ترتكز معظم الأحداث التي تجري في اليمن، سابقا وحاليا، على شخصية سياسية عسكرية محورية، كانت من مؤسسي حزب المؤتمر الشعبي العام سنة 1980م وكان الرجل الثاني في اليمن بعد علي عبد الله صالح، لكنه أصبح أيضا علامة فارقة في الإحتجاجات اليمنية الشعبية في العام 2011، فترأس آنذاك هيئة أنصار الثورة، ولكن تدمير “الفرقة الأولى مدرع”، التي أسسها، على يد جماعة الحوثيين الإرهابية المدعومة من إيران، والتي تمخض عنها إحتلال صنعاء، وتعيينه بعد ذلك في منصب رفيع، جعل السؤال، عن دوره في الأحداث الحالية، بين الشمال والجنوب وكذلك بين الشرعية والحوثية، وعلاقة ذلك كله بالتحالف العربي، يبدو السؤال الأهم، الذي يمكن في ضوء إجابته، فهم اللغز اليمني الشائك.
بداية فإن الرجل اللغز، يمتلك أسرار ومفاتيح المعلومات والخطط في اليمن، منذ أصبح الرجل القوي فيها، إبان حكم علي عبدالله صالح، وحاليا وعلى الأرض، وكما نقرأ في التصريحات والتلميحات والأخبار والتحليلات، فإنه يستند على شبكة علاقات يمنية داخلية واسعة، مع القادة العسكريين، ومع شيوخ القبائل، ومع حزب التجمع الوطني للإصلاح، الذراع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين، كما أنه وحسب ما هو معروف عنه، يمتلك علاقات مع دول الخليج العربي، ومن ضمنها قطر، ولكن تعيينه في المنصب الرفيع، الذي كان يهدف في الأساسا إلى حسم المعارك الشمالية مع الحوثية، حقق في البداية تقدما، لكنه سجل مؤخرا تراجعا هائلا شوهد في سقوط عدة جبهات كان أخرها الجوف اليمنية.
الرجل اللغز القوي في اليمن، ومن وجهة نظري، كان أحد العقبات المهمة في توقيع إتفاق الرياض، الذي تابعته شخصيا، منذ دعوة المملكة السعودية الكريمة للحوار في جدة، لكن ذلك لا يظهر للعلن، ما يظهر أن جماعة الإخوان المسلمين، وحين شاهدوا تقدم المجلس الإنتقالي الجنوبي، للمطالبة بحل الدولتين، الشمالية والجنوبية، وإثر الإجماع الجنوبي على الإنفصال، على حدود العام 1990، تركوا الجبهات مع الحوثية، وأداروا فوهات بنادقهم نحو الجنوب، ونحو المزيد من التعقيد..!
الرجل اللغز ، ابن صنعاء، والذي ولد في سنحان، ويبلغ من العمر الآن ما يقرب 75 عاما، كان أشد المدافعين عن الوحدة اليمنية بين شطريها، بل قاد معارك ضاربة، في العام 1994، حين فشلت تلك الوحدة، حين قرر الجنوبيون الإنفصال، ويبدو أن تلك المعركة، في عقل وقلب الرجل العجوز لم تنته بعد، وأنها ما زالت مستمرة، تصارع خططه وأحلامه، وأقلها، أن يصبح يوما الرئيس اليمني، على الشمال والجنوب.
لم أذكر إسم الرجل اللغز، لأن الجميع يعرفه، ومن لا يعرفه لا يعرف شيئا عن اليمن، ولكن السؤال الآخر الذي يطرح نفسه بقوة الآن، هل وجود الرجل اللغز، خلال السنوات الست الماضية، هو السبب الرئيسي لاستمرار الإنقلاب الحوثي، وعودة التصعيد بين الشمال والجنوب إلى أوجه، وزيادة مساحة التعقيد السياسي والإقتصادي والعسكري والإنساني في اليمن؟ فإذا كان الجواب لا، فذلك يعني أنه ليس الرجل القوي، كما يظن الجميع، وإذا كان نعم، فعليه أن يترجل، وأن يتقاعد في مكان هادىء، ويترك عنه تلك الأحلام، التي دفع اليمنيون، شمالا وجنوبا، دماء كثيرة، ثمنا لها، والتي سالت على الأرض اليمنية، طيلة 30 عاما..!
تنويه: جميع الآراء الواردة في زاوية مقالات الرأي على موقع أخبار الآن تعبر عن رأي أصحابها ولا تعكس موقف وموقع أخبار الآن
مصدر الصورة: (Photo by Marco Di Lauro/Getty Images)