أخبار الآن | جاسم محمد – باحث في قضايا الإرهاب والإستخبارات
إنعقد مؤتمر ميونخ للأمن، 2018، وسط طموحات وترقب الى الشخصيات التي تحضر هذا المؤتمر والى الجلسات والشخصيات والمخرجات التي ممكن ان يتوصل لها.
النظرة القاتمة الى هذا المؤتمر لم تكن فقط في شعار مؤتمر ميونخ " العالم يتجه نحو الهاوية ـ او العودة" بل تعدى الى خلاصة رئيس مؤتمر ميونخ فولغانغ إشينغير الذي قال في كلمته الختامية، ان المؤتمر كان منبر لتبادل الأتهامات، وربما عرض الازمات والصراعات الدولية، دون ان يصل الى حلول او مقترحات، ابرزها التنسيق والتعاون الدولي. فقد برزت بالفعل الاتهامات المتبادلة في خطابات الحضور، بلا حلول للأزمات العالمية.
شهد مؤتمر ميونخ مشاركة اكثر من 500 سياسي وخبير من جميع أنحاء العالم مناقشة النزاعات الكبرى والأزمات حول العالم، بينهم 21 رئيس دولة وحكومة، و75 وزير خارجية ودفاع.
وقال "فولفجانغ إيشنجر" انه تم السماع لما يجري في العالم بشكل خاطئ وللمخاطر القائمة ولما يرغب المرء في تجنبه. ولكنه أشار إلى أنه لم يتم الاستماع بشكل كاف لخطوات ملموسة يمكنها الإسهام في حدوث تحسن للآفاق المستقبلية القاتمة. واعتبر واعتبر أن أحد أسباب زيادة هذا الخطر في الوقت الحالي هو انعدام الثقة بين واشنطن وموسكو (..) انعدام الثقة أمر فظيع. أن انعدام الثقة بين القادة العسكريين في واشنطن وموسكو يمكن أن يؤدي إلى سوء فهم وسوء تقدير، ومن ثم اندلاع مواجهات عسكرية محتسبة.
وبالفعل أن انعدام الثقة بين القادة العسكريين في واشنطن وموسكو يمكن أن يؤدي إلى سوء فهم وسوء تقدير، ومن ثم اندلاع مواجهات عسكرية غير مرغوب فيها، وفقا الى قول "فولفجانغ إيشنجر".
الأمر ايضا تعدى الى الطريقة التي عرض بها الضيوف قضاياهم والتي وصفت بانها إستعراضية، احتل رجال السياسة فيه الاولوية اكثر من رجالالات الأمن كما كان يفترض. مؤتمر ميونخ ومخرجاته، يعكس حالة الترهل في المنظومة الامنية السياسية الدولية وكذلك نفس الشيء بالنسية الى منظومة الامن الدولي.
المؤتمر ربما كان موفقا بتشخيص المخاطر ابرزها:
ـ احتمالات حدوث مواجهة عسكرية بين قوى عظمى بسبب انعدام الثقة بين روسيا والولايات المتحدة، والمواجهة مرشحة ان تكون على الاراضي السورية. رغم ان الاستراتيجية الأمنية الوطنية الجديدة للولايات المتحدة ، الصادرة في ديسمبر 2017، تشير إلى أن الصين وروسيا هما" العدوان الرئيسيان" للولايات المتحدة، ومنافسيها في الوقت نفسه. ويعمل ترامب على تشديد النزاع في سائر المناطق، خصوصا في شرق آسيا وغربها، بغية مضاعفة وجودها العسكري من جهة، والحصول على مكاسب مالية من مبيعات السلاح. واحتلال الصين مركز أقرب إلى صدارة العالم لتكون قطبا اقتصاديا ثانيا وقوة عسكرية ثالثة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، مع تصاعد تهديدات حكومة تل ابيب الى الفلسطينيين والى دول الجوار، ابرزها لبنان وسوريا.
