أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة (جمانة عيسى)
بعد أن سرق منه الضوء لسنوات بفعل قبيح جرائمه وتمادي إجرامه، تحاول القاعدة استعادة "وهجها" وحضورها على الساحة الدوليّة مستغلّة انهيار داعش السريع المتوالي من منطقة إلى أخرى.
فالتقرير الذي نشره مركز محاربة الإرهاب في ويست بوينت ووزّعته وكالة الصحافة الفرنسيّة، تحدّث عن وجود مؤشّرات تدلّ على أنّ حمزة بن لادن، ذا الثمانية والعشرين عاما، سيكون زعيم "القاعدة" بالوراثة للتنظيم الذي أسّسه والده.
ورأت الوكالة في ظهور حمزة بصورة مركّبة إلى جانب أبيه لمناسبة ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر بين برجي التجارة العالميّة في نيويورك، والتي نشرها التنظيم، دليلا على توريثه زعامة القاعدة .
وخلص التقرير إلى القول استنادا إلى آراء مسؤولين ومحلّلين إلى أنّ حمزة في الخطوات الأخيرة للوصول لقيادة "القاعدة" مستغلّا هزائم داعش الذي حاول أن يسحب البساط من تحت قدمي تنظيمه، وذلك بتوحيد مقاتلي الجهتين تحت رايته، خصوصا وأنه وسط انهيار داعش السريع سيحاول الكثير من عناصره البحث عن راية جديدة يتلطّون تحتها .
ويرى محلّلون في شؤون الجماعات الإرهابيّة أنّه جرى إعداد حمزة لتولّي دور قياديّ في التنظيم الذي أسّسه والده، حتى ذهب البعض إلى أنّ حمزة سيحاول ترسيخ فكرة أنّه الوريث الشرعيّ الأقوى للتنظيمين وهو ما ظهر جليّا بالرسالة المسجّلة في آب – أغسطس 2015 لزعيم القاعدة أيمن الظواهري – المتواري بما يثير التساؤل عن إمكانيّة موته – حين أعلن عن "ولادة أسد من عرين القاعدة".
كما ورأوا أنّ حمزة سيحاول بغية ترسيخ ذلك، العمل في رسائله لأتباعه وأنصاره و الشباب الجدد الذين يحاول ضمّهم إلى تنظيمه، أن "يعيد تكرار جمل كاملة حرفيّا استخدمها والده في ذروة صعود القاعدة ومحاولة تقليده باللفظ والأسلوب".
هذه الحالة التي دخلت بها القاعدة، يعزى إلى محاولة القاعديّين استغلال انهيار داعش الوشيك وفي المقلب الآخر إصعاد نجم زعيمهم الشاب المرتقب، سليل بن لادن، ليكون المثال الأوحد لإعادة تنظيم الصفوف وضمّ عناصر التنظيمات الأخرى المنهارة إلى صفوفه بما يرقى بالنسبة لهم ليكون حمزة بن أسامة بن لادن " الخيار الأمثل لتوحيد – ما يسمّونه – الحركة الجهاديّة العالميّة".
وتناول التقرير بفيض، الكيفيّة التي جرى فيها إعداد "حمزة" منذ صغره للسير على خطى والده الذي أنجب عشرين ابنا وابنة- حسب المعطيات الشخصيّة المتوفرة عنه – إلّا أنّ حمزة، وهو الخامس عشر بين أشقائه، من زوجته الثالثة، كان له نصيب الأسد في قلب والده، فقد كان ورغم صغر سنّه إلى جانبه في أفغانستان قبل الحادي عشر من أيلول – سبتمبر، حيث تعلّم استخدام السلاح وترديد الهتافات، حسبما بيّنت ذلك أشرطة فيديو نشرت على الانترنت.
وعقب هجمات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر 2001، انفصل حمزة عن أبيه برفقة نساء وأطفال مقرّبين، بناء على طلب أسامة ، فذهبوا بداية إلى جلال أباد ومنها انتقلوا إلى إيران التي وضعتهم في الإقامة الجبريّة لسنوات كما تفيد مصادر متعدّدة، إلّا أنّ هذا الابن ، وبحسب ما كشفته الرسائل التي وضعت اليد عليها في مخبأ بن لادن في أبوت أباد عام 2011 بعد مقتله، تفيد أنّ هذا الابن لم ينقطع عن والده وأنّه كان مصمّما على اقتفاء خطى والده من خلال تأكيده أنّ " معدنه صلب كالفولاذ" وأنّه ماض في طريق "النصر أو الشهادة".
والآن ، وفيما اعتبر تجييشا لعواطف أنصاره والتأكيد على ثباته وصلابته وقوّته، رصد تقرير مركز محاربة الإرهاب مواقف وردت في رسائل مسجّلة لحمزة أبّن فيها والده وتوعّد الولايات المتّحدة بالثأر ودعا إلى "الضرب من كابول إلى بغداد ومن غزّة إلى واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب"، ما كان بمثابة الشرارة الأولى الحقيقيّة التي لفتت نظر الخارجيّة الأميريكيّة فأدرجته على لائحة من تسمّيهم " الإرهابيّين الدوليّين".
ممّا تقدّم، قد يرى البعض أنّ الطريق أمام حمزة بن لادن معبّد لخلافة والده على زعامة تنظيم القاعدة، ولكنّ الحقيقة أنّ شكوكا كثيرة تحول دون ذلك وحروبا داخليّة تقاد في هذا المجال، إذا ما عرّجنا على آراء القاعديّين القلقين من رمزيّة حمزة بن أسامة، فهو الذي يملك اسم العائلة واللاعب الأساسيّ في بروباغندا التنظيم والشاب القويّ والصغير في السنّ نسبة لقيادات القاعدة الخمسينيّة كمتوسّط عام.
ولكن كلّ ما اجتمع في حمزة لا يحجب النظر عن داخل البيت التنظيميّ لهذه الجماعات، فإذا ما عدنا إلى سابقة اعتراض زعيم حركة طالبان الملا أختر منصور تولّي نجل الزعيم السابق للحركة الملا عمر قيادة الجماعة خلفا لوالده من باب التوريث، فإنّ عددا لا يستهان به من أركان القاعدة سيبنون على هذا الموقف على اعتبار أنّ هذه الجماعات من أب فكريّ واحد ، كما أنّ الجوّ السائد بين أوساط عناصر القاعدة ولا سيّما المقاتلين منهم، يشير إلى أنهم أكثر تأثّرا بمن قاتل معهم لعقود من السنين على الأرض أكثر من حمزة ورمزيّته .
اقرأ أيضا
شائعات موت الظواهري: هل تستطيع القاعدة إخفاء سر كهذا؟