أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – (الهيئة السورية للإعلام)
يعتبر التدخل السياسي الإيراني في الشأن السوري واحدا من أهم انجازات انقلاب الثامن من آذار الذي قام به حزب البعث عام 1963م لاستلام السلطة , والذي أنتج فيما بعد ما يسمى "بالحركة التصحيحة" وتسليم حافظ الأسد رئاسة سورية بعد انقلابه على نور الدين الأتاسي.
فبعد هذا الانقلابات بدأ المسار السوري الإيراني يشق طريقه وسط هذا الزحام على اعتبار أن حافظ الأسد هو شخصية علوية وليست سنية , وخاصة بعد اصدار موسى الصدر (عالم شيعي ايراني) فتوى عام 1973م تنص على أن العلوين جزء من الطائفة الشيعية, و سعيه الدؤوب لعقد اجتماع بين الأسد والخميني ( مفجر ما يسمى بالثورة الايرانية ضد حكم الشاه) عندما كان منفيا في العراق .
البداية المعلنة للعلاقة السورية – الايرانية
نتج عن هذا الاجتماع توافق بين الطرفين , حيث ذهب حافظ الأسد الى ضرورة دعم هذا الحليف المستقبلي بالمال والتدريب العسكري قبيل انطلاق ما يسمى بالثورة الايرانية 1979م , إضافة الى تقديم جوازات سفر دبلوماسية سورية للإيرانيين لسهولة التحرك, والتوسط لدى الحكومة الجزائرية آنذاك لاستقبال الخميني على أراضيها بعد طرده من العراق بقرار من الرئيس الراحل صدام حسين.
وبدأت العلاقات تتبلور أكثر فأكثر بعد سيطرة الخميني على حكم ايران و اطاحته حكم الشاه , فالوفود الايرانية اخذت تتهافت إلى دمشق ( بعد اعتراف حزب البعث السوري بالحكومة الجديدة) و كان على رأسها محمد حسين منتظري مؤسس الحرس الثوري الإيراني والذي عرف بمنظر العلاقات السورية – الايرانية ليتم بعدها بناء تحالف شيعي – علوي جديد حمل شعارات رنانة في "المقاومة والممانعة " ضد اسرائيل.
ولعل قرار حافظ الأسد بإنشاء سد البعث على نهر الفرات وما تبعه من توتر للعلاقات مع صدام حسين والذي كاد يصل الى حرب عسكرية بين الطرفين كان له بالغ الأثر في تعميق العلاقات السورية – الإيرانية وخاصة مع اندلاع حرب الخليج الأولى بين العراق وايران عام 1981م وما شهدته هذه الحرب من تواطئ لنظام الأسد مع حليفه الايراني من خلال اغلاق الحدود السورية العراقية وايقاف خط النفط كركوك – بانياس و تحويل مطار دمشق الدولي إلي مخزن أسلحة للمعدات الحربية الايرانية, حيث كانت إيران تحصل على الاسلحة في تلك الفترة باسم سوريا .
الغايات الأولية للتحالف
وفي الجانب الآخر استغل كلا الطرفين ( السوري والايراني ) التحالف لتمرير مخططاتهم الاستراتيجية, فالخميني وظف هذا التحالف لتوطيد العلاقات مع الفصائل الفلسطينية الرافضة للسلام مع اسرائيل آنذاك و زرع ايران في قلب الصراع العربي – الاسرائيلي وخاصة بعد تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية على أثر توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع اسرائيل .
كما استثمر النظام الإيراني الأراضي السورية كجسر عبور الى جنوب لبنان لإنشاء "حزب الله" على الحدود مع اسرائيل لزعزعة المنطقة من جهة و احياء العصبية الشيعية في لبنان من جهة أخرى.
وبالنسبة لحافظ الأسد فقد انتهج سياسات شيطانية للاستفادة من التحالف كان ابرزها تحول سوريا الى القناة الوحيدة للتحاور بين دول الخليج و ايران, واعادة نظام الأسد الى واجهة القوى بعد العزلة العربية اثر ابرام القاهرة لاتفاقية كامب ديفيد و اختلال موازين القوى لغير مصالح سوريا بالتزامن مع السيطرة المطلقة على القرار اللبناني.
المصيدة الإيرانية لحافظ الأسد
بعد تغلغل العلاقة بين دمشق وطهران و استباحة الاخيرة للأراضي السورية بحجج دعم حركات "المقاومة" في لبنان , بدأت الأطماع الايرانية تطفو على السطح من خلال ولادة حزب جديد في جنوب لبنان سمي "حزب الله" بحجة مقاومة الاحتلال الاسرائيلي , وكان السفير الايراني في دمشق محمد حسن اختري المشرف الأول عن بناء الحزب وتمويله وتدريبه ومده بالسلاح والعتاد بموافقة حافظ الأسد بغية تنفيذ الاجندة السياسية لإيران في المنطقة .
ولكن سرعان من اندلعت حرب شيعية – شيعية لأول مرة في لبنان بين حزب الله المدعوم ايرانيا و حركة امل المدعومة سوريا انتهت بانتصار حركة أمل, ما أسفر عن تجاذب للعلاقات السورية الايرانية بعد اكتشاف حافظ الأسد للأطماع الايرانية في المنطقة واستخدامه كأداة لتنفيذها .
وخلال هذه الفترة تعمد الأسد الاستجابة للمبادرة السعودية والتي تنص على توطيد العلاقة بين سوريا والأردن ( الحليف الأول للعراق في تلك الفترة) بعد ايقاف النظام الايراني للنفط عن سوريا على خلفية احداث لبنان, ما استدعى رضوخ الخميني للضغوط السورية واعادة ضخ النفط من جديد وتقديم بعض التنازلات على الساحة اللبنانية.
(تتابعون في الجزء الثاني من سلسلة التدخل الإيراني في سوريا – التدخل السياسي الايراني 1990-2000 وتولي خامنئي الحكم في إيران).