيميائية والذخائر المقترنة بها والتي تخضع لعملية التصريح والإتلاف قد احتفظت بها سوريا بطرق غير قانونية".

ويدعي نظام الأسد أنه أتلف تقريباً كل ذخائره الكيميائية، حيث قالت سوريا إن الفرع 450 الذي هو فرع عسكري سري مسؤول عن تعبئة الذخائر الكيميائية قد أتلف الأغلبية العظمى من المخزون (البالغ 365 طناً مترياً من خردل الكبريت) في مايو/أيار 2012، أي قبل شهرين من اعتراف سوريا علناً لأول مرة بوجود برنامج سلاح كيماوي لديها.

أما الـ20 طناً مترياً المتبقية فقد تم إتلافها بإشراف الأمم المتحدة بموجب اتفاق بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقداه في سبتمبر/أيلول 2013 للتخلص من الأسلحة الكيميائية المتبقية في البلاد.
شكوك في الكميات المنتجة

منذ ذلك الحين أكد المفتشون الدوليون عبر أخذ عينات أن سوريا فعلاً أتلفت غاز الخردل في 4 مواقع، ولكن في غياب فريق دولي على الأرض لم تتمكن منظمة OPCW من التثبت على وجه الدقة من كميات خردل الكبريت المتلفة، ما ترك مساحة واسعة للشكوك في إمكانية احتفاظ البلاد بكميات من المادة تفوق تلك المصرح عنها.

كذلك لم تقدم سوريا أدلة كافية لدعم ادعاءاتها، ففي أبريل/نيسان 2014 أخطر نظام الأسد فريق مفتشي DAT بأنهم أتلفوا معظم الوثائق الأصلية المتعلقة ببرنامج أسلحتهم الكيميائي منعاً لوقوعها في أيدي مجموعات المعارضة المسلحة المناهضة للحكومة، وهكذا فإن غياب الوثائق الأصلية المتعلقة ببرنامج أسلحة سوريا الكيميائية "يشكل عقبة كبرى في تنسيق المعلومات التي قدمتها" حكومة الأسد، حسب ما كتبه المدير العام لمنظمة OPCW أحمد أوزومجو في الملخص السري.

لكن التناقض في مخزون سوريا لغاز الخردل ما هو إلا واحد من أكثر من دزينة خبايا وأسرار برنامج البلاد للأسلحة الكيميائية يلف الغموض تفاصيلها. فرغم أن منظمة OPCW أكدت إتلاف أكثر من 90% من برنامج سوريا الكيماوي ظلت هنالك تساؤلات جدية حول مزاعم دمشق أنها تخلصت من كل عتاد أسلحتها الكيميائية فضلاً عن مواد أولية أخرى مميتة مثل الريسين وغازات الأعصاب كالسارين و مادة VX والسومان حسب ما جاء في التقرير السري.

 

أقرأ أيضا:

كيف تصل ادوات تصنيع الكيماوي الى سوريا؟

الأنفاق تحت الأرض هي وسيلة نظام الأسد لنقل الأسلحة الكيماوية

تعرف على مهام فروع مركز البحوث العلمية في سوريا واسماء العاملين فيها

وأشار مفتشو الأسلحة الكيميائية إلى أنه ما لم يحدث تحسن كبير في التعاون السوري فلن يعرف أحد في العالم على وجه الحقيقة كم من المواد السامة والعصبية والحارقة أخفاها نظام الأسد. فقد جاء في ملخص من صفحتين ضمن تقرير DAT على لسان أوزومجو "لقد أُعمِلَ تواً وقتٌ وجهدٌ كبيران في حسم القضية العالقة المذكورة في هذا التقرير، وإن الاستمرار في هذا الجهد من دون تغيير في أسلوب الجمهورية العربية السورية لحل كل القضايا العالقة المتصلة بتصريحها هو أمرٌ لا يُرجَّح أن يؤتي نتائج ملموسة".

 

 اقرأ أيضا:

أبو عمار – ناجي من مجزرة الكيماوي والقائم على مقبرة زملكا

من يدير فعليا مركز البحوث العلمية في سوريا؟