العراقيون ينتظرون انتخابات “شكلية” جديدة
شهر يفصلنا عن الانتخابات العراقية شبه المبكرة التي تستعد لها الأحزاب والكتل السياسية؛ وظل الشعب يستعد ويحلم بمقاطعتها ستة عشر عاما، لأن الانتخابات مثلما يصفوها “شكلية” والمقاعد مقسمة والخدمات ذاتها لم تتحسن.
الطبقة السياسية في العراق تختلف عن كل السياسيين حول العالم، لهم جمهور خاص بهم مطيع وثابت رغم كل شيء، ناهيك عن الولاء والطاعة، بدلا من الولاء للوطن، وتضمن كل انتخابات ما نسبته ثلاثين في المئة من أصواتهم، ومهما حدث في الانتخابات الحصة مضمونة.
المواطن البريء لم ينتظر وبعد التصويت لم ينتظر أو يتحمس لنتائج الانتخابات لأنه بعرف ما يحدث، وقد تٌذكر أمامه بالصدفة أو عندما يحين الليل ويهرب من الحياة ومشاغلها يتصفح مواقع التواصل ويتعرف على النتائج ومعها تحليلات المحللين وغير المحللين.. والنتيجة واحدة.
هذا بصورة عامة حال العراقيين قبل الانتخابات، السياسيون في هذه الأثناء منشغلين بإفشال بعضهم البعض والصراع فيما بينهم من أجل الظفر برئاسة الحكومة أو كرسي برلماني، أما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي أعلن انسحابه وسائرون وكل من يتبعه من الانتخابات لأنها على حد قوله لا تمثل الشعب ولم تحقق شيئا “علما أن نصف الحكومة من الصدريين” لكن أتباع الصدر لا يرون ذلك فهم يسيرون من مبدأ “طيع ونفذ”.
الصدر عاد ليغير أقواله ورأيه معلنا عودته للانتخابات، ولم تكن العودة من محض الصدفة بل جاءت بعد أن زار نده زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وظهر اتفاق بين الحزبين، وهنا شعر الصدر أن السجادة سحبت من تحت قدميه ولم يتبق له شيء والمالكي قد يعود إلى كرسي الرئاسة، ليعود الصدر بكلامه ويقول إنه سيشارك بالانتخابات بل ويطلب الدعم من أنصاره، الذين بدأ يفقدهم مؤخرا لفقدانهم الثقة به.
إجبار على التصويت يعني “تصوت غصبا عنك وإلا ” مصادر خاصة أفادت أن الحشد العشائري يلعب الآن دورا في هذه الانتخابات وقد تمت إحالة أمراء حشود عشائرية إلى التحقيق بسبب إجبارهم منتسبين تحت إمرتهم على جمع أصوات لمرشحين في الانتخابات، “محمد” هو أسم مستعار، منتسب في الحشد العشائري في ناحية القيارة ، يقول إن آمر الحشد الذي انتسب إليه عام 2016، هدده بالفصل إذا لم يجمع له أصوات خمسة أشخاص من أقربائه على الأقلّ ليترشح في الانتخابات البرلمانية.
محمد ذكر أن قادة الحشود العشائرية يضغطون على المنتسبين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لانتخابهم أو انتخاب مرشحين آخرين قريبين منهم: مؤكدا أن لا خيار أمامهم إما انتخابهم بقناعة أو تملقاً أو مكرهين”. ويتابع مستهزءاً: “أي انتخابات هذه؟ وقادة الفصائل المسلحة يرشحون أنفسهم ويجبرونك على التصويت لهم.. بأي قانون ومنطق يسمح لهؤلاء بالترشح؟ كل الأمور تجري بترتيبات مسبقة، والحكومة لا ترى ولا تسمع وتقول انها ستضمن نزاهة الانتخابات”.
الحملات الانتخابية ومنذ أسابيع اقتصرت على لافتات بعض المرشحين التي توضع نهارا وتمزق ليلا من قبل مجهولين وسط تشكيك أغلب الناخبين من جدوى اللجوء إلى صناديق الاقتراع لتغيير واقع البلاد في ظل انتشار السلاح والمليشيات واستغلال إمكانات الدولة من قبل القوى النافذة.
لا تقتصر الضغوط والإغراءات لشراء البطاقات الانتخابية على المناطق المحررة وفي الأجهزة الأمنية، ففي جنوب البلاد أيضاً يسعى مرشحون للحصول على تلك البطاقات وضمان أصواتها لمصلحتهم عبر توزيع “هدايا” وأموال.
مفوضية الانتخابات التي فقدت إيضا مصداقيتها في العراق بعد عمليات التزوير وبيع الأصوات، كشفت عن تفاصيل مدونة السلوك الانتخابي، للقوى السياسية والتي تتضمن الالتزام بقواعد وشروط الحملات الانتخابية، وقواعد تنظيمية للعملية الانتخابية حتى لا يتجاوز ناخب على آخر وشروط الأحكام الجزائية للمخالفين بالإضافة إلى احترام نتائج الانتخابات كون العملية الانتخابية ستمتاز بنزاهتها وشفافيتها وتكون مرضية للجميع، بحسب ما تدعي المفوضية.
وبينما يتحضر السياسيون لتولي مناصب، تأتي دعوات على مواقع التواصل من قبل ناشطين لمقاطعة الانتخابات، شعبيا هي دعوة أريد منها إحراج الكتل السياسية الكبيرة، وسحب الشرعية عن العملية الانتخابية، لأن الناس أصبحت تعيش في يأس من التغيير.
الأمم المتحدة حذرت، من مقاطعة الانتخابات، جنين بلاسخارات” مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى العراق والتي أصبحت جزءا من لعبة السياسيين بحسب ما يصفها العراقيون خاصة بعد أن ظهرت في لقاءات عدة مع قادة الميليشيات، أكدت أن الأمم المتحدة تدعم إجراء انتخابات ذات مصداقية عالية، ونشيد بالتزام وجدية الحكومة العراقية بإجراء الانتخابات في موعدها المحدد.
ومن المقرر أن تجري الانتخابات العراقية في العاشر من أكتوبر المقبل، وفقا للموعد الذي حدده رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي.