أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة ( جمانة عيسى )
الشعور بالعزلة وخطره على صحة الإنسان النفسيّة وبالتالي الجسديّة هو من الأمور المستجدّة والملحّة التي ألهمت الحكومة البريطانيّة فكرة إنقاذ الملايين الذين يشعرون بالوحدة من مواطنيها، واعتبرته "أزمة وطنيّة" تحتاج تحرّكا عاجلا من خلال "وزارة العزلة" .
فقد أفاد آخر الإحصاءات أنّ تسعة ملايين بريطانيّ هم مرضى العزلة الاجتماعيّة التي تورثهم مشاكل أصعبها نفسيّ لأنّها قد تكون مستعصية وقد تؤدّي حتى إلى الوفاة، وجاء في تقديرات عامّة، أنّ نصف من هم في عمر الخامسة والسبعين وما فوق في بريطانيا يعيشون بمفردهم منعزلين من دون أن يسأل عنهم أحد لمدد تصل أحيانا إلى أسابيع!
هذا إن تحدّثنا عن كبار السنّ فقط، لكنّ المفاجأة تكمن في أنّ الشعور بالوحدة يؤثّر ايضا على عدد من الشباب، واكتُشف ذلك من خلال إحصاء لعدد المنازل التي يشغلها شخص واحد فقط إذ تضاعفت نسبتها خلال ست وثلاثين سنة من 1972 إلى 2008 ما يشرح أنّ هؤلاء الشباب نعم مستقلّون ماديّا أكثر من سابقيهم، ولكنّهم أكثر وحدة.
وعلى الصعيد الجسديّ فقد أفادت إحدى الدراسات التي أجريت عام 2017 إلى أنّ شعور الإنسان بالوحدة أضراره تساوي الأضرار الجسمانيّة لشخص يدخّن خمس عشرة سيجارة يوميّا! هذا في بريطانيا وحدها التي رأت دراسة أجريت عام 2014 في الاتّحاد الأوروبيّ أنّ البريطانيّين سيكونون أقلّ الناس معرفة بجيرانهم أو تكوينا لعلاقات صداقة قويّة ، ويبدو أنّ تضافر كلّ هذه التقارير دفع الحكومة البريطانيّة لدقّ ناقوس الخطر واستحداث وزارة من نوع جديد لم يسبق له مثيل في جميع أنحاء العالم، "وزارة العزلة"، في مسعى لدعم الروابط بين الناس، ومساعدتهم على القفز فوق الشعور بالوحدة القاتلة، وقد تبوّأت المنصب الأوّل فيها وزيرة الرياضة السابقة تريسي كرواتش، ذات الاثنتين والأربعين سنة، والتي أعلنت عن فخرها بقبول ما أسمته "التحدّي الممتدّ عبر أجيال" للتعامل مع هذه المشكلة التي عرّفت قانونا على أنّها شعور قوي بالفراغ والعزلة، وينتج عن التقدم في السن، أو المرض أو الفقر أو وفاة عزيز أو الانفصال عن الشريك.
يذكر أنّ قبرص وعندما تصدّرت مشهد هذه الأزمة على الجهة الأخرى من أوروبا، قد تكون أيضا أحد الأمثلة الذي يحتذى في بريطانيا وغيرها عندما لجأت إلى دعم تغيير أسلوب الحياة لمواطنيها من خلال جعله أكثر حميميّة والتصاقا بين المواطنين، هذه الوصفة التي يجب تكريسها عبر وزارة أو جمعية أو لجنة أو عمل فرديّ، كانت وستبقى الأفضل لبني البشر لتبقى الإنسانيّة فيما بينهم.
اقرأ أيضا: