أخبار الآن | مقال رأي لـ أوليفييه غويتا المدير الإداري لشركة جلوبال سترات
في كل مرة نعتقد فيها أن الأمور لا يمكن أن تزداد سوءًا في سوريا، فإنها تزداد سوءًا بالفعل. إن الآثار المترتبة على هذه الحرب العالمية، والتي سميت خطاً “بالحرب الأهلية”، قد تردد صداها في جميع أنحاء العالم لمدة سبع سنوات ابتدائأ بعدد الوفيات الهائل جداً، انتهاءاً بأعداد اللاجئين الفارين من مناطق النزاع، إضافة إلى كونها تعيد رسم رقعة الشطرنج الجيوسياسية بحيث يصبح الشرق الأوسط تحت ضغط كل من روسيا وتركيا.
السبب الرئيسي لهذا التدهور السريع للوضع في إدلب هو قرار الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من شمال سوريا في الوقت الذي كان فيه الأكراد يوشكون على تقرير مصيرهم، إلا أن الولايات المتحدة تركت المجال مفتوحًا لتركيا لذبح الأكراد ومواجهة نظام الأسد الدموي الذي تحميه روسيا.
الآن، ومع تكثيف تدخل تركيا العسكري ضد قوات الأسد في إدلب، فإن الغرب يواجه مأزقاً في تحديد مكانه وموقفه من هذه التطورات.
من ناحية، يشعر الغرب أن تركيا تفعل أمراً أخلاقياً بملاحقة الديكتاتور المتعطش للدم بشار الأسد، المسؤول عن أكثر من نصف مليون قتيل و 12 مليون مشرد. العديد من الخبراء والدبلوماسيين الغربيين أصبحوا من المساندين لتركيا التي ألحقت بالفعل الكثير من الأضرار بقوات الأسد. ينظر البعض إلى تركيا باعتبارها الأمل الوحيد لوقف المذبحة التي ارتكبها الأسد بمساعدة موسكو، والتي سمح الغرب بحدوثها منذ عام 2013.
من ناحية أخرى، إذا كان الغرب يقف إلى جانب تركيا – وهو حليف في الاسم فقط – فإن الناتو يساعد في تقدم إستراتيجية أردوغان الكبرى لاستعادة أو بناء إمبراطورية عثمانية جديدة. في الواقع، فإن تركيا سوف تكون الخاسر الأكبر إذا لم تسيطر على شمال سوريا، لأنها استثمرت الكثير من الموارد، واستخدمت كمية كبيرة من الأسلحة، وأمضت الكثير من الوقت هناك. على مدى السنوات القليلة الماضية، جعل أردوغان سوريا واحدة من أولويات سياسته الداخلية والخارجية، ويرجع ذلك في الغالب إلى الوجود الكبير للأكراد. نظرًا لأن الإمبراطورية العثمانية سيطرت على المنطقة لمدة 401 عامًا، فإن الشعب التركي لا يرى تركيا دولة غريبة في سوريا. لذلك من غير المستغرب أن تقوم الصحافة التركية بتبرير وجود الجيش التركي في مدينة عفرين بتكرار الأسطورة القائلة أن المدينة أسسها ضابط عثماني يدعى مصطفى ناميك. بالإضافة لذلك، تزُعم تركيا بأنها قامت بتجنيد وإعادة تدريب مقاتلي داعش (في الوقت الذي كانت علاقة تركيا وداعش جيدة ومريحة) لقيادة غزوها لجيب عفرين الكردي في شمال سوريا. الأهم من ذلك، دعم تركيا يعني بحكم الواقع مساعدة الجهاديين من تنظيم داعش والقاعدة. على سبيل المثال، هناك لواء جهادي فرنسي يقاتل في إدلب ضد قوات الأسد. بعض هؤلاء الجهاديين مدرجون في قائمة المطلوبين في فرنسا، إضافة إلى كونهم مدرجون في قائمة القتل غير الرسمية.
لذا، دعنا نلخص الأمر هنا: الغرب في الواقع يساعد عناصر من داعش لها يد في الهجمات ضد أوروبا مثل هجوم نوفمبر 2015 في باريس. الرئيس الفرنسي ماكرون أبعد ما يكون عن السذاجة بشأن أردوغان تركيا، حيث صرح قائلاً: “أنا آسف أن أقول، ليس لدينا نفس التعريف للإرهاب على الطاولة”. وأضاف قائلاً: “عندما أنظر إلى تركيا، فإنها تقاتل ضد كل الذين الذين ساندونا وقاتلوا معنا ضد داعش، وأحيانًا تركيا تعمل وتتعاون مع وكلاء داعش “.
في نهاية الأمر، هل يقوم الصديق الحقيقي بابتزاز حلفائه، مثلما يفعل أردوغان مع قضية اللاجئين؟ حيث بدأ يغمر أوروبا بعدد كبير من اللاجئين الذكور، علماً بأن أغلبهم من غير السوريين. لقد حظيت تركيا بمعاملة خاصة ومواتية للغاية من قبل الولايات المتحدة، ليس فقط تحت إدارة ترامب ولكن أيضًا منذ عام 2000. جميع الإدارات الأمريكية الحديثة، وصولاً إلى الرئيس كلينتون، كانوا يجاملون أردوغان. على النقيض من ذلك، كان ينبغي طرد تركيا من حلف الناتو منذ فترة من الزمن لوقوفها إلى جانب أعدائنا، وعدم السماح باستخدام قواعدها العسكرية، إضافة إلى تسريب المعلومات ومساعدة تنظيم داعش.
في الواقع، أصبحت تركيا تحت حكم أردوغان عدوًا رئيسيًا للغرب: بالإضافة إلى موقفها الجيوسياسي في إرسال الجهاديين السوريين حاليًا من قبل تركيا للقتال في ليبيا، فإنها تحاول أيضاً غلغلة المجتمعات الإسلامية في أوروبا من أجل زعزعة استقرار القارة بأكملها من الداخل. في حين كان ينبغي التعامل مع الأسد قبل سبع سنوات، فإن دعم أردوغان ليس هو الحل المناسب لفعل ذلك الآن. المقولة الشهيرة في الشرق الأوسط “عدو عدوي يعتبر صديقي” يجب ألا تطبق هنا.
جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس موقف وموقع أخبار الآن
المزيد:
خطر تحالف القاعدة وداعش على الساحل الأفريقي وتداعيات افساح الساحة لهما