الأميرة مريم.. على مر العصور كانت النساء ضحية الحروب والصراعات
في العراق لم يكن الامر مختلف لكنه كان الأسوأ وباتت المرأة العراقية ضحية حروب مر بها العراق على مدى سنوات طويلة وفساد ينخر مؤسساته والأكثر سوءا أصبحن ضحية لمجتمع اختلفت موازينه والآن هن ضحية صراع سياسي تتصاعد وتيرته يوم بعد آخر.
نساء العراق ومنذ نحو تسعة عشر عاما لا سند لهن ولا معتصم، يقبعن بين تشرد ونزوح ويُتمُ وفراق وجيش من الأرامل.
الشابة مريم او مثلما أطلق عليها على مواقع التواصل “الأميرة مريم” التي عبرت قصتها حدود العراق، لم تكن جريمة تشويه وجهها البريء فقط، بل جريمة مجتمع يعاني من تداعيات عدم استقرار منذ سنين عدة، قضية الاميرة مريم التي شوه وجهها الجميل “الاسيد” خلال لحظة حقد من رجل نسي معنى الرحمة وتجاوزت قسوته كل معاني الإنسانية. استنكار محلي وخارجي وتعاطف وحملات تضامن مع قرار بتسفيرها الى خارج العراق لعلاجها طالبة معهد الفنون بجامعة بغداد “مريم الركابي” رفضت الزواج من أحد الاشخاص مرت سبعة اشهر على الحادثة ولم يتم القبض على الفاعل، تقول والدة مريم ان شخصا ملثما التقطت صورته كاميرات المراقبة وهو يسير في الشارع ومعه حقيبة و”عصا” دخل الى منزلهم ورمى بمادة الاسيد على وجه مريم لتستيقظ مريم من نومها مفزوعة.
هرع ابناء عشيرة مريم غاضبين امام منزلها مرددين هتافات بالقصاص من الفاعل ومطالبين باهتمام القضاء بالقضية ومعاقبته قانونيا، الجريمة لم تقف عند هذا الحد والد مريم تسلم تهديدات من مجهولين لغلق ملف القضية والا سيتعرض للقتل. والدها ناشد، رئيس مجلس القضاء فائق زيدان النظر في القضية بجدية.
اما وسم (#أنقذوا_الاميرة_مريم) فقد تصدر موقع “توتير” وطالب المغردون فيه بمحاسبة المسؤول عن هذه الجريمة.
وهنا يجب ان نذكر حكومتنا الموقرة بدور القانون حسب ما جاء به المشرع العراقي حيث تنص المادتين ٣٩٦ و٣٩٧ من قانون العقوبات العراقي رقم (١١١) لعام (١٩٦٩) حيث تضمنت المادة (٣٩٦) على أنه:
أولا: يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس من اعتدى بالقوة، أو التهديد، أو بالحيلة أو بأي وجه أخر من أوجه عدم الرضا على عرض شخص ذكرا أو أنثى أو شرع في ذلك.
ثانيا: فإذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة او كان مرتكبها ممن اشير إليهم في الفقرة (٢) من المادة ٣٩٣ تكون
العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنين))، كما نصت المادة (٣٩٧) على انه ((يعاقب بالحبس من اعتدى بغير قوة او تهديد او حيلة على
عرض شخص ذكراً او انثى لم يتم الثامنة عشرة من عمره فاذا كان مرتكب الجريمة ممن اشير إليهم في الفقرة (٢) من المادة (٣٩٣) تكن العقوبة السجن مدة لا تزيده على سبع سنوات أو بالحبس)). نلاحظ هنا أن ظاهرة التحرش لم تذكر بنص قانوني واضح وصريح لتكون رادع قوي لمرتكبيها.
وذكر لعل الذكرى تنفع
مريم ليست الضحية الأولى هناك الالاف من مريم، فقصص العنف والاستبداد التي يتعرض لها النساء العراقيات، هزت جبين الإنسانية لكنها لم تحرك مشاعر السياسيين العراقيين الذين لا يزالون وحتى هذه اللحظة يتصارعون من اجل المناصب تاركين جيوش من الارامل والمتعففات بدون حلول جذرية ولم يسعوا لتشريع قوانين تحمي المرأة من العنف.
ما تعانيه المرأة العراقية من مآسي وأعباء اثقلت كاهلها وما تقاسيه من جراحات غائرة ، وما تكابده اليوم وكل يوم يندرج ضمن أزمة مجتمع هزيل تضاءلت فيه الإنسانية وطغى عليه الانتقام ،وهذا ما تعكسه ارتفاع الاعداد في حالات الانتحار ليسجل عام ٢٠٢٠ نحو ٣٧٥ حالة انتحار لدى النساء فيما اختلفت طرق الانتحار بين الشنق واطلاق الرصاص او تناول السم او الغرق وكانت اغلبها لأسباب مجتمعية، عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي أعلن عن ارقام حالات العنف ضد المرأة التي تم تسجيلها مشيرا الى ان عام ٢٠٢٠ سجل ٣٠٠٦ حالة عنف.
اما اعداد الارامل فقد تضاربت الأرقام لكثرتهن وتراوحت بين مليون ونصف المليون امرأة الى ثمانية ملايين، اما الأمم المتحدة فقد وقفت في الوسط معلنة عن وجود ثلاثة ملايين ارملة عراقية.
أحيانا ارفض الكتابة عن المرأة واتحدث عن مظلوميتها، لأنني أفضل ان تظهر المرأة العراقية دائما، تلك المرأة القوية التي تحملت ظروف الحصار والحروب وظلت صامدة لكن بعض المواقف تجبرنا ان نكشف المستور، ونطالب بحقوقهن العادلة في مجتمع ذكوري عشائري لا يعترف بحقوقهن.