وفي سياق اخر، استطاعت موسكو أن تثبت نفسها كلاعب دولي في سوريا على خلاف المشروع الأمريكي، مما زادت حدة خلافها مع واشنطن، التي يمكن القول أنها تخوض حربا باردة مع موسكو.
وتمثّل الأزمة النووية الكورية والجهود الأمريكية لتوسيع وجودها العسكري في المنطقة، وخلق ائتلاف يضم اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا والهند لمواجهة زخم بكين في الساحة العالمية، كلها تحديات تواجه منطقة شرق آسيا واستقرارها.
ـ عدم وجود سياستي دفاع وخارجية مشتركة في اوروبا، امام تراجع حماية الناتو، امام تهديدات موسكو وتصاعد ازمة اوكرانيا، مع احتمالات تصاعد الانقسامات داخل اوروبا، بطريقة تعاملها مع تهديدات موسكو عند حدود شرق اوروبا، هذه الانقسامات تتمحور بخروج بريطانيا وابقاء دورها معلق امنيا داخل دول الاتحاد الاوروبي. الانقسامات بين غرب اوروبا وشرقها، اصلا متاصلة داخل هذا الاتحاد ولا تحتاج المزيد من القضايا. وسبق ان أكد الكثير من الساسة الأوروبيين على رغبتهم في تحقيق استقلالية عسكرية أكبر للاتحاد الأوروبي وذلك كرد فعل على سياسة الرئيس الأمريكي ترامب.
وارتفعت المطالبات في عام 2017، داخل الإتحاد الأوروبي بسياسة الدفاع الموحّدة. فوقع 23 بلدا عضوا وثيقة للتعاون الدفاعي تهدف لتعزيز التكامل الأوروبي في المجال العسكري، وقد أعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للإتحاد فيديريكا موغيريني في ختام توقيع الوثيقة أن الدول الأعضاء تعيش لحظة تاريخية للدفاع الأوروبي. وتعتبر موغيريني أن هذه الأداة الجديدة تسمح بزيادة تطوير قدرات الإتحاد الأوروبي العسكرية لتعزيز "استقلاليته الإستراتيجية."
المفوضية الأوروبية دعمت بحوث الدفاع الأوروبي و ميزانياتها، لتمنح فرصة خلق قوة أوروبية من اجل الامن والدفاع الاوروبي. وعلى هامش المؤتمر عقد رؤساء أجهزة المخابرات الألمانية BND والفرنسية DGSE والبريطانية M16 مؤتمراً صحفياً مشتركاً، خلص بالتعاون الامني مع بريطانيا حتى مابعد "البريكست".
ـ زعزعة ايران الى استقرار دول المنطقة ابرزها: سوريا والعراق ولبنان واليمن، وادارتها شبكات عمل من التنظيمات الإرهابية حول العالم، تنشط بشكل استخباراتي، لتمثل اذرع ايران في الخارج.
فطالما عرف اجتماع ميونخ للامن بأنه اجتماع تشاوريا، ومنتدى غير رسمي لمناقشة الامن العالمي في غضون ثلاث ايام فقط،، يحضره وزراء الدفاع والخارجية. وتكمن اهمية الاجتماع حضور لاعبي كبار في الشأن الدولي وملف الازمات الدولية والاقليمية بعد التحرر من الالتزامات الدبلوماسية وقيود البروتوكولات التقليدية.
ربما مؤتمر ميونخ هذا العام كان فرصة الى التقاء اصدقاء قدامى، كانوا لاعبي او صانعي السياسة، الى جانب اجتماعات وجلسات تعقد على هامش المؤتمر في اروقته، ربما تعمل على حلحلة بعض الملفات.
الأهم في هذا المؤتمر انه اعترف بفشل قادة العالم من ايجاد سياسات وحلول للصراعات الدولية، والتنبيه الى مخاطر تقود العالم الى حافة الهاوية.
للمزيد:
هل تؤدي مكافآت أمريكا المالية لإختراقات أمنية داخل حزب الله؟